تعد هيئة الإشراف القضائي، واحدة من مكونات السلطة القضائية الاتحادية، ومن تشكيلات مجلس القضاء الأعلى، وتتألف من رئيس ونائب له وعدد من المشرفين القضائيين، وفقا لما نص عليه قانون هيئة الإشراف القضائي رقم (29) لسنة 2016، إذ اسندت بموجبه للهيئة برئيسها ونائبه والمشرفين القضائيين فيها، مهمة الرقابة والإشراف على حسن الأداء في المحاكم الاتحادية وجهاز الادعاء العام باستثناء المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز الاتحادية تطبيقا لأحكام القرار الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بالعدد 85/ اتحادية/2016 في 8/11/2016، الذي تم بموجبه الحكم بعدم دستورية المادتين (2 /ثانياً) و(3/أولا/ سابعا) من قانون هيئة الإشراف القضائي انف الذكر.
إضافة الى الدراسات التي يتم إعدادها من لجنة الدراسات في الهيئة بالمواضيع القانونية والقضائية كلما اقتضت الضرورة والحاجة لذلك في ضوء ما يتطلبه تطوير العمل القضائي ومعالجة المعوقات، فمهما كانت النصوص القانونية الموضوعية والشكلية، الجزائية والمدنية، دقيقة وواضحة من حيث صياغتها القانونية ومحتواها ومضمونها، فأن تطبيقها على صعيد الواقع وصولا للحكم العادل الصحيح، يقتضي أن تتوافر في من يطبقها، من القضاة وأعضاء الادعاء العام، بعدّهما جناحي العدالة، صفتين هما:-
أولا:- الثقافة القانونية التخصصية القائمة على أساس علم القاضي ونائب المدعي العام وفهمهما اللازمين لتطبيق القانون، الناتج من التعمق في دراسة القاعدة القانونية واستيعاب مضمونها وتحليلها، وصولا للتفسير الصحيح للنص المتفق مع قصد المشرع وغاياته وحكمته لتطبيقه على الواقعة المعروضة ومراعاة الظروف المحيطة بها وظروف ارتكابها، تحقيقا للمواءمة بين النص والمتطلبات الاجتماعية المتطورة، ما يقتضي فهم كيفية التطبيق الصحيح للقاعدة القانونية في ضوء الواقعة المعروضة، واعتماد مبدأ التكييف القانوني السليم والصحيح، بحيادية وموضوعية ومهنية عالية المستوى، والاجتهاد في الفهم والتطبيق وفقا لأسس علمية رصينة مسببه في جميع الأحوال.
ثانيا: الثقافة العامة القائمة على أساس معرفة شيء عن كل شيء في كافة الجوانب، المتزامنة مع الجوانب الأدبية البحتة، التي تعتمد على الخلق الرفيع الفاضل، وصلابة الإرادة، والشجاعة العلمية والأدبية لقول الحق، والحياد في التعامل والمعاملة، بعيدا عن الأهواء والميول والتعسف وسوء استخدام السلطة والفهم غير الصحيح للمهمة المكلف بها، التي تتبلور في أساسها على العدالة وإحقاق الحق وإنصاف المظلوم وإعطاء كل ذي حق حقه، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يبعث الريبة وسوء الظن في السلوك والتصرف والعمل، بما يضمن كرامة القضاء وهيبته واستقلاله.
واستنادا لما تقدم فأن هيئة الإشراف القضائي، تمارس إضافة لعملها وفقا لقانون تأسيها، دورا وقائيا غايته حماية القاضي وعضو الادعاء العام من كل ما من شأنه الإساءة والعبث إليهما، من خلال التأكيد على ضرورة توافر الصفات المذكورة أنفا في من يتولى العمل القضائي، وتشجيع الاجتهاد المبرر والمسبب وفقا لأحكام القانون وتعزيز الثقة بالنفس واتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من الشكاوى الكيدية وغير الصحيحة التي تهدف الإساءة الى المؤسسة القضائية برمتها، بغية النهوض بواقع العمل القضائي وتطويره وفقا لما يقتضيه تطور المجتمع وحاجاته الأساسية، انطلاقا من توجيهات الأستاذ رئيس مجلس القضاء الاعلى المحترم والسيد رئيس هيئة الإشراف القضائي، لجعل هيئة الإشراف القضائي هيئة وقائية تقويمية هدفها حماية كل ما من شأنه تحقيق العدالة وإحقاق الحق ، حتى لا تأخذنا في قوله لومة لائم.