أولاً:
المطلب التالي (أراضي مستعمرات الغمريين) تحديداً، في حكم جميعنا، من الشعب إلى أطراف الحراك الكوردي إلى الإدارة الذاتية، نقدمه للتاريخ فيما لو أرشف كقضية إعجازية، أو نقوم بمعالجتها، لحلها، أو إبقاءها حية كقضية قومية ووطنية.
فمثلما هو مطلوب من جميع أطراف حراكنا الكوردي، واجب على كل سوري وطني غيور، العمل عليه، لتصحيح الجريمة الوطنية قبل أن تكون قومية، حتى ولو أنها تمت بحق الشعب الكوردي من أبناء الجزيرة وأرضه التاريخي، لكنها جريمة متشعبة الأطراف، أثرت من حيث العامل الديمغرافي والنفسي على الغمريين ذاتهم، العملية التي استمرت طوال النصف الثاني من القرن الماضي.
فمثلما أدرج من قبل الأنظمة المتعاقبة، من الوحدة المصرية السورية، فصاعداً، وبشكل خاص النظام البعثي الأسدي مواجهة عمليات الاستيلاء على أرض كوردستان، تحرك عنصري، وخيانة وطنية، فإن مسيرة السكوت عليها حالياً، وعدم المطالبة بها، أو حلها، جريمة لن يغفرها التاريخ والأجيال القادمة، لأنها أثرت ليس فقط على الشعوب السورية بل وعلى الأطراف أيضا، قد تترسخ مع الزمن، وتدرج ضمن جدليات الحق وعدمه، وتتوسع على أثرها المواقف السياسية، والتقسيمات الجغرافية الديمغرافية الخاطئة، والدراسات التاريخية المشوهة، كالتي تشكك اليوم في كوردستانية الجزيرة، فبدون الوقوف على ما سنقدمه؛ ستقف الأجيال القادمة أمام قضايا أعمق مما نحن فيه الأن، ومواجهات أبشع مع الموجات العنصرية العروبية الحالية.
ننوه إلى أننا نرى، وحسب الظروف الحالية، أن الإدارة الذاتية أصبحت واقع لا بديل لها حتى اللحظة، أي كانت العوامل الداعمة، لا يهمنا إن جاء البعض وباع وطنياتهم على ساحتنا أو في الشارع الكوردي، لكننا ومن باب الحرص على شعبنا المتبقي، والمنطقة، لا بد من حث مسؤوليها المتنفذين والشخصيات البارزة على شاشات الإعلام، تكرارا ما كتبناه سابقا على حلقات، حول هذه القضية والتي ستلحقها، وإعادة مضامين ورسائل وانتقادات بعض الإخوة من الحراك الثقافي، أو المطالب الصادرة بشكل يومي من الشارع الكوردي.
نقدمها كرسائل مفتوحة؛ قابلة للحوار والمراجعة، بغض النظر عن الخلاف والاختلاف بيننا على الكثير من القضايا والمفاهيم.
جل القضايا تتعلق بتحسين حياة المجتمع، والعمل بشكل أدق لإنقاذ الشعب من الكوارث والمآسي اليومية، ومنها لأجل تغيير المواقف، في الداخل، والعلاقات الدولية، ومع الشعب والحراك الكوردي، والوقوف على أخطاء ونواقص الإدارة ومسؤوليها، خاصة تلك التي كثيرا ما يركز عليها الشارع الكوردي، وإيقاف بعد الأعمال الكارثية والمضرة بعامة الشعب وقادم المنطقة، علما أن معظم مما سنذكره، تم تكراره من قبل المجتمع والحراك الثقافي، لكن إعادة التذكير بها تنفع ولا تضر.
القضية هذه:
هي بداية للإصلاح الديمغرافي، الكارثة التي خلفها الحرب في سوريا عامة، ومن ضمنها المناطق الكوردية، والهجرة التي سببتها قوات الـ ب ي د بأساليب تعاملها، وإدارتها للمنطقة، في السنوات الأولى التي استلمت فيها السلطة من نظام دمشق، إلى جانب الشكوك في مدى ارتباطنا كشعب كوردي بوطننا وأرضنا في الواقع العملي المتعارض كثيرا مع الطروحات النظرية، ومدى تفضلينا حياة الرخاء على المواجهة، فكما نعلم أن أغلبية قادة الحراك الكوردي كانوا في مقدمة من هربوا من الوطن، تحت حجج ومبررات أغلبيتها ضحلة.
القضية يجب تناولها كالتالي:
1- إبطال كافة المراسيم الجمهورية، والقوانين الاستثنائية المتعلقة بالأراضي الزراعية، في غرب كوردستان، التي أصدرتها ونفذتها الأنظمة العربية العنصرية السابقة، بدءا من عام 1958 سنة الوحدة وتطبيق الإصلاح الزراعي، مروراً بسنة 1962 أي عام الإحصاء العبثي، وتركيزا على بداية السبعينات؛ سنوات بناء مستعمرات الغمريين، إلى عام 2011م.
