الجهود التي بذلت، والتي ماتزال تبذل من قبل حكومة إقليم كوردستان برئاسة السيد نيجيرفان بارزاني، بخصوص رفع الحصار والحظر الجوي المفروضين على الإقليم، دون وجه حق، منذ بدايات إندلاع الأزمة بين أربيل وبغداد. ومحاولات حكومة بغداد برئاسة السيد حيدر العبادي التجاوز على الحقوق الدستورية والطبيعية لحكومة وشعب كوردستان، من خلال غلق الحدود، وإفتعال القضايا وتصعيدها، وقرارات غير واضحة، وشروط إنتقائية، تضاف لها شروط أخرى، ومازالت تضاف، وترك الأمور لتقديرات وتقارير اللجان الفنية والأمنية. تحتم التأكيد على أن فرض الحصار على أي شعب بأي سبب كان، تحلل علني عن الضوابط الأخلاقية، وإلغاء للقيم وتجاوز على الحقوق الأساسية للإنسان، وإبحار في الإتجاه المعاكس للأخلاق والمروءة، وسيكون له تداعيات تؤدي الى أزمات، وصنع الأزمات وتوسيع قاعدة إنتشارها وتوظيفها لمآرب و غايات خاصة، غش وإفتراء وكذب وخداع و بذاءة وفجور ونهج للظالمين ،وطغيان  للمنحطين سياسياً وإعلامياً.

المحاصِر الجائر لايختلف عن الإرهابي الذي يحاول التعتيم على صوت العقل والحق والحقيقة، والإثنان يتحدثان بنبرة متشابهة بخصوص وقوفهما مع خيارات وتطلعات الشعوب، وكل منهما يعمق ويغذي الفقر والبطالة والجهل، وكل الأورام السرطانية التي لاتخطر على البال.  وكل ما يقال من أجل التبرير والافتراء وشراء الذمم والتأثير على نفسية المواطن المحاصر ومعنوياته وسحبه أو إستدراجه نحو المهالك وإجهاده مادياً ومعنوياً، وإفساد الرأي العام وتضليله، من ألفاظ وعبارات صادمة، لا يقبلها عرف ولا دين، ويعتبر من السلوكيات المقززة في الطرح السياسي، لأنه سهم في تحطم العلاقات بين الشعوب والإنزلاق في وحل السب والشتم والتخبط وخلط الأوراق.

  أما أخلاقيات أزمة الحصار المفروض على الكورد في إقليم كوردستان، فمتشابهة مع الحصارات التي فرضت في أوقات سابقة على الشعب العراقي في عهد صدام من قبل المجتمع الدولي والشعب الإيراني من قبل أوروبا وأمريكا، والفلسطيني من قبل إسرائيل، ولكنه أشد قساوة من الحصار الذي فرضه صدام على الكورد.  

السيد العبادي، جراء محاصرته من جهات عدة، خارجية وداخلية ومن قبل طائفة من السياسيين الطموحين إلى تحقيق نجاحات شخصية، يعيش في حالة التوتر الدائم، لذلك يلجأ إلى توظيف التوتير وإستثماره، وتوتير الآخر علاجا لتوتره هو، ولكنه إزداد توتراً على توتره. وإزاد معاناته من أزمات الثقة ومن طروحاته وقدراته على نحو لم يتوقعه هو أو أي مراقب، وقد تمثل هذا التوتير المتحقق في تضاعف موجات الرفض لأفكاره وتوجهاته، وبدلاً التحرك نحو الأمام، أصبح يتحرك في مكانه بتوتر. وبهذا الشكل، رغماً عن مزاعمه، فإنه يؤكد كل يوم على أنه لا يريد الحل، ولا يريد إنهاء مسببات الحصار، ويفشل المبادرات، ويفشل آمال العراقيين عموماً، ويفتعل الأزمات ويزيد النار حطباً، ويثبت سعيه الحثيث لضرب استقرار كوردستان، وإلزام الآخرين بتوجهاته، ويلعب لعبة مرفوضة تفوق قدراته الفعلية، وبالذات اللعبة التي تمارس من خلال فتح الأبواب الخلفية أمام شخصيات كوردية معارضة لحكومة الإقليم، وكذلك الساعين الى زيادة التعقيد على الأزمات.

في المقابل، أكد رئيس حكومة الإقليم، على مبادئ عامة أخلاقية تحظى بقبول واسع على مستوى المحلي العراقي ودول وشعوب العالم. وغالبية تلك المبادئ مزعجة للعبادي، لذلك يقابله ( العبادي) بخطاب مغاير بهدف النجاح في إستغفال الآخرين. ويستغل ضعف السيدين فؤاد معصوم، رئيس الجمهورية، وسليم الجبوري، رئيس البرلمان، رغم إنه متيقن من أنه ليس ذلك الشخص القوي الذي يستطيع أن يفرض نفسه على الآخرين.

في بداية الأزمة، لم يقف أحد الى جانب الكورد، ولم يكن هناك من يمنع التصعيد السياسي والعسكري، أو يسعى لحل الأزمة ولو بتصريح، حرصاً على المصالح الإقتصادية والمكاسب السياسية، أو رغبة في الإنتقام، ولكن الكوردستانيون، بصمودهم وتصديهم، أظهروا حلماً وصبراً يفوقان الحدود، وثباتاً على الحق، وإستقامة على الطريق، من دون إفراط أو تفريط بالمبادئ والقيم الإنسانية. وأذهلوا الجميع بإحترامهم وتقدير الآخرين، وبعدم تأثرهم بمغامرات وماراثونات التصعيدات، وعدم إنزلاقهم الى المستوى المشابه لما يفعله الآخرون تجاههم.