على الرغم من كل الطلبات و الضغوط المختلفة من اجل تأجيل الاستفتاء الكوردستاني او إلغاءه إلا انه مضى في طريقه و تم اجراءه في (25/9/2017) و كانت نسبة المشاركة (72%) و نسبة نعم (92.7%) حسب ما اعلنته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و الاستفتاء الكوردستاني و تعددت المواقف الدولية و الاقليمية و الداخلية بين رفضها و تأييدها و لاتزال تتغير .
ان احد الاسباب التي كانت تتمسك بها اطراف طالبة التأجيل هو ان الاستفتاء سيؤدي الى تقليل الاهتمام بمحاربة الارهاب بشكل عام و داعش بشكل خاص و ان الجهود التي كانت تبذل في سبيل القضاء عليها ستتشتت و يجب ان يكون محاربة الارهاب اولوية اعمال كل القوى في المنطقة و ذلك لخطورتها و جسامة اثارها المرعبة .
و من اجل الاجابة على هذا السؤال و اثبات ما للشعب الكوردستاني من دور فاعل في محاربة الارهاب نورد النقاط التالية :
- ان الشعب الكوردستاني بمختلف الاطياف و الاديان و القوميات و طيلة قرن من الزمن كان دوماً ضحية لأرهاب الدولة العراقية بأنظمتها المتعاقبة بين القتل و الابادة و التدمير و الاغتيال و الانفال و ملء السجون و المعتقلات و الاسكان في المجتمعات القسرية و المحاربة النفسية , هذا الارهاب الذي شمل كل مناحي الحياة حتى ان البهائم و الحيوانات و البيئة لم تسلم منها بل كانت اهدافاً لنيران طائراتها و مدافعها , قلما توجد دولة في العالم تعامل مواطنيها بهذه الطريقة و ذهب المئات و الالوف من الابرياء ضحية لتلك السياسات الممنهجة التي كانت ترمي الى انهاء الوجود الكوردستاني و لاتزال تهديدات و قرارات و اجراءات الحكومة العراقية بعد اعلان نتائج الاستفتاء و محاولات فرض الحصار بعد قطع رواتب الموظفين و ميزانية الاقليم تأتي في هذا السياق و كل التوقعات تشير ان الاتي سيكون الاسوء إلا مارحم ربي .
- ان قيادة الحركة التحررية الكوردستانية كانت و لاتزال ترفض اللجوء الى الارهاب كوسيلة لتحقيق اهدافها و خاصة المرحوم ملا مصطفى البارزاني الذي اشتهر بمواقف و استعداده الدائم لمحاربة الارهاب سواء من الدول او من غيرها .
شهد الأصدقاء , و الأعداء أن الثورة الكوردستاانية كانت ثورة لم تنحدر في أي وقت من الأوقات إلى مستوى إشاعة الإرهاب بأعمال تخالف قواعد الأخلاق , و روح القانون . ظل الشعب الكوردستانى سنيناً عديدة يلتزم بالمبادئ العامة لإدارة الحرب , و العهود , و المواثيق التي تنظم حرب الأنصار التزاماً حرفياً . و لم يمارس عملاً ارهابياً , لا داخل العراق , و لا خارجه في حين توفرت لديه الامكانات كلها ليمارس هذه العمليات , و بهذا كسبت الحركة التحررية الكوردستانية احتراماً ندر ما كسبته ثورة أخرى عبر التاريخ الحديث في أوساط الشعب الكوردي عامة , و في الاوساط الدولية سواءً بسواء , رغم الضنك الشديد الذي كان يعانيه شعبنا , إذ كادت كوردستان تكون ساحة حرب دائمة, و سماؤها موقعاً للطائرات المغيرة ليلاً و نهاراً , إلى جانب الانتهاكات , و أعمال الإبادة الجماعية , التي كان يرتكبها الجيش بين آونة و أخرى .
