عندما يقلب المستبد الحقائق في الأذهان، فيسوق الناس إلى الاعتقاد بأنّ طالب الحق فاجر والتارك لحقه مطيع والمشتكي المتظلم مفسد، وعندما يعتبر الظالم النفاق سياسة والدناءة لطفا والنذالة دماثة، عندها يفعل ما يشاء ويرتكب الجرائم ويبررها لنفسه، وهذا ما فعله الطاغية صدام حسين
في الحادي والثلاثين من تموز عام 1983 عندما وجه قواته وأجهزته الأمنية الى اقتياد ثمانية آلاف بارزاني بينهم نساء وأطفال وشيوخ من المجمعات التي كانوا يسكنونها آنذاك وأمر باقتيادهم الى الصحراء حيث مثواهم الأخير، إذ دفنهم تحت التُراب وهم أحياء لا لذنب ارتكبوه ، سوى انتمائهم الى القومية الكوردية الذي اعتبره النظام تهمة يستحقون القتل عليها، فيما كان العنوان الأبرز للجريمة هو صمت الاخوة في الدين والشركاء في الوطن ، والساسة وأئمة الإسلام في العالم ودول الجوار ، الذين فضلوا السكوت عن قول الحق وعن عدم جواز قتل النفس البريئة دون ذنب ، وكذلك الحال بالنسبة لضباط الجيش الذين لم يترددوا في توجيه فوهات بنادقهم باتجاه الابرياء ، بل كانوا يتفننون في تنفيذ مهامهم الاجرامية لكسب رضا سيدهم.
اليوم، وبعد مضي تسعة وثلاثين عاماً على تلك الجريمة البشعة التي إرتكبها واحدا من دعاة القومية العربية، مازالت المقابر الجماعية تستكشف في جنوبي العراق وآخرها كانت في مدينة السماوة.
ورغم تحرير العراق وتغيير النظام الا أن الكوردستانيين مازالوا يعانون الأمرين جراء ممارسات بعض ساسة بغداد ممن ما زالوا يمارسون النهج العنصري ذاته الذي يتطابق مع تصرفات الصداميين اللاإنسانية السابقة تجاه الكورد عامةً
ورغم حكم القضاء العراقي في الثالث والعشرين من حزيران عام 2007 بإعدام عدد من المتهمين، ممن اوكل اليهم النظام الدكتاتوري قيادة الحملة ، إلا أن الحكومة الاتحادية وبأعتبارها الوريثة القانونية للحكومات السابقة لم تقم بتعويض ذوي الضحايا كما لم تقم بتقديم أي أعتذار رسمي للكوردستانيين على ما أقترفه النظام الدكتاتوري ضد مكون رئيس من مكونات المجتمع العراقي.