قبل ايام دخلت الانتخابات العراقية مرحلة الدعاية الانتخابية وفق قانون الانتخابات و تعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وسط التنافس الشديد بين القوائم و المرشحين، و يوماً بعد آخر تزداد المنافسة والتسقيط الممنهج و اتهام الاخر بالخيانة و التقصير و فتح ملفات الفساد كلها من اجل الحصول على اكبر عدد من الاصوات و تأمين المقاعد في مجلس النواب العراقي حيث يتنافس عدد كبير من القوائم على (329) مقعداً، لذا فأن اساليب الدعاية تختلف بين الوعود و تقديم الهدايا الرمزية و اثارة النزعة الطائفية والعشائرية لدفع الناخب الى الادلاء بصوته يوم الاقتراع، و لكن اختلاف هذه الانتخابات عن سابقتها تكمن في :-
- ظهور و تأسيس قوائم جديدة على مستوى العراق و خاصة اقليم كوردستان منها تحالف العدالة والديمقراطية التي يترأسها برهم صالح و قائمة الجيل الجديد بقيادة شاسوار عبدالواحد .
- وجود قوائم للشيعة والسنة في اقليم كوردستان منها قائمة النصر بقيادة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي و انضمام مرشحين من الاقليم الى هذه القوائم و محاولة تأمين كرسي او اكثر لها في مجلس النواب العراقي بالاضافة الى زيارة (العبادي) الى الاقليم من اجل الدعاية لقائمته وسط استنكار و رفض عدد من مواطني الاقليم بأعتباره السبب الرئيسي لأزمات الاقليم السياسية والمالية و العسكرية و الامنية . هذه الزيارة التي نقلت دعاية القائمة الى مدن الاقليم و فتحت حماس و جرأة لمرشحيهم و للناس بالتصويت و وصلت بالمواطن المسكين الى بناء قناعته بأن السياسة لا تعرف الثوابت ولا وجود لصديق و عدو الا المصلحة ، فصديق اليوم يمكن ان يكون عدواً في الغد و العكس صحيح .
- تشكل هذه الانتخابات بداية النهاية لمبدأ الشراكة و التوافق السياسي الذي تم بناء العراق عليه بعد تحريرها عام 2003 و هذا ما صرح به (نورى المالكي) رئيس قائمة دولة القانون معزياً جميع ما يعاني منه العراق من ازمات سياسية و امنية و ادارية و خدمية الى هذا المبدأ مؤكداً بأن الاغلبية السياسية سيضع حداً لهذه الازمات و لكن في ظل الاغلبية السياسية فأن حقوق السنة و الكورد يكون في مهب الريح لأن زيادة عدد مقاعدهم بعشرة او اكثر لا تغيير من المعادلة و ان قانوني الحشد و موازنة 2018 قد تم تمريرها بالاغلبية السياسية متناسياً رفض و معارضة السنة و الكورد و تحفظاتهم عليه ،و هذا المسار قللّ من حماس الناخب و المرشح و ايضاً الاحزاب الكوردستانية من العمل لكسب المقاعد وسط رفض المواطن الكوردستاني وعدم ايمانه بالعملية السياسية في العراق في اغلبيتها .
- باختصار هذه الانتخابات تشهد انقساماً في البيت الشيعي رغم محاولات ايران لجمعها تحت مظلة واحدة ام انها هي التي هندست هكذا وفق رؤيتها و مصالحها وتشتتاً سنياً في قوائمها و توجهاتها وارتباطاتها و اخيراً المكون الكوردستاني مختلفاً في استراتيجيتها و تعددت اسماء قوائمها في وقت نشهد تغييراً يومياً في مواقف الدول الاقليمية و العالمية ازاء الاحداث و انتخابات العراق .
اذاً نحن في بداية طريق لتغيير مسار العملية السياسية في العراق و الذي يعطيه نتائج الانتخابات (إن جرت) طابعاً رسمياً للسنوات القادمة فالريشة بيد المواطن ليرسم اللوحة الفنية العراقية بالوانه وتعابيره وإرادته و ان الاستمرار في النقد لا يزيد من الموضوع إلا التعقيد فعليه ان يكون جزءاً من التغيير و إلا سيكون مجروراً وراء غيره مسيراً لأهواءه سالكاً طريقه .