فلا تدعنا الى تغيير موقفنا من الإرهاب , و لا تفقدنا ..... لنقابل تلك الأعمال بمثلها . كما حصل في السليمانية عام (1963) عندما قام الزعيم (صديق مصطفى) آمر اللواء العشرين بدفن (86) شخصاً من الأهالي و هم أحياء , كما قام آمر الفوج (طه الشكرجي) بشنق (39) شاباً على أعمدة الكهرباء , و قيام غانم مصباح الأمين , آمر اللواء العشرين في سرجاوه قرب بيتواته بتمزيق أجساد (72) مواطناً تحت سرفات الدبابات .
في العام 1969 في قرية (دكان) أحرق (67) امرأءة , و طفلاً , و في قرية صوريا المسيحية قتل تسعة و ثلاثون من الفتيات , و الأطفال , و النساء , و الرجال فضلاً عن حوالي أربعين من الجرحى بأمر الملازم عبدالكريم محمد الجحيشي .
هذه الكوارث , و القتول الجماعية لم تحاول الثورة مقابلتها بالمثل مطلقاً , و لو بتفجير عبوة ناسفة في مجتمع , أو في قرية من القرى , و لا قتل سفير , أو دبلوماسي , أو مسؤول من المسؤولين الحكوميين .
كما أن البارزاني لم يسمح خلال مدة قيادته للحركة التحررية الكوردستانية أن تتعرض قرى , و مدن كوردستان إلى الدمار , و الخراب , و لم يعلن الحرب على أحد . كان دائماً موجوداً في الجبال , و يقاتل الأعداء منها , لكي لا يلحق الضرر بالأبرياء , و يحافظ على سلامة شعب كوردستان , و كان يحل الخلافات التي تحدث بين أجهزة الثورة , أو أصدقاء الكورد بعين العطف و الشفقة , و لم يسمح بأن تتعمق هذه الخلافات , أو تتفاقم بفعل سعة صدره و قلبه الروؤم .
كان البارزاني ضد العنف و التطرف , و أي عمل أرهابي , و كان بعيداً عن أساليب الغدر , و الاغتيالات السياسية , طيلة فترة نضال الحركة التحررية الكوردية و قد قال عنه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كلمات مثيرة تليق بمقامه حين قابله في القاهرة , كما اكتسب احترام الزعيم عبدالكريم قاسم , و قال عنه الرئيس حسنى مبارك : إنه رجل عظيم يستحق القراءه عنه .
ان البارزاني ذلك الزعيم الذي لم تغره قوته , و إخلاص أبنائه , و رفاق كفاحه المناضلين الأشداء , لأن يلجأ إلى اختيار الاغتيالات , و التصفية الجسدية لأعداه , و لم تتحول قواته إلى مليشيا طائفية , أو حرس خاص , بل على العكس من ذلك .
حين تنتهك باستمرار حقوق شعب مغتصب الوطن , و مجزء من قبل الآخرين الأجانب , و يضطهد يسعى بدون شك في كل مجال , و فرصة تسنح له , و يلجأ إليها للتخلص من هذا الظلم , و الاضطهاد , و التجزئة , و يستخدمها في حين ان أصدقاء , و أعداء الثورة الكوردية , و قائدها البارزاني شهود على أن الثورة الكوردستانية كانت أنظف ثورة لأن بيشمه ركه البارزاني لم تنزل إلى هذا المستوى أبداً , بأن ينشر الإرهاب , و يستخدمه , و يحيد عن الأخلاق , و القوانين الدولية .
و في هذا الصدد يقول اليكساندر كسيلوف مسؤول جهاز المخابرات في الاتحاد السوفيتى K.G.B في عام (1973 – 1974) ((إن البارزاني قد اضطر دوماً إلى حمل السلاح , إن أعظم المواقف , و أذكاها التي أبداها البارزاني تتمثل في أن أي قطرة دم لم ترق بمبادرة من البارزاني , و إنما دافع عن شعبه) . هذا كلام مراقب , و شاهد, و مطلع عن كثب على ذلك .
