من المُزمَع إجراءُ انتخاباتٍ محلية (بلدية) في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في 11 حزيران القادم، وستجري الانتخابات في ستة كانتونات هي: (الجزيرة، دير الزور، الرقة، الفرات، منبج، الطبقة)، أما كانتون عفرين والشهباء، فلن تجري فيه الانتخابات لأنه خارج نفوذ الإدارة الذاتية، ويقع في مناطق سيطرة الجيش السوري الحرّ الموالي لتركيا.

ويحقُّ لحوالي 3 ملايين مواطن من سكنة هذه الكانتونات المشاركة في هذه الانتخابات، وستتنافس حوالي ثلاثون حزبا وتجمعا على اختيار رؤساء بلديات 6 مدن، و40 قضاء، و105 ناحية، في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية، شمال شرق سوريا.

وتأتي هذه الانتخابات في أعقاب رسائل شفوية إيجابية بين حكومة بشار الأسد وقوات سوريا الديمقراطية، إذ تمّ تسريب تصريحاتٍ لبشار الأسد في المؤتمر الحزبي الموسَّع المنعقِد في دمشق بتأريخ 4/5/2024، تدعو إلى الحلّ السياسي السلمي للمسألة الكردية ونبذ السلاح في شمال شرق سوريا، وهو ما يُعدُّ تغييرا جوهريا ملموسا في الموقف الرسمي الحكومي من المسألة الكردية في سوريا، وجاء الرد الإيجابي المناسب من عبدي كوباني في اجتماعه مع العشائر العربية بتأريخ 25/5/2024 في الحسكة، الذي دعا فيه إلى التعايش السلمي ووحدة الأراضي السورية، ونبذ السلاح، وحقوق الإنسان والديمقراطية.

وتتزامن هذه الانتخابات مع أجواءٍ جيوسياسية حسّاسة جدا في المنطقة، في ظلّ الاستعدادات التركية العسكرية لتنفيذ حملة عسكرية واسعة في شمال سوريا والعراق، التي أكّدها مجلس الأمن القومي التركي قبل أيام، والتي تستهدف استئصال الوجود العسكري والسياسي لحزب العمال الكردستاني فيهما، إذ تعاني المنطقة من تداعيات أحداث غزة، التي اشعلت الصراع بين الإدارتين الإسرائيلية والأمريكية، حول مستقبل فلسطين، والدولة اليهودية التي يسعى نتانياهو إلى إنشائها.

قرارُ إجراء هذه الانتخابات في هذا الوقت، يثير حفيظة تركيا، ويوحي لديها أنّ مخطّطا يجري تنفيذه على حدودها الجنوبية يتضمن تأسيس كيان كردي في شمال شرق سوريا، يكون نواةً لدولة كردية كبرى، تضمّ أراضٍ من تركيا وسوريا والعراق وإيران، بالتزامن مع اليوم التالي لأحداث غزة، لذلك تُندِّد تركيا، بشدة، بما يقترفه نتانياهو في غزة من جرائم حرب، وبما يسعى إليه من تأسيس دولة يهودية، من جهة، وتبذلُ قُصارى جهدها لمنع إجراء هذه الانتخابات، وإفشالها، وقطع الطريق على الإدارة الذاتية في تَحوُّلِها من إدارةٍ شكلية، إلى مؤسسةٍ ديمقراطية، تكسبُ تأييدا سياسيا إقليميا ودوليا، من جهة أخرى.

فهل تتمكن الإدارة الذاتية من إجراء هذه الانتخابات، الحيوية والضرورية لديمومتها، في هذا التأريخ، أو في أي تأريخ آخر على المدى المنظور؟

جوابُ هذا السؤال، محكومٌ بمواقف أمريكا، وإيران، وروسيا، وحكومة بشار الأسد، ممّا يجري من أحداثٍ في سوريا والعراق وفلسطين، ودور الكرد وأهميتهم فيها.