يُحذِّرُ بوتين الاتحادَ الأوربي دوما من عدم إجراء أي تغيير في اتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الثانية بخصوص دول شرق أوروبا، لكن يبدو أن الاتحاد الاوربي وأمريكا ماضيتان في إبعاد هذه الدول عن النفوذ الروسي.
في القضية الاوكرانية، يسعى الاتحاد الاوربي ضمها إليه، وإدخالها في الناتو. الأمر الذي دفع بوتين إلى بذل الجهود لمنع ذلك، حتى وصل الامر الى تحشيد القوى العسكرية.
بوتين ينتظر موقفا أوربيا متناغما مع مصالح روسيا، واوربا تسعى لتحييد النووي الروسي في البلطيق وشرق وشمال اوربا.
إذا حصل تفاهم معقول، ففتيل الحرب سينطفئ، والا فالحرب قادمة قريبا جدا.
إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، فان امريكا لن تدخل حربا مع روسيا لهذا السبب، وبالتالي لن يدخل الناتو في حرب ساخنة.
سيكتفي الغرب بدعم حكومة اوكرانيا في مقاومتها للغزو، مع فرض بعض العقوبات الاقتصادية على روسيا، وسنرى نتائج هذه المقاومة مستقبلا .
أية أزمة ساخنة من هذا النمط ستؤثر كثيرا جدا على تركيا، التي ستكون على مفرق الطريق بين روسيا وأمريكا.
فاذا وقفت تركيا مع أمريكا ضد هذا الغزو، فإن العقوبات الاقتصادية الروسية على تركيا ستكون قاسية جدا، وخاصة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به تركيا، فاستيراد الغاز والحنطة الروسية ستتأثر كثيرا، وصادرات المواد الغذائية التركية الى روسيا ستتوقف، وسيُلقي بوتين حظرا على السياحة مع تركيا، كل ذلك وفي ظلّ هذا الوضع الاقتصادي الحرج سيكون له أثرا مدمرا على الاقتصاد التركي، ناهيك عن الاثار السياسية والعسكرية التي ستترتب على الموقف التركي هذا في كل من سوريا واذربيجان وليبيا.
أما إذا وقفت تركيا مع روسيا، فإنها ستقع تحت اللعنة الغربية، وستنهال عليها العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وستتحرك كل الدعاوى القانونية المرفوعة ضدها في المحافل الدولية، وهي غير مستعدة الآن لتلقي أدنى ضربة، ناهيك عن هذا الكم الهائل من الضغوط.
أظن أن مجال المناورة لأردوغان لا يزال مفتوحا، وأنه سيستغله بذكائه المعهود، وحنكته الدبلوماسية،فهو سيندد بالغزو من جهة، ويبقى على تواصل مع بوتين، ويطرح نفسه كوسيط لحلّ الأزمة.
في المقابل سيعزز أردوغان تناغمه مع التوجه العولمي لادارة بايدن، وسيواصل انفتاحه على إسرائيل التي أعلن أردوغان ان رئيسها يمكن أن يزور تركيا قريبا.، كما سيعزز علاقاته الاقتصادية والسياسية مع الأمارات والسعودية ومصر، وكذلك أرمينيا واليونان. ويبدو ان أمريكا تريد وقوف تركيا بجانبها في صراعها السياسي والاقتصادي مع روسيا، فقامت بتأجيل النظر بالدعاوى الخاصة بقضية "خلق بنك" الخاصة بخرق الحصار على إيران، وقد تتحرك أمريكا لدعم خطط أردوغان الاقتصادية بطرق مباشرة او غير مباشرة.
أتمنى أن أرى السيد رئيس الجمهورية كما عهدته. وإلا فالنار ستأكل الأخضر قبل اليابس. 19/1/2022