ارتفعت وتيرة الزيارات بين العواصم الثلاث أعلاه، والتي تسارعت بعد أحداث غزة، وذلك لخشية أنقرة من خطط نتانياهو لتأسيس الدولة اليهودية، إذ تخشى الإدارة التركية من قَضْمِ أراضٍ تركيةٍ ضمن هذا المخطط، وهو ما سيؤدّي إلى تعزيز دور القوى الكردية المسلحة في المنطقة، لذلك أعلن أردوغان أنه، وبحلول الصيف القادم يكون قد فرض طوقا أمنيا على الحدود الجنوبية الشرقية من تركيا، وهذا يعني دخول القوات التركية مسافة لا تقل عن 50 كم داخل أراضي إقليم كردستان، بهدف إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني.
وفي اعتقادي، أن حزب العمال الكردستاني ليس إلا حجة، تستخدمها تركيا للالتفاف على مخطط نتانياهو بخصوص الدولة اليهودية، من جهة، وتحقيق مخططها في إخضاع مناطق "ميثاق مللي"، التي تشمل إقليم كردستان العراق وشمال سوريا تحت نفوذها، من جهة أخرى.
ستتمكن تركيا من توسيع نفوذها الأمني في إقليم كردستان لعمق قد يصل إلى حوالي 70 كم في بعض المناطق، وذلك لعدم قدرة أمريكا على منع تركيا في المرحلة الحالية، ولعدم رغبة إيران في رفع مستوى التوتر مع تركيا.
ولكن، لا يمكن تصور نفس الحالة في سوريا، فالقوات الأمريكية ستمنع أي تقدم للقوات التركية فيها، ناهيك عن ممانعة روسيا وإيران.
تركيا ستعزز وضعها الأمني في إقليم كردستان العراق، تحسبا لنشوب أي حرب واسعة في المنطقة، بعد أحداث غزة، وتحسبا لوضع كردي جديد، قد يتسبب بقضم جزءٍ من أراضيها.
حكومةُ إقليم كردستان، وأحزابُه، يجب أن تستوعب الوضع الجديد، وأن تلمّ صفّها، وتتجاوز خلافاتها، وتتخذ خطوات حقيقية وفاعلة لإفراغِ هذا التوجّه التركي من محتواه، وتأسيسِ حالة من السلم والاستقرار معه، ضمن النظام العالمي الجديد.