لم تمر أيام اعياد الميلاد ورأس السنة على المسيحيين سلامات، ولا سيما النازحون منهم، اذ اقدمت مجموعة خارجة عن القانون على اغتيال ثلاثة منهم وجرح آخر في منطقة الغدير ببغداد الجديدة، فقد اطلقت عليهم النار وهم في محالهم من دون وازع ديني او اخلاقي.
المسيحيون الذين احتفلوا في بغداد وبرطلة والاقليم كانوا قلقين وخائفين مما تخبئه لهم الايام، ومن منهم يكون التالي لتصرعه رصاصة الدواعش .. المحزن والمؤلم ان الذين خروا صرعى هم من نازحي الموصل، هربوا من دواعشها، ليتلقفهم دواعش بغداد، وليس من مفر على ما يبدو.
الكلام الذي قيل على هامش الاحتفالات بالاعياد ويدمي القلب ويثير السخط على القتلة، فالمسيحيون على لسان رجال دينهم يتساءلون ما الذي فعلناه كي يراق دمنا وتنهب بيوتنا وتصادر اموالنا وتحرق دورنا، والمصيبة ان من يفعل ذلك هم جيراننا في المحلة والشارع والمحافظة والبلد، من اقترفوا هذه المخازي والعار هم مثلنا من اهل الكتاب، أليس اليهودية والمسيحية والاسلام هي اقدم الاديان في العراق.
ومع ذلك لاحظ السماحة والتسامح ونبذ العنف، فهم يرفضون أي نوع من انواع التسلح خارج نطاق الدولة، ويحثون ابناءهم على الانتماء للقوات المسلحة الوطنية بمختلف صنوفها لا يرون في غير الدولة القانونية والمواطنة سبيلاً لحمايتهم من ظلم الغادرين والتكفيريين والبقاء في الوطن العزيز على قلوبهم.
من هذا المنطلق وغيره من المبادئ الاساسية لبناء دولة المساواة والعدالة يدعون القوى السياسية الماسكة بزمام السلطة، برغم الفوضى وسيادة الاقوى، الى ان يجدوا لهم حيزاً في التسوية التي كثرت اسماؤها الطنانة، ولكن قطارها ما يزال متوقفاً.
الاقليات في البلاد تواجه مخاطر شتى، من قتل وتشريد وسلب ممتلكات وابتزاز والامر من ذلك غياب فرص العمل، وحتى ما هو بامكانها ان تفعله محرم عليها، وكان آخرها تشريع قانون ايرادات الدولة الذي منع التجارة بالخمور.
بصراحة الاقليات تواجه تحدي الوجود على الارض الوطنية على وفق منهج ينفذ على مهل من قبل قوى متطرفة دينية، لا تريد لهذا التنوع الذي يتميز به العراق ومن المفترض ان يكون عامل قوة لترصين الوحدة المجتمعة والوطنية في الدولة التي تبنى على اساس المواطنة والمساواة امام القانون.
الحكومة تتحمل المسؤولية عن حماية الاقليات من الدواعش اينما كانوا واينما وجدوا وباي لبوس تبرقعوا به، وتشاطرها في هذه المسؤولية القوى النافذة في الحكومة والتي بيدها زمام الامور، وكل المتقاعسين عن ملاحقة الجناة ضد المسيحيين والايزيديين وبقية مكونات شعبنا.
الواعون من ابناء شعبنا يتطلعون الى الاستقرار والامن وقبر الدواعش والعمل والتمتع بخيرات بلادهم وزيادة رفاههم من دون تمييز على أساس ديني وعرقي او أي شكل آخر.
لا يعفى احد من المسؤولية حين يرى جهة ما تستخدم العنف ضد المواطنين افراداً وجماعات وتصمت او انها تعرف ولا تفضح مرتكبيه وتساعد على تقديمهم للقضاء العادل.
ولا ادري ماذا يقول نواب مجلسنا وهم يرون زميلاً لهم من المسيحيين وهو يذرف الدموع عما يجري الى ابناء قومه وينتهك دواعش بغداد وغيرهم سيادة البلاد ومجلسها