2- الاستيلاء على الأراضي التي تم اقتطاعها من ملكية الشعب الكوري، وتوزيعها على العائلات العربية (الغمريين، وقبلهم الذين جلبتهم سلطة الوحدة إلى منطقة دجلة) وإعادة توزيعها على الفلاحين، في القرى الكوردية، الذين جردوا من الملكية، والعائلات الراغبة في العودة من الهجرة.
3- أو ربما كبداية، اقتطاع نصف ملكية كل عائلة غمريه، فكما نعلم أن متوسط ما ملك للعائلة الغمرية، بلغت 50 هكتارا، في الوقت الذي لم يتجاوز سقف مليكة الفلاح الكوردي 25هكتاراً في أفضل حالاتها، فعلى سبيل المثال، تم الاستيلاء عام 1986م على 200 هكتار من قريتنا تل نصران، وملكت لأربع عائلات غمريه. أي بكلام أخر، تخفيض سقف ملكيتهم إلى النصف المعطى لهم سابقا، أي اقتطاع نصف أراضي كل مستعمرة غمريه، وإعادة توزيعها على الفلاحين الكورد، وبها سيتم تثبيت حق الملكية الكوردستانية على ما تم الاستيلاء عليه.
4- تسهيل عودة العائلات الكوردية المهاجرة ومساعدتهم ماديا وفي السكن، وخاصة المقيمين ضمن المخيمات في جنوب كوردستان.
لقد تمت عمليات مشابهة لها في مناطق كانت قد عربت ضمن جنوب كوردستان، وأدرجت تحت قانون رقم (140) بعد إسقاط نظام صدام حسين وكتابة الدستور الجديد، منها: مناطق كركوك، وشنكال، وحينها وقعت حكومة الإقليم في خطأ رهيب عندما سمحت في تسميتها بالمناطق المتنازعة عليها، تحت هذه الصفة عرضت كوردستانيتها إلى الشكوك، وبشائع صدام حسين قابلة للحوار، علما أن عملية إعادة التطبيع نفذ منه الكثير، وتم إرجاع مساحات واسعة من الأراضي إلى أصحابها الأصليين.
فالصمت الجاري من قبل الحراك الكوردي، والإدارة الذاتية، وتحت حجج عدم إثارة القلائل، والصراعات ومواجهة المكون العربي والسلطة، سكوت على جريمة وطنية، وترسيخ لمسيرة التغيير الديمغرافي، وبالتالي ضياع للعدالة، وتثبيت للجريمة الإنسانية التي تمت بحق القبائل العربية التي اقتلعت من موطنها وهجرت إلى كوردستان.
عدم المحاولة، هل ضعف من الإدارة الذاتية؛ وهي دون سوية القدرة على القيام بمثل هذا العمل، أم أنها مبنية على اتفاقية مسبقة مع النظام عند تسليم المنطقة لقوات الـ ي ب ك. لكن اليوم تغيرت المعادلة، وفي ظرف غياب السلطة المركزية، يجب تطبيق العدالة ليس من باب الحقد أو العنصرية، بل تحت حكم القوانين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، لأن العملية من أصلها كانت خطة خبيثة من قبل سلطة شمولية ساعدتها على ترسيخ مركزها، وهي لا تزال ترى أن الدفاع عن جريمتها خدعة سياسية لاستمالة الشارع العربي لصالحها.
ولا تعني هذا حث الغمريين على ترك قراهم وبيوتهم، أو إجبارهم العودة إلى مناطقهم الأصلية، خاصة في ظروف الحرب المأساوية الجارية.
ملاحظة:
إضافة لما تم في قريتنا تل نصران، والتي تعتبر خير مثال لما جرى في كل غرب كوردستان، من قبل نظام البعث-الأسد، عن طريق المربعات الأمنية. فبعد عملية الاستيلاء، واعتراض الوالد، بتهديد كل من يقترب من الأرض، تم استدعاء الوالد، من قبل محافظ الحسكة، ونقل بسيارة خاصة من قبل مدير الناحية إلى الحسكة، كان في المجلس محمد منصورة رئيس الفرع العسكري والمحافظ مصطفى ميرو، وسؤل فيما إذا كان يعارض قرار رئيس الجمهورية، كان جواب الوالد أن القرار ليس رئاسي، ويعترض لأنه غير قانوني، معتمدا على سندات التمليك، الصادرة من الأستانة في بدايات القرن الثامن عشر أي قرابة 1830م مقارنة بالتاريخ الهجري الموجود، والمعاد النظر فيه عام 1936م أثناء حكومة أول رئيس للجمهورية السورية في زمن الاحتلال (محمد علي العابد) والذي كان قد أرفق مع رسالة التعزية بعد عقود من استشهاد الجد عباس محمد عباس بيد الفرنسيين في بياندور، والمجددة في عام 1952م والمعدلة بقانون التحديد والتحرير عام 1973م، وحينها تم إيقافه يوما كاملا، وفي اليوم الثاني هدد، بأنهم سيستخدمون القوة في حدوث أي فعل، وكرد فعل متمم للاستيلاء، تم تغيير أسم قريتنا تل نصران، إلى منصورة تحتاني، وقرية عم والدي إلى منصورة فوقاني، نكاية وضعها محمد منصورة على أسمه.
يتبع...