يوماً بعد يوم سنقترب من التغيير المرتقب في العراق , هذا التحول الذي يبدو مختلفاً عما سبق في التحام الاتجاهات الفكرية المختلفة و توحد القوميات و الاطياف في تحالفات جديدة تجمع تحت مظلتها وفق مبادئ و آليات و اهداف تتفق عليها قبل الدخول في صراع الانتخابات من اجل كسب صوت الناخب المسكين المغلوب على امره الذي يلهث وراء الوعود و العهود البراقة كالسراب تختفي عند الاقتراب منها بعد فرز الاصوات و اعلان النتائج .
انتخابات هذه المرة تختلف عن ما مضت لأن العراق استطاع بقدرة قادر دحر فلول داعش و تحرير الاراضي من رجسهم و لا تزال المخيمات مكتظة بالنازحين الفارين لسوء الاوضاع الامنية و الاقتصادية في مناطقهم الملتهبة بالنيران رغم دعوات الحكومة الاتحادية بضرورة عودتهم الى اماكن سكناهم , من جانب آخر فأن الشعب الكوردستاني الذي كان في السابق متلهفاً و متحمساً ليدلي بصوته و يختار من يمثله في الاتحادية و لكن مواقفها الاخيرة بين الهجوم و السيطرة على المناطق الكوردستانية خارج ادارة الاقليم و خاصة محافظة كركوك و محاولاتها المستميتة لسلب حقوقه و اصرارها اغلاق باب الحوار مع الاقليم و كل المستجدات التي تلت ذلك قل من حماسه و ثقته في حين ان البيت الشيعي لم يعد مثل ذي قبل فقد تصدعت جدرانها و ازدادت خلافاتها و اختلفت اتجاهاتها و توجهاتها و درجة ارتباطاتها و اولويات عملها و استجاباتها لنداء المرجعيات الداخليةاو الاقليمية و قوة استعدادها لتنفيذ أوامرها و ان حال القوى التركمانية و المسيحية و غيرها ليس بافضل من ما ذكر ...
وسط هذه الاوراق و الملفات الكثيرة و الشائكة فأن المستجدات و المواقف الانية و الاتية تشير الى ان الصراع القوي و التسابق سيكون داخل البيت الشيعي و خاصة بين العبادي و المالكي المنتمين الى مدرسة فكرية واحدة مع الاختلاف في الرؤى و الاهداف و الظهور على حقيقتهما بعد تولي منصب رئيس الوزراء ، فأن الخلاف مازال قائماً , أي ان بطولة الانتخابات العراقية تبدأ من المباراة النهائية بين المالكي و العبادي و من سيتحالف معهما فهل ان الاحزاب الكوردستانية المتجزأة على نفسها و القوى السنية المتشتتة ستحسن الاختيار في التحالف مع احدهما و يرتدون ملابس لون فريقهم ام انهم سيختارون القعود في المدرج و انتظار صافرة الحكم للاعلان عن فوز أحدهما و يرضون بالمركز الثالث او الخروج من البطولة بأيد ٍ فاضية و القبول بما سيؤل اليهم الايام تحت رحمة المنتصر الذي سيحكم البلاد و العباد .
ان تجربة الشعب الكوردستاني مع كل من المالكي و العبادي مريرة بحذافيرها ففي ظل حكمهما ظهرت الدولة الاسلامية فس العراق والشام ما يسمى ب (داعش) كقوة ارهابية تأكل الاخضر و اليابس و قطع الموازنة و الرواتب و مهاجمة الاقليم ... الخ , اذن مايصدر عنهما من لطف و لين لا يخرج من اطار الدعاية الانتخابية و وضع اللبنات الاولى للتحالف معهم وفق اهداف و ابعاد و رؤى و افكار جديدة .
يبدو انهما متشابهان في التعامل مع الاقليم مع الفارق في الزمن و الاسلوب و لكن معاناة الشعب الكوردستاني في الفترة السابقة كانت تحصيل حاصل لأنتهاك الدستور و التريث في تطبيق مواده خاصة المتعلقة بحقوق الاقليم و ان حكومة الاقليم تطالب الاتحادية بتطبيق الدستور و منح الحقوق بموجبه ، و يبدو ان العبادي اكثر إشهاراً لسيفه و حامياً لصيانة الدستور و مطالباً بتنفيذ بنوده على كافة الاراضي العراقية كما انه يبدو اقرب الى السياسة الغربية وخاصةً الامريكية القائمة في العراق مع الحذر (لأنه لا يأمن جانبه) .
ان الايام القادمة كفيلة بكشف الكثير من الاسرار و ما يحدث وراء الكواليس ، و هل ان المبا راة النهائية حاسمة بينهما ام ان الشعب العراقي سيدفع بلاعب يفاجئ الجميع بعد طول معاناة منتخبه من الهزائم و عدم قدرته من الفوز و بقاء شباكه نظيفاً من ضربات الارهاب و الفساد و الطائفية و تنفيذ السياسات الاقليمية و الدولية ،فالمباراة تحتاج الى كثير من التأني و الحكمة و القرارات الضائبة و التغيرات الصحيحة لكي لايقع في الفخ كرةً أخرى كالمرات السابقة .