نايف گرگري/ لنقلّب صفحات التأريخ معًا وننفضُ التراب من الكتب ونُبيِّن الحقيقة للقُرّاء وليعلموا أن أربعة إمبراطوريات كانت تحكم العالم كله قبل الميلاد وهم: (المصرية والحيثية والميتانبة والكيشية) واثنتان من هذه الإمبراطوريات كوردية وهما (الميتانية والكيشية) فالكورد لهم أسلاف في الماضي وكانوا ذو قوة وبأس ورجال شجعان معروفون بصلابتهم في مواجهة الأعداء وكانوا يُصفون بــ(فرسان الشرق ) لأن هذا الشعب بينهم صفات مشتركة ألا وهو الاستعداد الدائم للقتال بحيث لا يكلون ولا يملون للدفاع عن حقوق شعبهم منذ الأزل ونتيجة لقوتهم وجبروتهم قسمت كوردستان من قبل الأعداء لتفريق هذه القوة فاستغلت النزاعات العشائرية والمناطقية لضرب البيت الكوردي من الداخل وإضعافه وهدم أركانه وتحطيم بنيته.
ومنذ القرن السادس عشر برزت إمبراطوريتان في منطقة الشرق الأوسط وهما العثمانية السنية والصفوية الشيعية وكون كوردستان تقع ما بين هاتين الإمبراطوريتين فحاول كلاهما استمالة الكورد بجانبهما فمال الكورد إلى الجانب العثماني بسبب التوجه المذهبي السني إلا أن العثمانيين غدروا بالكورد من خلال القضاء على جميع الإمارات (بهدينان وسوران وبوتان وأردلان وبابان) الكوردية فاستمر الرفض الكوردي للاحتلال العثماني لكوردستان وسياستهم التعسفية ضد الشعب الكوردي.
البارزانيون هم البنية الأساسية لقوات الپيشمرگة عندما حاربوا لأول مرة ضمن حركة الشيخ عبدالله النهري في عام 1880 وانتهت من العام نفسه وبعدها قام العثمانيون بنفي الشيخ عبدالله النهري وأولاده إلى الحجاز.
فاستمر الرفض الكوردي لسياسة العثمانيين تجاه الكورد فقدّم الشيخ عبدالسلام بارزاني مطالب الكورد للسلطات العثمانية في سنة 1908 موقعة من قبل شيوخ المنطقة كانت تتمحور حول جعل اللغة الكوردية لغة رسمية في المناطق الكوردية وكذلك التعليم باللغة الكوردية وتعيين الموظفين الكورد في مناصب القائممقام ومديري النواحي ممن يتقنون اللغة الكوردية.
إلا أن السلطات العثمانية عدت تلك الوثيقة إعلانًا لدولة مستقلة فقاد الشيخ عبدالسلام بارزاني حركة مسلحة (1907-1914) ضد العثمانيين من أجل المطالب الكوردية ورفضت تلك المطالب وقمعت حركته المسلحة بإعدامه في مدينة الموصل سنة 1914 ثم انتقلت المشيخة والقيادة إلى الشيخ أحمد بارزاني فقاد حركة مسلحة ضد العثمانيين والبريطانيين مع الشيخ محمود الحفيد فكان هناك تنسيق عالٍ ما بين الاثنين في الحركة الكوردية بكوردستان الجنوبية سلم الشيخ محمود الحفيد روحه إلى ربه في سنة 1956 وفي فجر يوم 11 كانون الثاني سنة 1969 فاضت روح الشيخ أحمد بارزاني إلى ربها.
فكان قواتهما من الثوار والمدافعين عن شعب كوردستان بحيث لم يفكروا بالتسمية كثيرًا.
وبعد الحرب العالمية الثانية قاد البارزاني الخالد حركته المسلحة خلال السنوات ما بين 1943-1945 ضد الجيش العراقي وحقق انتصارات كبيرة في حينها.
ومنذ دخول البارزانيين إلى مهاباد في تشرين الثاني في عام 1945 فقام البارزاني الخالد بنقل مقاتليه إلى مهاباد والبالغ عددهم 3000 مقاتل وكان مقر قيادته في مكان يعرف بـ ( فندق جيهان آغا ) وفي 22 كانون الثاني من عام 1946أعلن القاضي محمد عن تأسيس جمهورية كوردستان بمهاباد فكان البارزانيون نواة الجيش الكوردي في جمهورية كوردستان ومنح البارزاني الخالد رتبة جنرال وعين مشرفًا على جيش كوردستان .
فكانت أول معركة للبارزانيين خاضها ضد الإيرانيين في معركة ( قاراوا ) بمواجهة الجيش الإيراني فتحقق أول نصر عسكري في تأريخ جمهورية كوردستان
فاجتمعت شخصية سياسية في جمهورية كوردستان لاختيار اسم على ( جيش كوردستان ) فبعد المشاورات تم الاتفاق على اختيار اسم ( الپيشمرگة ) فأجمعوا على ذلك المصطلح والذي يعني باللغة العربية ( الفدائي ) .
ودخلت القوات الإيرانية إلى مهاباد والقضاء على جمهورية كوردستان في 15كانون الأول في سنة 1946.
