تزامناً مع الهجمات بالأحكام القضائية والمسيرات والصواريخ متعددة الأنواع على كوردستان، أصبح واضحاً أن هناك جهات كشفت عن عزمها فرض معادلة جديدة خارج إطار القانون والشرعيات الدستورية،
ومعاقبة جزء مهم وفعال من المجتمع الكوردستاني، وفرض نوع من العزلة الشديدة عليه وعلى حكومة الإقليم، واشعال صراعات داخلية شاملة يمكن التكهن ببداياتها، ويصعب التنبؤ بنهايتها.
تلك الجهات إستغلت الانتخابات المؤجلة المزمع إجراؤها في وقت لاحق من العام الحالي في إقليم كوردستان، لتفرض ما تريد عبر قرارات المحكمة التي تسمى بالفدرالية، وخلقت بيئة سياسية مشحونة بأزمات ولا تبشر بخير، ولاتسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأوصلت العلاقات بين الكوردستانيين إلى مرحلة كسر العظم التي قد تعصف بأساس العملية السياسية في كوردستان والعراق والإنتخابات التي نترقبها.
في المقابل حاول هذا الجزء الفعال، وأعني (البارتي ) الذي فاز بالمرتبة الاولى خلال جميع الانتخابات التي جرت منذ إنتفاضة آذار 1991، قام بدوره وإستعرض جزءاً من قدراته وإمكانياته، وإستعد لأداء مهمته الوطنية، وإبتعد قدر الامكان عن التصعيد، وترجم مواقفه من خلال ضبط النفس وإيجاد آلية تسهم في تقليل التوترات، ولكنه وجه رسائل صارمة الى الأطراف المعنية يعرب فيها عن رفضه المعادلة الجديدة التي تحمل نوايا غير سليمة وتفسيرات متعددة. وأعرب فيها أن الإنتخابات حقٌ شعبي وخطوة صحيحة نحو ديمقراطية حقيقية وفرصة للحفاظ على الاستقرار والأمن على المستوى الداخلي، وإسهام فعّال في تطوّر الديموقراطيّة، ولكنّه أكد : (إذا جرت) الإنتخابات بصورة غير حرة وغير شفافة وغير نزيهة، سواء بمكرمة من هذا الصديق الذي يضحك علينا ويتدخل في شؤوننا ويعبث في مصيرنا، أو مِنَّة من ذاك المعادي الذي يضر بنا ويتآمر علينا لأسبابه السياسية ودوافعه الخاصة، ستنقلب باتجاه دعم اللاشرعيّة وتقوّض الثقة بالعمليّة السياسيّة، خاصة وأن بعض القوى السياسية الكوردستانية المستخفة بحقوق الكوردستانيين تسيء تقدير المواقف بتصريحات صاخبة وتعتقد أنها من خلال تنظيمها بصيغة مبرمجة من الخارج وبتمويل خارجي، ستستعيد قوّتها التي خسرتها بسبب سياساتها الخاطئة والصراعات القائمة بين أجنحتها، وستصبح أكثر قدرة على التحشيد والمواجهة على الساحة السياسية وستتمكن من إدامة وجودها لسنوات قادمة، وإستغلال مقاعدها البرلمانية من أجل استحصال مناصب وزاريّة وأمنيّة داخل هيكليّة حكومة الإقليم القادمة والظفر بالغنائم.
كما أكد في بيان واضح وصريح للرأى العام الكوردستاني أن هذا التقدير الخاطئ من الأساس، والفاشل في قراءة الواقع وما يشعر به الكوردستانيون.، سيوسع الفجوات ويفتح الأبواب أمام أحداث سريعة وحاسمة لايمكن السيطرة عليها وستكون احتمالات الانزلاق نحو المجهول الخطير الصادم والقاسي، غير مستبعدة.
أما سياسيًّا، فقد دفع إستهداف البارتي وحكومة الإقليم من قبل الشوفينيين والنطيحة والمتردية والطابور الخامس السياسي والإعلامي، دفعة هائلة للبارتي والرئيس مسعود بارزاني ليطلع بدوره في كشف الأوراق المستتر عليها ووضع الشعب الكوردستاني أمام الحقائق من جهة، والعمل في سبيل نبذ وإنهاء الخلافات والدعوة للتقارب بين الفرقاء السياسيين وتأجيل الإنتخابات المؤجلة. خاصة وأن الجميع على يقين بأن (أي البارتي) لا يلعب ولا يضيع وقته في المهاترات السياسية ولا يغامر بمصداقيته، ولا يسمح لأحدٍ أن يعبث بحقوق مكونات شعب كوردستان ويهدد مستقبلهم ويتطاول على دوره، فهو كما عهدناه منذ تأسيسه جادٌ في ممارسة حقوقه وأخذ دوره الوطني والقومي، ويريد أن تكون له كلمته الفاصلة وصوته المؤثر، وهو جادٌ في المشاركة في إنتخابات نزيه، و مازال يعول كثيراً، على وحدة الكلمة واتفاق الأحزاب الكوردستانية، وانتهاء الانقسام والعمل بصورة طبيعية لخدمة الشعب الكوردستاني، وتجديد الشرعيات عبر إنتخاب برلمان رشيد حكيم مخلص، يتصدى للخطوب ويواجه التحديات، ويقود سفينة القضية الكوردستانية نحو بر الأمان.