بصراحة الوضع الحالي للتعليم في العراق لا يمكن وصفه بافضل من كونه وضع بائس. انحدر نظامنا التعليمي مع مرور الزمن ومنذ الربع الاخير من القرن الماضي. التعليم يبدو وكانه قادم من فترة مظلمة ساحقة او عصر من عصور الجهالة. لا تزال جامعاتنا ملتصقة بنمط تعليمي قديم لا يهتم بالنوعية ولا بالتميز. عيوب هذا النمط بارزة وتبدو طبيعية ومقبولة في الاوساط السياسية والاجتماعية ولهاذا انحسرت الدعوات الجدية لاحداث تغيير جذري في النظام التعليمي بسبب ان قواعد هذا التغيير اصبحت مجهولة لضعف الخبرة والمعرفة بما يحدث في العالم ولكون فلسفة التعليم تختلف عما هي في العالم المتطور.
يعد انخفاض معدل الإلمام بالقراءة والكتابة وضعف جودة التعليم وانتشار الامية المقنعة من العوائق الرئيسية للنظام التعليمي في العراق. يتأثر نظام التعليم لدينا بعدد من العوامل. بعضها أكثر بروزا، مثل انخفاض معدل الالتحاق وارتفاع معدل التسرب في المرحلة الابتدائية والثانوية، ومعايير التعليم القديمة، وانخفاض مخصصات ميزانية قطاع التعليم، والتدخل السياسي والفساد، وتدني جودة المناهج والكتب المدرسية، وازدياد معدلات الفقر والبطالة وضعف جودة المعلمين والمدرسين، والاهتمام بالتلقين والحفظ على ظهر قلب على حساب التفكير الناقد، ونظام الامتحانات والتقييم المتدني. على الرغم من أن الوزارتين تدعي اتخاذ بعض الخطوات الجريئة للتغلب على هذه المشاكل، لم تظهر اية بوادر للتحسين.
من ناحية أخرى، لا يلعب الطلاب أي دور نشط في اكتساب المعرفة. تعليمهم كله سلبي وميكانيكي. نظامنا التعليمي يقوم فقط بحشو رأس الطالب بالكثير من الحقائق المفككة التي تُسكب في رأسه وكأنها سلة فارغة، ليتم إفراغها مرة أخرى في قاعة الامتحان، ويتم إعادة ملئ السلة الفارغة مرة أخرى وهلم جرا. هذا هو السبب في أن الطالب الذي ينجح بشكل جيد في الامتحان الخاص به يفشل فشلاً ذريعا في امتحان الحياة والمواهب والمهارات. الطلاب ليس لديهم حب الحكمة، ولا تعطش للمعرفة، ولكن فقط الرغبة في الحصول على الشهادات للعثور على وظائف معقولة.
هناك العديد من الشكاوى حول المدارس خصوصا حول رداءة التعليم الموجود فيها. أحد الشواغل الرئيسية هو الافتقار إلى التدريس المناسب وتدريب المعلمين وتحفيزهم. المعلمون ليسوا محترفين لدرجة كافية وليس لهم اهتمام كافي بمهنة التدريس، وهم يضرون بالنظام بأكمله.
في ضوء هذه العيوب، فإن نظامنا التعليمي يصرخ بالحاجة إلى التغيير. من أولى المهام وأهمها أنه يتعين علينا تحسين أجهزتنا التعليمية. علينا أن نطور خططا تعليمية حتى يمكن ان يكون التحسين ممكنا.
وبعدها يمكننا تحسين نظامنا التعليمي إذا اعتمدنا طرقا حديثة في التدريس. يجب التخلص من الفساد الوظيفي والاداري والمالي وأن يكون هناك التزام من المعلمين بمهنتهم وأن تلعب المؤسسات التعليمية الخاصة بدورها الفعال. يجب تنفيذ السياسات التعليمية مع التحقق من تكاملها وتوازنها.
يجب أن لا يوفر نظام التعليم مجرد متعلمين وباحثين عن عمل، بل مواطنين أذكياء.