إسرائیلیات نوري المالكي و فلسفة الحقد علی كوردستان
بحسب الفیلسوف الألماني فریدیك نیتشه یمکن للقوی الإرتکاسیة أن تتغلب على القوى الفاعلة عندما يحل الأثر محل الإثارة داخل الجهاز النفسي، ويحل ردّ الفعل محل الفعل ويتغلب عليه. بهذه الطریقة البسیطة یعبر الفیلسوف العظیم عن الحقد، بإعتباره ردّ فعل يصير محسوساً ويكف في الوقت ذاته أن يكون مفعولاً به، بل إن هذا الحقد في تصور نيتشه هو الذي یحدد المرض بصفة عامة. الحقد إذن هو: اكتساح اللاوعي للوعي، وصعود الذاكرة الأثرية إلى الوعي، بالذات.
وفي علم التفسیر تنقسم الإسرائیلیات الی ثلاث أقسام، منها ما يُعلَم صحته بالنقل وهو صحيح مقبول. وكذا إذا كان له شاهد من الشرع يؤيده. ومنها ما يُعلَم كَذِبه فلا يصح قبوله ولا روايته وأخیراً منها ما یسکت عنه لا هو من الأول ولا من الثاني.
وفي علم التفسیر لنوري المالکي الكثير من الهوامات الأصولیة التراجعیة والخیال المخترع ، نشك في صحة کل ما یقدمه ، رغم أننا علی علم مسبق بأن هذا الشخص مصاب بمرض الميغالومانيا والبارانويا.
لقد أسهم المالکي بسبب نهجه الطائفي بشکل فعال في تدمیر العراق وأنتج خلال فترة حكمه الدكتاتورية ، مستخدماً سیاسة الإقصاء تجاه الكورد والسنة، حیث جعل دورهما هامشیاً وقام أخیرا ًبتسليم مدينة الموصل ومدن أخری الى تنظيم مایعرف بـ”داعش”. ها هو الآن یأتي بأحادیث جدیدة كاذبة یزعم بأن "كوردستان أصبحت منبتاً لكل الشركات والمخابرات الإسرائيلية" و یتجرأ بالتطاول علی مسألة إستقلال كوردستان بالقول بأن "الشعب الكوردي لایرید الإستقلال" ویقول "إذا اقتضى الأمر يجب أن يُردع نوایا قیاداتهم بالقوة".
هذا السیاسي الفاشل هدر الملیارات من المال العام من أجل تمکین أناس هم أعداء للفهم، درّبهم علی إتقان لغة التصديق و التصفيق والتهليل، كي یستخدموا کأرقام في حشد أعمی أو كأبواق ترجِّع صدی الخطب والكلمات، أو كدمی يتم تحريكها عند إعطائها كلمة السر، وهذا هو مصدر التخلف والفقر والتسلط والإستبداد.
إن هروبه من مجابهة الذات و ممارسته لأقصی درجات المكيافيلية في التهاجم علی الكورد و كوردستان بثنائيات لا يمكن أن تترجم سوی في أعمال القمع والعنف والإرهاب. فهدف المالكي واضح، وهو العمل علی تنفیذ الأجندة الخارجیة وإقامة نظام شمولي نظیر ولایة الفقیه، يقوض عن طریقه بحزبه و معسكراته العقائدية حيوية الكيانات المختلفة في العراق، التي يريدها هو أن تدين و تنتسب أو تتبع للمرشد الأعلی والزعيم الحاكم بأمره.
فلیعلم المالکي ومن یدور حول أفکاره بأن الشعب الكوردستاني منذ سقوط الإمبراطوریة العثمانیة والی الآن یناضل بکافة الوسائل المدنیة والثوریة دون هوادة من أجل إستقلاله ووحدها قوات البیشمرکة ترسم الیوم حدود کوردستان بالدم.
من الواضح بأن صناعة التاریخ فعل مشترك أسهم فیه کل من له عین تری، وأذن تسمع و عقل یعي وقلب یخفق ممن أثر بصورة أو بأخری في خلق الظروف المناسبة لتغيير مجری التاریخ.
أما محرك التاریخ الحقیقي فهو القلق الدائم والجهد المثابر ، إذا إنطفأ هذا المحرك لم یکن ثمة علم ولم تکن ثمة حضارة. فالحركة تعبر عن الصیرورة التاریخیة المتجهة الی المستقبل "المصیر".
لایمکن إهمال (العامل الشخصي) – الذاتي - في تعلیل الحوادث أو في صناعة التاریخ ولا سیما "للقادة والأبطال" الذین أثروا في مجری التاریخ لامتلاکهم مواصفات القایادة التاریخیة من جهة وإعتمادهم علی "الجماهیر" في إحداث التغيير التاریخي- العقلاني من جهة أخری. فمکانة رئیس الإقلیم مسعود بارزاني کقائد کوردستاني تترسخ بشكل أكبر يوماً إثر يوم و موقع الإقلیم تزداد قوة في المعادلة الإقلیمیة.
شعب كوردستان وقوات البيشمركه المناضلة يحاربون الیوم بصرامة وعزم الإرهاب والتطرف الديني والسياسي إذا ما أقتربت من أراضيه أو أرادت النيل من أمنه وإستقراره و كرامته.
إن وصول الكورد إلى حقوقهم المسلوبة سيکون عاملاً أساسیاً في عیش المنطقة في الاستقرار وتحقیق المساواة بين أهالي المنطقة، التي تضم قوميات وأديان ومذاهب مختلفة، لا العکس.
عن قریب سوف یتم القضاء علی تنظیم داعش المسلح في العراق و سوف تظهر ولحسن الحظ تغییرات جذریة في الجغرافیة السیاسیة في المنطقة.
نحن نری الیوم ضرورة تجزئة العراق إلى ثلاثة كيانات منفصلة للشيعة والسنة والکورد للحيلولة دون المزيد من إراقة الدماء ولحلّ الازمة السياسية.
إن عدم الثقة بین الکیانات وصل لمستوى لا يسمح لتلك الکیانات البقاء تحت سقف مایسمی الیوم طوباویاً بالعراق الإتحادي الفدرالي التعددي الموحد.
إن لهجة التهديد التي یستخدمها المالکي و التنبؤ بالفوضى بعقل استئصالي إستيطاني لا تنفع ولا تقلل من عزم حكومة الإقليم علی اﻟﻤﻀﻲ ﻗدﻤﺎﹰﻓﻲ ﻤﺸروعها حول الأستفتاء العام بهدف الإستقلال.
فالوجود التاریخي لایمکن أن یکون حقیقیاً إلا إذا کان حالیاً أي "معاصراً" و لندع التاریخ یتحرك بلا عائق وتسترد الطاقات الحیویة کامل قدرتها و لینشط الفکر بلا قید و لنعرف إتجاه حرکة تاریخنا.
نقول للمالکي ولمن على شاكلته بأن شعب كوردستان یأخذ التطور الميثولوجي، أو ما يمكن تسميته (السوسيومودرنية) المعتمد علی المعايير العالمية الموحدة للحقوق السياسية والمدنية والشخصية للإنسان بجدیة ولا يريد بعد اليوم العیش مع أصحاب العقليات التي تقوم بالحملة التبشيرية من أجل المركزي ولا یرید أن یکون شریكاً مع کیانات و جهات داخلیة وخارجیة تروج للطائفیة والمذهبیة الدینیة .
و ختاماً: المتغيرات فرصة لا كارثة و الجديد غنی لا فزاعة و من يريد أن يعيد زمن المعجزات ينسی بأنه يعيش اليوم عصر الشعوب.