وبعد مجيء عبدالكريم قاسم إلى السلطة أصدر عفوًا عامًا عن المنفيين السياسيين وخاصة البارزاني الخالد ورفاقه الـ 500 في الاتحاد السوفيتي ومنح الإجازة للحزب الديمقراطي الكوردستاني والتدريس باللغة الكوردية وبعد فترة من الثورة بدأ يتحول عبدالكريم قاسم إلى شخصية دكتاتورية وتنصل عن مطالب الشعب الكوردي وفي أيلول 1961 قاد حملة عسكرية على كوردستان وعلى إثرها بدأت الثورة الكوردية في 11أيلول في عام 1961 وكانت من نتائجها اتفاقية 11 آذار في عام 1970 فكان لقوات الپيشمرگة دور كبير في ثورتي أيلول وگولان إلا أن النظام البعثي عقد اتفاقًا مع شاه إيران بمباركة هواري بو مدين الرئيس الجزائري للقضاء على الثورة الكوردية فتنازل صدام حسين عن نصف شط العرب لصالح شاه إيران وسرعان ما انقلب عليه ودخل في حرب مع الإيرانيين لمدة 8 سترات وفي نهاية الثمانينيات تشكلت الجبهة الكوردستانية لطرد البعثيين من كوردستان وهذا ما حدث في انتفاضة سرهلدان في عام 1991 بهمة قوات الپيشمرگة والشخصيات الوطنية في كوردستان وبقت المناطق المستقطعة من كوردستان تحت سيطرة حكومة البعث لحين سقوط نظام البعث في 9 نيسان 2003 واعترفت الحكومة العراقية الجديدة بإقليم كوردستان فكان لقوات الپيشمرگة دور كبير في استتباب الأمن في بعض المحافظات العراقية إبان تحريرها بعد حل الجيش العراقي من قبل پول بريمر الحاكم المدني للعراق.
وبعد سقوط نظام البعث الصدامي هدد الحاكم المدني الأمريكي پول بريمر بحل قوات الپيشمرگة على غرار قوات بدر وجيش المهدي !
فكان رد فخامة الرئيس مسعود بارزاني على بريمر : ( إن قرار حل الپيشمرگة ليس من صلاحيتك ولا من صلاحيتي أنا، لأن هذه القوات أسست من الدماء والدموع وقعت مشادة كلامية بيني وبين بريمر، وأبلغته أنه لن يحل قوات الپيشمرگة. قلت له أنا ذاهب إلى كوردستان وإذا كنت تعد نفسك رجلًا تفضل بالقدوم إلى أربيل وأصدر أمر حل قوات الپيشمرگة )
فكان هذا الجواب صفعة في وجه پول بريمر في حينها وأغلق ذلك الموضوع .
ووضع دستور جديد للعراق في سنة 2005 وذكر في المادة 121 خامسًا :
تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم وبوجه خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم كالشرطة والأمن وحرس الإقليم .
فقوات الپيشمرگة أصبحت قوة عسكرية رسمية ضمن الدستور العراقي كونها منظومة دفاعية .
فقوات الپيشمرگة هي قوة نظامية قارعت الأنظمة الدكتاتورية من أجل حقوق شعب كوردستان وليست مافيا أو عصابة أو ميليشيا مثل كثير من الميليشيات الموجودة على الساحة العراقية اليوم فهناك مجاميع مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة ولا تعترف بأوامر الحكومة العراقية ولا تأتمر بأوامرها كونها مرتبطة بجهات خارجية وتعمل وفق نهج طائفي وتستخدم أسلوب العصابات وتشكيلهم كان خرقًا للدستور العراقي بحسب المادة 9 أولًا (ب) يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة !
وبدأت كوردستان تتقدم عمرانيًا وتتطور شيئًا فشيئًا وأصبحت كوردستان وأربيل من المدن الآمنة على مستوى الشرق الأوسط والعالم فحارب نوري المالكي كوردستان وقطع الميزانية عن الپيشمرگة ومن ثم في سنة 2014 هرب الجيش العراقي من المحافظات السنية والمناطق المستقطعة من كوردستان وسقطت تلك المدن بيد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابية فحققت قوات الپيشمرگة انتصارات باهرة على ذلك التنظيم الإرهابي على رغم من عدم وجود الميزانية والأسلحة المتطورة لدى قوات الپيشمرگة فأشادت دول العالم ببسالتهم وما قدموه من تضحيات كبيرة فقاتلوا نيابة عن العالم ولولا قوات الپيشمرگة لما استطاع الجيش العراقي وبقية الأجهزة الأمنية من تحرير شبر واحد من تلك المناطق المحتلة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية وبعد هذه النجاحات والانتصارات بدأت تصاعد وتيرة بعض الأصوات بسحب السلاح من الپيشمرگة !
قوات الپيشمرگة تأسست بشكل فطري للدفاع عن حقوق شعب كوردستان وسحب السلاح منهم من المستحيلات فلن يستطيع أحد أن يسحب سلاحًا واحدًا من أحد فدائي كوردستان .
تأريخ الپيشمرگة مشرف وصفحات ناصعة من البطولة في مقارعة الأنظمة ولم تمارس الأعمال الانتقامية ضد المدنيين وحتى أيام الانتفاضة الكوردستانية فوقع الجيش العراقي أسرى بيدهم فرحبوا بهم واستقبلوهم في المساجد والبيوت وعفوا عنهم على الرغم من ارتكابهم جرائم بحق كوردستان وكل هذا كان بفضل الحنكة السياسية للقيادة الكوردستانية .
أما أصوات النشاز التي بدأت تتعالى في هذه الأيام فهي عزاء المفلسين سياسيًا الذين سقطوا أمام جماهيرهم وتسببوا بانفلات الأوضاع الأمنية والاقتصادية والصحية وانهيار البنى التحتية كل ذلك تغطية على فشلهم في إدارة الدولة !
فنقول لتلك الأصوات إذا كنتم رجالًا فتفضلوا بسحب السلاح من قوات الپيشمرگة البطلة !