تسعى جميع البلدان الى زيادة تجارتها وتحسينها وتنميتها مع كل الشركاء وتحافظ عليها من التدهور وتزيل المعوقات والكوابح التي تعترضها وتقدم المغريات لاستمرر التعامل مع شركاتها ومؤسساتها، كي تكون اسهامتها ثابتة في تكوين الموارد المالية في اقتصاديتها.
ومن هذا المنطلق الاساسي تربط بعض الدول تحسين علاقاتها التجارية واستثمارها في الجانب السياسي وعلى هذا المبدأ السليم نرى ان التجارة والعلاقات الاقتصادية عموماً تنمو بقدر احترام الاخرين للسيادة الوطنية.
الشعوب في ادارة مجتمعاتها وبلدانها.
كانت هذه المسألة حاضرة في المباحثات التي اجراها رئيس الوزراء التركي علي يلدرم مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ويبدو انها كانت مؤثرة على الحكومة التركية التي تعاني من مصاعب اقتصادية كبيرة ادت الى انخفاض الليرة التركية وخسارتها لبعض الاسواق وتأثر اخرى بمواقف القادة الترك ومن تدخلهم في شؤون دول جوارهم.
فقد اعلن يلدرم ان "حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق تراجع 40 في المئة بسبب الارهاب وظروف اخرى".
وكان حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 12 مليار دولار سنوياً في عام 2014 .
واشارت الدلائل في حينها الى انه مرجح الى الارتفاع وتحقيق ارقام غير مسبوقة، ولكن السياسة التركية ومواقفها من الحرب ضد الارهاب وتسهيلها لدخول الدواعش الارهابيين الى بلادنا، ومن ثم خرقها للسيادة الوطنية ودعمها لاطراف محلية وغيرها من العوامل ادت الى تراجع التبادل التجاري الى 7 مليارات دولار الان.
لم تقتصر عوامل هذا الانحدار في الخط البياني للتجارة مع العراق على الحكومة والجهات الرسمية، بل كان مطلباً شعبياً قوياً وطوعياً ارتبط اولاً بتقليص حصة العراق المائية ومن ثم ما ذكرناه اعلاه.
للاسف هذا التراجع تضررت منه تركيا اكثر مما تضرر العراق، فكل ما تستورده وتحتاجه بلادنا يمكن تعويضه من مناشئ اخرى، وربما بارخص الاسعار، وتسهيلات اكبر واوسع.
ان التشابك والشراكة الاقتصادية مسألة في غاية الاهمية لدول الجوار مع العراق، وكلا الطرفين يحققان منفعة مهمة تنعكس على رفاهية شعوب المنطقة، والتفكير الحكيم والعقلاني هو الذي يدفع بهذا الاتجاه ويعمل على ترسيخه وتعميقه لما له من تأثير ايضاً على بناء السلم في المنطقة وتجنيبها كل ما من شأنه اثارة عدم الاستقرار السياسي لبلدانها جميعاً.
نأمل ان تفتح هذه الزيارة وما وقع من اتفاقات صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين تعظم المنافع المتبادلة، وتكون مثالاً يحتذى به ويتبع في بناء العلاقات المتوازنة والمتكافئة.
في السنتين الاخيرتين خسرت الجارة تركيا، ولكن يمكن تعويض ذلك بالسرعة القصوى اذا ما سحبت قواتها من الاراضي العراقية واحترمت سيادة العراق والقانون الدولي في تأطير العلاقات ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والاتجاه نحو البناء الاقتصادي الذي يحتاجه كلا الشعبين.