يواصل الدولار ارتفاعه في السوق الموازية وتخطى حاجز 150 ألف دينار لكل مائة دولار وعزت أوساط مختلفة ذلك الى قرار البنك المركزي بيع الدولار النقدي للمسافرين داخل المطار , وهو امر كان معمول به في وقت سابق ولم يكن له تأثير محسوس، لأن أعداداً كبيرة من المسافرين لا يحصلون على هذا الدولار في المطار او خارجه بالسعر الرسمي , وشكا بعضهم من انهم اكتشفوا انه جرى الاستيلاء على حصتهم من شركات صرافة دون علمهم , فيما قالت الغالبية في وسائل الاعلام انهم لم يتمكنوا من الوصول الى منصات التصريف المعلنة في المصارف الحكومية , في حين يعرض وسطاء ان بإمكانهم انجاز معاملاتهم مقابل عمولة تتباين من جهة الى اخرى.
المهم ان هذا الدولار المتسرب يذهب الى ايران وتركيا حسب بعض المتابعين لتسديد التزامات وايقاف تحويله للمسافرين ساهم في شحة المعروض منه وبالتالي ارتفاع سعره في السوق الموازية ..
ويلقي المتابعون الاخرون للشأن المالي اللوم على مجمل سياسة البنك المركزي التي تتخذ قرارات لا تلبي الطلبات على الدولار ولا تتقيد بالإجراءات الصادرة لضبط حركة الدولار وتسهيل حركته , الى جانب تعامل الحكومة الواسع مع ايران واتساع الحركة التجارية معها وازدياده الى جانب التعامل مع سوريا وتهريب الدولار اليها وهما دولتان خاضعتان لعقوبات اميركية , والتهاون بإجراءات دولية ليس بمقدور العراق تخطيها وتجاوزها, الى جانب ذلك التجار الصغار الذين يلجؤون الى السوق الموازية لتامين حاجتهم , وهؤلاء يخشون من التعامل مع البنك المركزي والضرائب التي قد تفرض على ما يستوردونه من بضائع وسلع لاحقا , فهم لايزالون لا يطمئنون الى التعاملات الحكومية ..
الواقع ان الحكومة فشلت في التقيد بما اعلنت من قرارات وتعليمات وتطبيقها بمرونة وحزم وفرض سيطرتها على المنافذ الحدودية التي يدخل منها ما لا تخطئه وترصده العين جراء الفساد المستشري بها , فأخذت تهرب من المعالجات الداخلية لازمة الدولار وانعكاساتها الشديدة الضرر على فئات واسعة من المواطنين , وخصوصا على لقمة عيشهم .
الحكومة ذهبت الى واشنطن لإيقاف انحدار قيمة الدينا ورفع الحظر المفروض على مصارف عراقية تتعامل بالدولار الاميركي واخرى ضالعة في تهريبه بدلا من الاستمرار في اصلاح القطاع المصرفي ومراقبة وتطوير أدائه ليسهم بفعالية ونشاط في الاقتصاد الوطني , من الواضح ان اميركا لا تبدي رغبة في رفع العقوبات المفروضة على دول الجوار , لذلك تقتضي الضرورة بذل جهود اكبر لإعطاء الاولوية للمصالح الوطنية اولا واخيرا , والالتزام بالقرارات الدولية .
في الواقع الحكومة حققت تقدما في تعزيز التعامل بالدينار العراقي في السوق المحلية ,ولكن بقيت وحدة القياس الدولار , صحيح البيع بالدينار ولكن على ما يساوي في البورصة بالنسبة للدولار وهو يرتفع حسب حجم الطلب عليه من الجوار للإيفاء بمستلزمات التجارة معها وتحدد الاسعار على اساسه , فمراقبتها وضبط التحويلات التي لا تمر من خلال البنوك المعتمدة اليها سيحد من ارتفاع الدولار واقترابه من السعر الرسمي , وانخفاض اسعار مختلف السلع الواردة للسوق العراقي.