فلسفیاً تدل الحریة على تلك الملكة التي تميّز الكائن العاقل الناطق، من حيث هو موجود واعٍ يمارس الفعل بإرادته هو، لا بإرادة كائن آخر غريب عنه.
من الناحیة الإنسانیة كانت الحریة ولا تزال جوهر الإنسان وماهيته، فهي الأصل الذي تنبثق منه كل الأشياء، والدّم الذي يجري في كينونة كل بشري بصخب وعذوبة، لمنحه الحياة والإنوجاد.
فالإنسان ليس إنساناً إلا بحريته والعکس هو صحیح، حیث لا معنى للذات الإنسانية في غياب الحرية.
أما مفهوم الحریة فله دلالة ثورية والعقلانیة تری في واقعة الحریة فعل أو حدث تتحقق بالتحدي والإصرار والجرأة على مواجهة کل التهدیدات والحملات الدعائیة ضد رافعي رایة الحریة المرفرفة.
ومع ولادة جدیدة لمفهوم العالم قوامها الإنسان الحر یسعی شعب كوردستان بكافة قومیاته و أطیافه الدینیة في الخامس والعشرین من أیلول 2017 الی صنادیق إستفتاء الإستقلال لیثبت بصوته أرادته في إختیار الحریة و الإستقلال في منطقة ملیئة بفایروس الإرهاب القتال و تسلط جبروت الأیدیولجیات الطائفیة المقیتة و بروز الأفکار التراجعیة البعیدة عن التمدن والتقدم و المعاصرة.
بإجراء عملیة الإستفتاء یثبت شعب كوردستان جدارته و جاهزیته في التقدم و الإنفتاح على كل آفاق الذاتية والعقلانية والحرية والفردانية والاختلاف والتجديد و یثبت أیضاً رفضە القاطع للإرتهان داخل فضاء العبودية والإتباع والتقليد.
نعم إنە حدثٌ تاریخي یعارضه من یرید أن یبقی اللاإستقرار في العراق أو تستمر الخلافات في المنطقة أو أن لاتحترم إرادة شعب.
الأنظمة الاستبدادیة في المنطقة تسعی دوماً لإفراغ نضال الشعوب من محتواه الدیمقراطي والتقدمي وإذا تمکنت فهي تحاول حرمان الشعب الكوردستاني من حقوقه والتشهیر بعدالة قضیته. هذه الأنظمة لا تستطیع الإقرار بحقوق الشعوب المتواجدة علی أراضیها، فکیف الإقرار بحقوق شعب كوردستان في العراق.
لقد ناضل شعب كوردستان أكثر من قرن من أجل هذا الیوم المجید وهو لایرید الإستقلال علی حساب أیة أمة أخری.
علی الشعوب المجاورة وشعوب العالم إدراك هذه الحقیقة وعلیهم أن لاینخدعوا بأخبار الصحف والإعلام الصفراء و المزورة ، التي تشوه قضیة شعب مسالم یدافع عن حقوقه المهضومة، شعب یخطوا بأسلوب دیمقراطي نحو الحریة والإستقلال.
بالطبع لا یمکننا أن نصدق بإمکانیة الاستمرار في إضطهاد شعب یصرّ علی نیل حریته و هو مستعد لدفع أي ثمن في سبیل ذلك. نحن لا ننسی حروب الإبادة التي مارستها الحکومات الدیکتاتوریة والشوفینیة في العراق ضد شعب كوردستان.
ففي عام 1963 قامت حکومة بغداد بهدم الآلاف من دور الكورد في أحیاء الشورجة و آزادي في مدینة كركوك ومسحها بالإرض و تشرید سکانها، الذین یریدون الیوم الإدلاء بأصواتهم للإستفتاء.
حیث تم تهجیر سکان 21 قریة في ناحیة دبس التابعة لكركوك بعد تهدیم دورهم. وقد بلغ عدد هؤلاء آنذاك حوالي 15 الف عائلة.
وفي 10 حزیران من نفس العام شنت السلطات العراقیة بالجیش وکافة أجهزة القمع حرب إبادة شاملة ضد شعب كوردستان، تصاحبها عملیة هدم و حرق القری وتشدید الحصار علی سکانها.
وفي 2 تموز 1963 وجهت جمهورة منغولیا الشعبیة رسمیاً رسالة الی هیئة الأمم المتحدة تطلب إدراج موضوع "سیاسة الإبادة الجماعیة ضفد شعب كوردستان في العراق، في جدول أعمال الدورة العامة للهیئة، أي قبل 54 عاما، وهنا نری الیوم الأمم المتحدة ترید إقناعنا بتأجیل الإستفتاء للإستقلال.
هناك أمثلة كثیرة علی حروب الإبادة ضد شعب كوردستان الأبي مارستها تلك الأنظمة الرجعیة القومویة في السبعینات والثمانینات من القرن الماضي، أشهرها حرب الأنفال والقصف الکیمیاوي.
لقد آن الأوان لهذا الشعب أن یختار الإستقلال لیبني دولته المدنیة الدیمقراطیة الحرة الضامنة للحریات العامة وحقوق الإنسان والمنشدة للسلام الشامل في العالم.
وختاما: علینا فتح آفاق جدیدة لبناء وطن و إنسانیة جدیدة وحیاة مختلفة، نکسر معها العقلیة المرکزیة والعقائقد الإصفائیة الطائفیة والمنازع النرجسیة و نقول للعالم لایمکن معالجة المشکلات بالأدوات التي تعید إنتاجها علی الشکل الأسوء والأخطر. الحل هو أولاً وأخیراً في الإستقلال لضمان حریة شعب كوردستان فأهلاً بالإستقلال .