و يقول السيد مسعود البارزاني (عام 1984 زرت المستشار النمساوي (برونو كرايسكى) في فينا , و الذي كان واحداً من قادة الاشتراكيين الديمقراطيين العالميين المشهورين , و استقبلنى بحرارة , و أحترمني كثيراً و من بين أقواله (إني صديق والدكم , و أحب الشعب الكوردي , و أنصحكم أن تستمروا على نظافة , و نقاء هذا النهج , أبتعدوا عن الإغتيالات كلما استطعتم إلى ذلك سبيلاً , لأجل كسب عطف و حب البلدان .
و من المواقف الدالة على منع البارزاني القيام بأي اعمال ارهابية , فبعد العمليات المتتالية للحكومات العراقية للاعمال التخريبية , إلا أن الرد لم يكن يمثل العمل , لقد ترفعت الثورة , و بناءاً على توجيهات , و أوامر البارزاني عن القيام بمثل هذه الاعمال الدنيئة كزرع القنابل في الحواجز , و المدن , و تفجيرها بين الناس , و منها على سبيل المثال يقول السيد مسعود البارزاني بعد محاولة اغتيال البارزاني الفاشلة في (29 ايلول 1971) (يتحتم عليّ أن أنقل وجهة نظر البارزاني إثر هذه المؤامرات , و الأعمال التخريبية , ذات يوم قصدني مسؤولوا جهاز الأمن الثوري , قائلين : وجدنا سبيلنا إلى وضع قنبلة في منزل (خير الله طلفاح) و هي عملية مضمونة النجاح مائة بالمائة , و من جانبي تصورت أنها قد تقدم دليلاً على كفاءة جهازنا , و ارتفع قدر نفسي في نظري , و أقبلت على البارزاني أحمل إليه الاقتراح , فبدأ عليه الغضب مني و قال :
هل هناك ضمان بأن لا يصاب النساء أو الاطفال ؟ .
قلت كلا لا ضمان لذلك .
قال : إذن مالفرق بينكم , و بين ناظم كزار , ثم نظر إليّ , و قال :
اصغ اليّ جيداً , حذار من أن تقوموا على قتل الابرياء , و قتل النساء , و الأطفال , فهذا من عمل الجبناء , الذين لا يخافون الله . إن لم أكن موجوداً بينكم لأحول دون هذا , فأنا لا أسمح لك في أي وقت من الأوقات أو أي ظرف ان تجيز القيام بمثل هذه الاعمال المشينة .
- ان موقف الشعب الكوردستاني من الجماعة الارهابية الشرسة التي تسمي نفسها (دولة الخلافة / داعش) و ما قدمه هذا الشعب من تضحيات دليل اخر على ان الشعب الكوردستاني يقف صفاً واحداً في مواجهة الارهاب حيث قدم اكثر من (1700) شهيد من خيرة ابناءها و اكثر من (10000) ألف جريح و ضرب اروع الامثلة في الفداء و القتال ابهر العالم الديمقراطي المتحضر و دفعه الى تقديم المساعدات اللازمة من الاسلحة و العدد العسكرية لأنه كان الجيش الوحيد الذي يقاتل داعش على الارض و تمكن من كسر شوكتها و ايقاف مدها بعد أندحار الفرق العسكرية العراقية أمامها ، هذه الجماعة التي حاولت طمس الهوية الكوردستانية وفعلت فعلتها في مناطق سيطرتها بين القتل والابادة الجماعية والاتجار بالنساء كسبايا في الاسواق وممارسة ابشع انواع التعذيب ....الخ.
- مواقف السيد (مسعود البارزاني) رئيس اقليم كوردستان المتكررة من مواصلة محاربة الارهاب اينما كانت و انها تعد هدفاً سامياً له لعلم سيادته بخطورة هذه الظاهرة العالمية التي لا تعرف الحدود و الدين و المذهب و بات مرضاً يعاني منها الدول بأسرها .
كل هذا دلائل قاطعة على أن إجراء الاستفتاء والاعلان عن الدولة الكوردستانية لا يزيد إلا الاصرار على محاربة الارهاب وكل القوى الظلامية التي لا تريد الخير للأنسانية ..