أهمیة مشاركة الرئيس مسعود بارزاني في الإجتماع السنوي للمنتدی الإقتصادي العالمي (دافوس 2017)
منتدی دافوس الإقتصادي ، الذي إجتذب علی مدی تاريخه أسماء لامعة من عالم الأعمال و الأكاديميين و السياسة والفن، منهم نيلسون مانديلا، بيل كلينتون، أنجيلا ميركل، بيل غيتس، توني بلير، مسعود بارزاني، منظمة غير ربحية، تمول نفسها بالإشتراكات التي يدفعها أعضاؤها، تأسس من قبل كلاوس شفاب، رجل أعمال الماني الأصل، بهدف ربط الصلة بين زعماء المال والأعمال الأوروبيين ونظرائهم في الولايات المتحدة لإيجاد طرق تعزيز التعاون وحل المشاكل.
بدأ المنتدی أعماله عام 1971 تحت عنوان "منتدى التسيير الاقتصادي الأوروبي". أما المشرفون علی المنتدی يدّعون بأن منتداهم ساهم في الماضي بشكل فعّال في تهدئة الخلافات بين تركيا واليونان، وبين الكوريتين، وبين ألمانيا الشرقية والغربية، وفي جنوب إفريقيا أثناء نظام التمييز العنصري.
یعتبر المنتدی لهذا العام، 2017، للکثیر من المشارکین حدث مزدوج، ففي البدایة هناك برنامج رسمي تناقش فیها القضایا الإقتصادیة والإجتماعیة العالمیة بشکل عام و بعده تسنح الفرص للقاءات فردیة بین رؤساء الدول و أصحاب الشرکات الصناعیة العالمیة لتبادل الآراء في مجموعات صغیرة وإجراء مفاوضات حول قضایا راهنة ومهمة.
بالتأکید سوف یتم الحدیث بین المشارکین، الذین تصل عددهم الی حوالي ثلاثة آلاف شخص ، أكثرهم من الولایات المتحدة الأمریکیة، حول التحولات في منطقة الشرق الأوسط وإعادة الإعمار بعد القضاء علی "الدولة الإسلامیة" المسمی بداعش والمسار الذي تتبعه الإدراة الجدیدة المنتخبة في أمریکا.
ولأول مرة نرئ حضور صیني فعّال في هذا الحدث المهم، حیث یشارك الرئیس الصیني، شي جين بينج، شخصیاً، علی خلاف کل من المستشارة الألمانیة ، أنجیلا میرکل، والرئیس الفرنسي، فرانسوا هولاند، حیث أعلن عدم مشارکتهما لأسباب لم تذکر.
أما الرئیس الأمریکي ، باراك أوباما، المنتهية ولایته فلا یحضر الإجتماع، بالمقابل سوف یحضر کل من نائبه جو بایدن و وزیر خارجیته جون کیري. رئیسة حکومة بریطانیا، تيریزا ماي، فسوف تحسب من الحاضرین في إجتماع المنتدی لهذه السنة.
بالتأکید سوف تکون مواضیع مثل النمو الإقتصادي والشکوك المتزایدة حول تشابك المخاطر الأمنیة التقلیدیة والعولمة الإقتصادیة و التعاون الدولي و التحولات الرقمیة و تأثیرها علی المجتمعات في العالم علی جدول الأعمال.
إن مشاركة الرئيس مسعود بارزاني، الذي يكون ضمن مجموعة من رؤساء دول و حكومات، في منتدی إقتصادي عالمي يحمل عنوان «قیادة مسؤولة و قابلة للتکیف» دليل علی إهتمام حکومة الإقليم بالفلسفة الجديدة للإقتصاد و سعيها الدٶوب في الدخول الی منظمة التجارة العالمية من أجل تحقيق مكاسب علی أرض الواقع و يقينها بأن الشعوب أصبحت تقيّم النظم الإقتصادية من خلال المكاسب، لا من خلال الإنغلاق السياسي والإقتصادي أو من خلال نظريات طوباوية و كلمات منمقة و رفع شعارات زائفة.
فمع تفجير أطر الزمان والمكان بسبب ظهور الإنسان الرقمي و العمل الإفتراضي والفاعل الميديائي و إنتهاء زمن العقل الإمبراطوري، نری اليوم صدارة الإستثمارات الأجنبية في قضايا الإقتصاد المعاصر، التي كانت قبل عقود قليلة موضع الشك والريبة، بإعتبارها كانت تفسر كأداة للتجنيد وممارسة أنشطة مناهضة للإيديولوجيات والنظريات القومية الضيقة، التي إحتلت زهاء نصف قرن عقول النخب السياسية الضالة في العالمين العربي والشرقي و ساهمت مساهمة سلبية في تأخر المجتمع و الإقتصاد القومي. إن فكرة تشجيع الإستثمار الأجنبي لا فقط في نقل رأس المال، كما يتخيله سذجة علوم الإقتصاد، بل في نقل التكنولوجيا والإدارة الحديثة و تطوير ثقافة العمل و الإشراك في النهضة العلمية الحديثة أمر مهم.
حكومة إقليم كوردستان بادرت في السابق لجذب الاستثمارات الأجنبية و منحها إمتيازات وعرضت مجموعة من الفرص الاستثمارية في الاقليم وتم بفضل هذه المبادرة تنفيذ مشاريع سكنية وفندقية عظيمة و إنشاء عدد من الجامعات الخاصة مثل الجامعة الأمريكية في کل من المحافظتین السلیمانیة و دهوك و مصافي للمشتقات النفطیة ومحطات لتوليد الطاقة الكهربائية ومجموعة أخرى من المشاريع الصناعية.
وسوف يسمح هذا المحفل للوفد الكوردستاني المشارك بالإلتقاء بالأوروبيين والأمريكيين وإبرام صفقات تجارية و طرح مشاكل آنية والبحث عن حلول لما بعد "داعش" و إنهاء الأزمة الإقتصادیة في الإقلیم و إنهاض البنیة التحتیة.
نتمنی أن يحصل رئیس الإقلیم، المٶمن بالسياسة الديمقراطية و الحداثة و الإقتصاد الليبرالي المعولم، المزيد من الدعم العالمي لقضية شعبه العادلة وتعزيز وتثبيت المكانة الإقتصادية للأقليم دولياً من أجل ترسيخ مبادیء الديمقراطية الجذرية فيە، لیکون الإقلیم نموذجاً حیاً في المنطقة یحتذی به.
وختاماً: "لا سبيل اليوم لمجتمع أن ينمو و يتطور أو أن يتقدم و يزدهر من غير أن يمارس حيويته الإقتصادية، فالهوية هي صيرورة تصنعها العلاقة مع الغير، كما الدين هو المعاملة و العقل هو المداولة و السياسة هي الشراكة."