من المسلم به بعد إجراء الإنتخابات النيابية وإعلان النتائج تبدأ مرحلة التحالفات لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان والتي تخولها لتسمية رئيس الوزراء وتشكيل الكابينة الوزارية الجديدة , والتحالف هو إتحاد بين حزبين أو أكثرعلى أن تكون متقاربة في الرؤى والأهداف وتؤمن بقواسم مشتركة لتهيئة الأرضية الخصبة والأجواء المناسبة لخدمة العملية السياسية التي تلقي بظلالها على تقديم أفضل الخدمات للمجتمع , نتيجة للإستقرار السياسي الذي بدوره يدير عجلة الأمن نحو الأفضل , لأن لا إستقرارسياسي ولا نجاح إقتصادي بدون أمن منجز .
وأضحى أعداء الأمس ليكونوا أصدقاء اليوم , حتى بادرت الكتل السياسية الفائزة بالتسابق الى أربيل للتشاور حول مستقبل العملية السياسية وتشكيل الحكومة متناسين ما جنت أياديهم بحق الشعب الكوردي , لقناعتهم المطلقة بدور الكورد وتأثيرهم على الساحة السياسية وأخص بالذكر شخص السيد الرئيس مسعود البارزاني , وأدلت كل كتلة بدلوها وأفصحت عن برنامجها السياسي , لإغراء الكتل الكوردستانية الفائزة وخاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني وجذبهم الى دائرة التحالف الأحادي القطب لعدم تمكنهم من تشكيل الكتلة الأكبر كمعادلة رقمية , فلا بد من إشراك الكورد والسنة فيها لتكون عابرة للطائفية والتخندق الحزبي حسب تصريحات بعض القادة السياسيين .
ينبغي على الكورد أخذ العبر من دروس الماضي , ولا تأخذهم في الحق لومة لائم ولا يتعاملوا بالعاطفة السياسية لتسوية المشاكل المستفحلة بين بغداد وأربيل , شرط أن لا يلدغ المؤمن من جحرمرتين , ليبدأوا بإملاء شروطهم تحت سقف الدستور بما يخدم مصلحة الكورد وكوردستان ويضعوا نصب أعينهم أحداث السادس عشر من أكتوبر وما رافقتها من إجراءات تعسفية بحق الكورد , ويكون الفيصل بينهم تطبيق بنود الدستور دون إنتقائية وبضمانات دولية وبحضور أممي , لأن التجربة أكبر برهان , نتيجة إفشال الحكومة الطائفية مشروع التوافق والشراكة السياسية الذي بموجبه تم تشكيل الحكومات السابقة والذي ينطلق عادة من أربيل مدينة السلام والوئام وصاحبة الفضل السياسي على الدولة العراقية بعد تحريره من براثن الدكتاتورية والمشاركة في الحكومة الجديدة بإرادتها بالرغم من كونها كانت قاب قوسين أو أدنى من الإستقلال لتوفرالمقومات الأساسية لتشكيل الدولة الكوردية التي يحلم بها الكورد منذ عشرينيات القرن الماضي نتيجة للثورات التحررية التي قادها الأبطال أمثال الشيخ محمود الحفيد والشيخ سعيد بيران والملا مصطفى البارزاني الخالد ضد الأنظمة الدكتاتورية المقيتة ذات النظرة الشوفينية الضيقة دفاعاً عن الحقوق المسلوبة للشعب الكوردي .
فاليوم لا بد للدبلوماسية الكوردية أن تتحمل المسؤولية التأريخية تجاه الشعب الكوردي من خلال التفاوض مع الكتل السياسية الفائزة لتشكيل الحكومة بعد إعلان النتائج الإنتخابية من خلال عملية العد والفرز اليدوي على أساس التوافق والشراكة والتوازن والذي يفضي الى نتائج ملموسة دون تسويف ومماطلة لتعويض مافات الكورد من أيام الضياع والتهميش على يد الأنظمة الدكتاتورية التي تعاقبت على إدارة دفة الحكم في العراق , وتعود البسمة على شفاه الثكالى من أمهات الشهداء والأرامل واليتامى من قوات البيشمركة الأشاوس ويعم الأمن والأمان على ربوع العراق ليستقر سياسياً وأمنياً ويأخذ دوره الطبيعي على الساحة الدولية والإقليمية بعد نفض غبار الحرب الشعواء ضد عصابات داعش الإجرامية .