الانتخابات حق يكفله أي دستور في العالم ،وهي ظاهرة حضارية لانتخاب قيادة حقيقية لادارة البلاد من قبل المجموعة المنتخبة على ان تتكون من اشخاص أكفاء ونزيهين ولهم مواقف وطنية ثابتة و مشهودة في خدمة المجتمع و حضور فاعل عند مكوناته  تتخطى أزمات النظام السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تعيش في ثناياه ومعالجة حالات تتمثّل في غياب اخلاقية النظام الديمقراطي و ازمة مصطلحات الديمقراطية اذا لم تعد تنطبق فيها ممارسات أصحابها مع شعاراتهم المعلنة، ولكي يتحملوا أقصى الجهود لخدمة المجتمع على أكمل وجه .

ولكن مخرجات العملية الانتخابية العراقية الاخيرة او نستطيع ان نقول المهزلة الانتخابية بانها باطلة لان الشكوك ازدادات حولها وعلامات الاستفهام أفرزت حصيلة مخجلة للمخالفات التي حصلت لمن له السطوة والهيمنة على مقاليد السلطة وبعد ان أظهرت إفلاسا حقيقيا لقوائم كانت تظن أنها ستكتسح أصواتها جميع الكتل الأخرى ،وهذا سوء تقدير ونظرة قاصرة في استقراء نتائج الانتخابات ،فوقعت في شرك سوء التقدير ولم تحسب النتائج ولم يتم تأييد نتائجها والتي ظهرت عكس مخططاتها وأهدافها وبرنامجها الانتخابي و نشطت تلك الكتل في اثارة عمليات تزييف إرادة المواطن إما بشراء أصوات ضعفاء النفوس منهم أو تغييب أصوات الآخرين بطرق غير مقبولة ،وعندما تكون لهذه الشخصيات أهداف غير أخلاقية وغير مشروعة اجتماعيا ،وعندما تكون بهذا المستوى فانها تخطأ هدفها ومن هنا نرى انه بعد انتهائها من هذه الممارسة المصيرية ارتفعت الأصوات المختلفة بالخشية من التزوير والتشكيك بالنتائج في الانتخابات من قبل بعض الكيانات الكبيرة المسيطرة على مجلس النواب والفاشلين منهم في كسب الترشيح والتي كانت وراء تشكيل المفوضية وفق المحاصصة الطائفية والعرقية ودامت لعدة أشهر لتنتج المحاصصة ، مما قوض حياديتها، وجعلها مسلوبة الإرادة، وبعيدة عن الإستقلالية ، حتى بدأت تخرج التصريحات عبر القنوات الفضائيات عن وجود عمليات تزوير مرتقبة وكشفت عنها لجنة التحقيق المشكلة في مجلس الوزراء في تقريرها وصادقت الحكومة العراقية على توصيات هذه اللجنة للتحقيق في خروقات مزعومة شابت الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي كشفت حالات تزوير تخرج منها رائحة الخيانة في بعض مراكز الاقتراع، وأوصى تقريرها بإلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين وملاحقة المتلاعبين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفقا للقانون . ومطالبة المدعي العام بتحريك دعاوى جزائية بشأن ما ورد في هذا التقرير ومن ذكره لحالات التزوير في العملية. ،ولاشك تقف خلفها جهات من تحالفات كبيرة و هذه الدوامة ستستفحل مع اجراء كل عملية انتخابية ولايمكن للعراق ان يخرج من مازق هذه الدوامة الا بتغيير النظام الانتخابي حيث وزع مجلس المفوضين حسب ارادة تلك الكتل وبحسب اختياراتهم مما يعني أن كل مفوض يعمل لصالح الجهة التي رشحته ليكون مفوضا ساميا في المفوضية ، وسوف يجرى اختيار كادر المفوضية في المحافظات على ذات الأسس التي أختير بموجبها مجلس المفوضين وقد اتاحت هذه الظاهرة الفرصة لرافضي الديمقراطية والعملية السياسية في العراق لان ينكلوا وينتقصوا وينتقدوا الديمقراطية بل ان الشارع العراقي بدأ يذكر الديمقراطية والحرية باستهزاء وذلك نتيجة تسنم بعض الاشخاص لمناصب في مجلس النواب العراقي غير جديرين بهذه المسؤولية المهمة وهم لايفقهون لا في السياسة ولا في مجال العمل الذي سوف يوكل اليهم وستكون مردودات اعمالهم سلبية تطفح في الشارع العراقي ويظهر انحياز هذه المجموعة الواضح لهذه الجهة أو تلك للتغاضي عن الخروقات الكبيرة التي حدثت في ما يسمى بالعرس الانتخابي الذي مر كما مرت الانتخابات السابقة من قبل من دون أن تثمر عن ولادات تبشر بخير و رفاهية المجتمع العراقي، وبالعكس سوف تقود إلى تكريس حالة الأنقسام العمودي للمجتمع العراقي، والذي يعني انقطاع العامل التاريخي لوجود المجتمع والهوية الوطنية العراقية، ويعني العودة إلى حالة التشكل البدائي الأولي للمجتمع، ولا سيما أننا نعيش في شرط دولي وإقليمي سيعمل ما استطاع على تكريس نوع من المحاصصة والأنقسام العمودي ولا شيء غير تكرار الوجوه القديمة والمستهلكة والفاشلة او اخرى  بديلة ملتّها عيون المواطنين وكرهت آذانهم أصواتها بعد أن مارست كل ما تمتلك من خبرة وقدرة على الكذب والتدليس وسَطَتْ على المال العام واعتمدت إفساد الذمم من أجل تعميم فسادها ففرضت الرشوة واعتبرتها القانون المقدس المفروض على المواطن، كما ان البرلماني المنتخب الذي أستند وتغذى على أمتداد عمره على أشاعة الأحاسيس والمشاعر والتناقضات والصراعات الطائفية والقومية وتمزيق أوصال المجتمع التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء والعزل لا يمكن ان نستبشر به خيرا و أين نزاهة المنتخبين في ظلّ روائح الفساد التي تفوح منهم بشراء الاصوات وسرقة القوائم والعبث بها و ما نتج عنها من فساد مهما كانت نسبة المشاركة الجماهيرية فانها اصبحت مشكوكة ومادامت جرت بدون تعداد عام للسكان بتجرد وبضوابط قانونية دولية ولمعرفة العدد الحقيقي للعراقيين، والاتكاء على بطاقات التموين الصادرة عن وزارة التجارة التي مضت عليها عشرات السنين ورغم كل المتغيرات الجغرافية والاجتماعية والبيئية.