عند انهيار الامبراطورية العثمانية جاءت اتفاقيات سايكس بيكو مقسمة تلك الإمبراطورية إلى دول ، ظهرت معضلة الموصل بعد اتفاقيات لوزان المخيبة للأمل في ذلك الحين ، والتي انتهت بضم ولاية الموصل التي كانت تضم معظم إقليم كوردستان العراق ، إلى المملكة العراقية أبان الحكم الملكي ، كان ولا زال طموح الشعب الكوردي العيش كباقي الشعوب التي لها دول استقلت من الدولة العثمانية وفق (سايكس بيكو) وأصبحت مستقلة وتعدد سكانها ومساحتها مقارنة بكوردستان الكبرى لا تقارن ، خاصة أن العديد من تلك الدول التي استقلت بذاتها تجمعها مع شقيقتها العربية عوامل عديدة مشتركة كاللغة والديانة والقومية والتاريخ المشترك والمصير المشترك على عكس الكورد الذين لا تجمعهم مع الأتراك والفرس والعرب تلك القواسم المشتركة .
أن الأزمة بين الإقليم وبغداد عميقة وليست وليدة اللحظة ، وظل يعاني الإقليم من سياسية عدوانية ومن كل الحكومات المتعاقبة التي تولت سدة الحكم في العراق من الملكية مروراً بنظام صدام الدكتاتوري وما قام به من عمليات الأنفال والإبادة الجماعية وصولاً إلى فترة المالكي الذي انتهج سياسية لم ينتهجه اقرأنه من قبل ، كل ذلك جعل خيار الاستقلال من العراق لا بد منه ولا رجعة فيه .
أخيرا تم الاتفاق على إجراء الاستفتاء في 25/9/2017 القادم وتم تشكيل ثلاث لجان برئاسة السيد مسعود بارزاني لإجراء الاستفتاء ، في الاجتماع الذي حضرة كل الأحزاب والقوى السياسية الكوردية ما عدا حركة التغير والجماعة الإسلامية .
لم يكن غريباً بل كان متوقعاً ما جاء في ردود الأفعال الدولية سواء كانت دولية أو إقليمية كما جاء في تصريح وزارة الخارجية الأمريكية في أنها تقدر تطلعات إقليم كوردستان العراق المشروعة لإجراء الاستفتاء للاستقلال ، لكن قد يصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش، وكانت الإجابة من السيد هوشيار زيباري قائلاً إن الاستفتاء على الاستقلال سيزيد العزم على محاربة داعش كما إن أمريكا لم تصرح بانها ضد هذا الاستفتاء ، أما روسيا فقد صرح القنصل الروسي في اربيل على أنه أذا قرر مكون معين من مكونات الشعب العراقي ومن دون أي تدخل أجنبي أن يستقل بذاته وينفصل عندها تقوم روسيا بوصفها عضو دائم بمجلس الأمن الدولي باحترام هذا القرار ، أما تركياّ كان ردها هو إن الاستفتاء خطأ فادح ، لكن ما هو معلوم إن تركيا تعبر اربيل حليف إستراتيجي وتجمعها مع الإقليم علاقة تجارية تقدر بحوالي (12) مليار دولار ، ولا يمكن لتركيا إن تمنع حق مشروع وقانوني مكفول في جميع المواثيق الدولية .
ناهيك عن ردة فعل بغداد بهذا الخصوص التي طالما رفضت إجراء الاستفتاء واعتبر العراق جزء لا يتجزأ ، ويجب الاحتكام إلى الدستور وهو الفيصل في حل جميع الخلافات العالقة بين الإقليم و بغداد ، الدستور الذي لم يحترم من قبل بغداد ما مهده للمشاكل أن تتفاقم .
الدستور الذي ينص على إن البيشمركة جزء من المنظومة الدفاعية للعراق الاتحادي الفدرالي وشارك في تحرير العراق في 2003 ، كما شارك في جميع المعارك التي خاضها العراق ضد التطرف الإرهاب كان أخرها محاربة تنظيم داعش الإرهابي ولم يتسلم مستحقته المالية منذ حوالي عشر سنوات ، الدستور الذي ينص على أن الموطنين متساوين بالحقوق والحريات ، هل كان قطع رواتب الموظفين و قوت عيالهم منصوص عليه بالدستور ، أم أن الموازنة التي نص عليها الدستور وبنسبة 17% ب من موازنة العراق ولم يتسلمها الإقليم منذ حوالي ثلاثة سنوات مما جعل الإقليم يمر بأزمة مالية حادة أثرة على حياة الموطنين سلبياً، ذاته ذلك الدستور الذي نص في مادته (140) على تسوية المناطق المتنازع عليها ولم يتم تطبيقها حتى قال أغلبهم إن هذه المادة عفا عليها الزمان وباتت غير ملزمة قانوناً ، و ألان يطالبون بتطبيقها بعد سقوط ثلث العراق سنة 2014 بيد داعش الإرهابي ومن ضمنها المناطق الكوردستانية التي سارعت البيشمركة إلى حمايتها في سبيل عدم وقعها بيد داعش الإرهابي وضحت بدماء البيشمركة الزكية للحفظ عليها .
هو نفسه الدستور الذي ينص على عقوبة الخيانة العظمى في حين من باع العراق وأهدر مليارات الدولارات في صفقات فساد ، و جعل سيادة العراق تحت الأقدم لكل من هب ودب وخاصة الدول الإقليمية التي باتت تتحكم بالعراق ضرباً الدستور عرض الحائط .
كل ما جاء في التصريحات السابقة دولياً كانت أم إقليمية ليست لها إي مبرر من الناحية القانونية لان حق مشروع ويمكن لأي شعب أو دولة ممارسة وبالطرق الدبلوماسية ، واللجان الثلاثة المشكلة هي للتفوض والتحاور مع كل من بغداد والدول الإقليمية إضافة للدول الحليفة والصديقة ، لإجراء هذا الاستفتاء بطرق دبلوماسية وحضاريا .