ارتبط وجود العراق من أول وجوده بالرافدين (دجلة والفرات) لأنهما مصدر الحياة والنماء والخصوبة والبقاء وهما أكسير الحياة, واليوم يشهد العراق اعلان حالة حرب رسمية عليه من دولتين ابتلانا الله بجيرتهما ولم نحصد منهما أي خير هما تركيا وايران, حيث قامتا بقطع مصادر المياه وتقليل الحصة المائية الداخلة للعراق تدريجياً وبخطة ممنهجة ومدروسة مخالفين بذلك كل القوانين الدولية التي تنظم العلاقة بين الدول المتشاطئة أوالمتشاركة في مصادر المياه ومخالفين كل الأعراف الدينية والتأريخية وعلاقات الجيرة والمصير المشترك بيننا وبينهم.

ايران الجارة التي يعتبرها الكثير من ساستنا الشيعة انها الحليف الاستراتيجي والمرجع السياسي والمنقذ والمدافع عن العراق ومصالحه أقدمت وبخطوات متتابعة وبخطة ممنهجة بالسيطرة على منابع نهر دجلة بالكامل وذلك عن طريق انشاء عشرات السدود على روافده وعن طريق تحريف مسارات أكثر من 38 رافد مائي ومنع دخولها للأراضي العراقية وتحويلها الى بحيرات وأنهار داخلية وكذلك أقدمت على قطع نهري الزاب في السليمانية والوند في خانقين وكانت نتائج هذه التصرفات الغير مسؤولة تصحر أكثر من ربع مليون هكتار زراعي بفعل الجفاف الذي ضرب المناطق الجنوبية وحدوث شلل في العشرات من القرى العراقية في الجنوب والوسط والشمال وخاصة تلك التي تعتمد في معيشتها على الزراعة وصيد الأسماك ما أدى الى حدوث عمليات هجرة جماعية منها الى المدن.

كذلك كان موقف الجار الشمالي  تركيا الذي يحسبها معظم ساستنا السنّة هي المرجع والمنقذ والمدافع عن العراق وعن المكون السني أمام مدّ التدخل الايراني في العراق حيث أقدمت على انشاء المئات من السدود على روافد نهري دجلة والفرات وقامت بالقرصنة على حصة العراق من المياه طوال السنوات الماضية وكان آخر هذه الاعتداءات هو انشاء سد أليسو العملاق على منابع نهر دجلة والذي أعلنت تركيا عن بدأ عمليات ملئه اعتباراً من يوم واحد حزيران الجاري والذي أعُدّه هو يوم اعلان الحرب رسمياً على العراق حيث ستترتب على مليء هذا السد نتائج كارثية على العراق من مختلف الجوانب حيث ستنخفض واردات العراق من مياه نهر دجلة الى 9,7 مليار متر مكعب سنوياً بعد أن كانت سابقاً 100 مليار وبعدها انخفضت مؤخراً الى 45 مليار متر مكعب سنوياً وهذه النسبة المتدنية ستؤثر سلبياً وتترك نتائج خطيرة على قطاعات الزراعة ومياه الشرب وتوليد الطاقة والصناعة وستؤدي الى جفاف الأهوار وانتهاء السياحة فيها وكذلك القضاء على الثروة السمكية فيها.

إنّ تزامن وتشابه الاجراءات والتجاوزات التركية والايرانية في عملية قطع المياه عن العراق لايمكن أن ننظر لها على أنها صدفة محضة بل أكاد أجزم بأنها مؤامرة واتفاقية مُعّدة فصولها مسبقاً بينهما والغرض منها القضاء على العراق وذلك بتحويله الى صحراء قاحلة واغتيال رافديه الخالدين دجلة والفرات وازالتهما من الوجود, والمستهجن والمستغرب بأن كل هذه الأحداث المتسارعة التي تحصل ورئاساتنا الثلاثة نائمين في العسل ومنشغلين بملف الانتخابات الذي أزكم أنوفنا برائحة الفساد والفضائح الذي يملأه وكل هذا لغرض ضمان بقائهم في كراسيهم ومناصبهم وتحقيق مصالحهم ومكاسبهم الشخصية.

ان صمتهم على هذه الاعتدائات السافرة والخطيرة من قبل تركيا وايران على العراق والتي تهدد وجوده وتأريخه وحضارته بسبب الولائات السياسية والمصالح الحزبية لهو أمر مخجل ومعيب ولايمكن السكوت عنه , فبالرغم من آلاف التحذيرات التي تم اطلاقها منذ سنوات طويلة من قبل المختصين والمراقبين والاعلاميين عن هذه المخططات الكبيرة وعن خطورة نتائجها وتم اقتراح الحلول الناجحة لايقافها ولكن لم يحرّك أحداً ساكناً  وبقيت الاجراءات الحكومية متواضعة جداً كان آخرها الانجاز التأريخي باستحصال موافقة تركيا على تأجيل عملية ملء السد أليسو من شهر آذار الى الواحد من حزيران عام 2018 .

اقول للرئاسات الثلاثة ولجميع السياسيين وأصرخ بهم صرخةً مدويةً بلسان كل عراق وطني شريف ينتمي بصدق لبلد الرافدين فلتتحرك الغيرة وقوموا من نومتكم واتركوا الانتخابات والمصالح الشخصية والحزبية والاقليمية ومارسوا دوركم الوطني ولو لمرة واحدة وسارعوا الى تشكيل وفد رئاسي عالي المستوى والذهاب الى تركيا وايران ومحاولة وقف هذه الاعتداءات وان لم تنجحوا فسارعوا لتدويل القضية وايصال مظلومية العراق الى كل أرجاء المعمورة واطرقوا كل الأبواب (مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والمنظمات الأممية والانسانية والعربية ومحكمة العدل الدولية) ولتتحرك سفاراتنا ونطرق كل الأبواب ولنحرك ضمير العالم كله للضغط على جارتي السوء تركيا وايران لايقاف تجاوزاتهما وننقذ العراق ورافديه الغاليين وكفى ذلاً وخنوعاً لأنها قضية مصيرنا ووجودنا وكرامتنا.