مرت أشهر عدة حين إجتمعنا كصحفيين وناشطين لتوجيه نداء يتعلق بتجاوزات على المال العام، وخلل يشوب دوائر الجمارك العراقية، والضغوط السياسية التي تمارسها جهات نافذة وسياسيون متنفذون بغية تعطيل عمل تلك الدوائر التابعة لهيئة الجمارك العامة من أجل الحصول على مكاسب مالية ومنافع تنعكس سلبا على واقع الإقتصاد الوطني، وتتسبب بخسائرجسيمة، وهدر للمال العام، وكان هدفنا محاربة الفساد، والتقليل من آثاره السلبية التي تؤدي الى إضعاف سلطة الدولة، وقدراتها على تلبية متطلبات الشعب.
في التاسع من آب أوغست الماضي أصدر مكتب رئيس الوزراء أمرا بتعيين السيد منذر عبد الأمير ليتولى منصب المدير العام لهيئة الجمارك الوطنية، وهو إعلان لبدء مرحلة جديدة من العمل الجاد لمواجهة الفساد والتقليل - كما أسلفنا- من الهدر في المال العام، والتجاوز على حقوق المواطنين، وكانت تلك ثقة من رئاسة الوزراء بعهد الأمر الى السيد منذرعبد الأمير الذي تقع على عاتقه تلك المسؤولية الجسيمة برغم مايمكن أن يتحمله من ضغوط ومشاكل ندرك أنها مهما إزدادت فلن تفت في عضده، أو تضعف همته خاصة وإن نوع المسؤولية إستثنائي بكل المقاييس في ظل المشاكل العميقة التي تعاني منها مؤسسات الدولة العراقية.
ليس سرا يمكن أن نذيعه حين نتحدث مثلما يفعل كثر غيرنا عن الفساد، وتضارب المصالح، والنفوذ السياسي، والتأثيرات المتزايدة والضغوط التي تمارس من جهات عدة بغية إعاقة عمل الجمارك، وتسهيل مهمة المفسدين ومهربي البضائع والمتهربين من دفع التعريفة الجمركية، أو المحتالين في هذا المجال، ووجود وسطاء وهي ظاهرة إستشرت في السنوات الماضية، مع تصاعد حدة المشاكل بين المحافظات وخاصة الصراع بين المركز وإقليم كردستان، وتنوع الإجراءات المتخذة في سبيل الحد من مظاهر الفساد.
في هذا الشأن فإن تقليل نسبة هدر الأموال وزيادة فاعلية المراكز الجمركية والمنافذ الحدودية في المراقبة والتقييم وإستعادة مايمكن من أموال الى خزينة الدولة، ومنع نقل الأموال الى الخارج مهمة صعبة ولكننا نثق بأن جهود مدير الجمارك والعاملين بمعيته من المخلصين يمكن أن تعود بفوائد جمة تنسحب على واقع العمل، وتتيح الفرصة أكبر لمواجهة الفساد الذي يضرب في مؤسسات عدة تتصل بعملها بمؤسسات الدولة كافة خاصة مع الترابط الكبير بين مؤسسة وأخرى، وكلما نجحنا في وقف الفساد والمفسدين كانت الفرصة أكبر لحماية الإقتصاد الوطني العراقي.
لم يمض سوى ثلاثة أشهر على تولي السيد منذر عبد الامير المهمة الصعبة وهو بحاجة الى دعم حكومي، ومن الفاعلين في إتخاذ القرار لمساندته في مواجهة أي ضغوط يمكن أن تمارس خاصة وإن الدولة العراقية ماتزال ناشئة بعد التخلص من الدكتاتورية، والتحول الى النظام التعددي الذي يحتاج الى المزيد من الجهود لتثبيته وتقرير،ه وتأكيد فاعليته في بناء مؤسسات دولة محمية من الفساد والمفسدين..