لقد اختار الشعب الكوردي بولاية الموصل سنة 1921 الانضمام إلى المملكة العراقية الهاشمية حيث كانت تضم ولاية الموصل آنذاك معظم كوردستان العراق حالياً ، وكان ذلك القبول معقودا بأمل وهو الاعتراف بحقهم في تقرير المصير فيما بعد وتحقيق طموحاتهم السياسية والثقافية وان رفض عدهم ولاية تابعة لتركية هو ما تتمتع به العائلة الهاشمية بمقبولية في نفوس أهلي كوردستان ذك الوقت .
منذ ذلك الحين وحتى ألان يرفض الشعب الكوردي جميع محاولات الإلغاء والإقصاء ويصر على ممارسة انسانتيه وحريته وخياراته الاجتماعية والثقافية والسياسية بطريقة حضارية سلمية ، دونما اللجوء إلى أستخدام الطرق العسكرية لو لا انه اضطر إلى ذلك إزاء الحروب التي شنتها الحكومات العراقية المتعاقبة ضد الكورد ومطالبهم المشروعة ، كما هو حقهم المشروع في الدفاع عن النفس .
حيث تعرض شعب كوردستان العراق إلى أبشع أنواع الاضطهاد والإقصاء والإبادة الجماعية والأنفال ، كما حصل في السبعينيات و اواخر ثمانينات القرن العشرين وبسبب تلك السياسية العنجهية لقي ما يزيد عن ربع مليون مواطن كوردي مصرعهم وأمست ألاف القرى مدمرة بفعل صدام وحزبه ، تلك العقلية والثقافة التي تعاملت بها معظم الأنظمة العنصرية والمحتلة لكوردستان بأجزائها الأربعة ضد طموحات شعب يتجاوز تعدادهم الأربعين مليون نسمة يحلمون بدولة تحفظ كرامتهم وحريتهم .
بعد عام 2003 أستبشر شعب كوردستان خيراً بسقوط الدكتاتورية التي مثلها النظام السابق بحزبه ، وكان العقد معزوما على تأسيس دولة فيدرالية تؤمن بدولة المواطنة ودستور يحفظ حقوق جميع أطياف الشعب العراقي وبعيداً عن المحاصصة و الطبقية ، إلا إن السنوات (14) الأخيرة أثبتت إن لا شي قد تغير ، أنما الأسماء هي فقط التي تغيرت فالعقلية هي نفس العقلية والثقافة التسلطية هي ذاتها بل زاد الإقصاء والتهميش للكورد خاصة في زمن المالكي وكًشفت النوايا المخبئة ضد الإقليم وبأساليب خبيثة ربما تكون أكثر إيلاما مما حدث سابقاً ، فقد تم محاصرة الإقليم و إشاعة الكراهية والحقد ضده وضد قيادته ورموزه والعمل على شق الصف الكوردي .
أن ما جاء على لسان النائبة في البرلمان العراقي عتاب الدوري على أن " لغة الحوار مع كوردستان باتت لا تفيد وعلى الحكومة الاتحادية اتخاذ موقف حازم " مستهزاءٌ باستقلال كوردستان وبتاريخ نضال الشعب الكوردي ، وموارد الإقليم محذرتاً بالخطر الذي سيلحق بالإقليم إذا ما قرر الاستقلال وتبعات ما قد يحصل من كوارث ضد كوردستان حكومته وشعباً والتهديد بموقف خطير من الدول الإقليمية المجاورة أن هذا التصريح وما سبقه من تصاريح ممثلة ليست بغريبة و لا بجديدة على الشارع الكوردستاني والسبب يعود إلى الازدهار والتطور الحاصل في الإقليم سواء العمراني أو السياسي والثقافي ، أرعب الحاكمين في بغداد ويعملون على إيقاف تلك العجلة بالتقدم لأنه لو قورنت ببغداد والمحافظات العراقية الأخرى لرجحت كفة الإقليم عليها .
ففي الإقليم خفض نسبة الفقر من (50) بالمائة عام 2003 حتى أصبحت أقل من (7) بالمائة في 2013 ، كذلك الحال بالنسبة للصحة والتربية والتعليم العالي والبناء التحتية ومختلف المرافق العامة وأهمها مرفق الكهرباء التي كانت تغطي وبنسبة (24) ساعة في اليوم قبل 2014 ، ناهيك عن الأمن الذي يشهد به القاصي والداني ، إما في بغداد وباقي محافظات العراق والجنوب خاصة لأنها لم تشهد عمليات عسكريا كما في المحافظات الغربية ، فكان العكس تماماً ، حيث اختفت معالم الدولة وانتشرت الفوضى وتراجعت جميع مجالات الحياة التي يجب توفرها بدولة بحجم العراق خاصة الأمن والكهرباء فباتت معدومة نوعا ما ، وانتشار الفساد الإداري والسياسية الطائفية المتبعة أداة إلى فقدان الأمل بالحياة المشتركة والتعايش وفقد الثقة بين جميع الأحزاب و السياسيين و إعادة العراق خمسون سنة إلى الوراء .
إن ما تحقق في كوردستان وما صموده إمام الحصار الذي استخدامه المالكي والحروب القذرة التي شنها داعش ، كانت النتيجة هي تعاطف و زيادة الدعم الدولي لكوردستان و العلاقات الدبلوماسية القوية التي بنتها القيادة الكوردية مع دول العالم وخاصة الإقليمية منها ، كل هذا الصمود والسياسية الناجحة لقيادة الإقليم ، يؤكد إيمانه بالاستقلال والخلاص من دولة لا تمت بأي صلة بمفهوم المواطنة والتعايش السلمي والحقوق والحريات .
لا جل ذلك وبعد فشل كل محاولات الإقليم وقيادته من ترتيب الأوضاع مع بغداد ، سيذهب إلى تنفيذ إرادة شعبه في الاستفتاء بأسلوب حضاري يعتمد على التفاوض والحوار مع بغداد وهذا ما دعت إلية قيادة الإقليم بغداد والأمم المتحدة وكل العواصم الأوربية ودول الجوار والولايات المتحدة وببقية الحلفاء والأصدقاء .