يدالله كريم/ بعد صدور بيان 11 آذار عام 1970 حصلت العديد من المكتسبات التي لا يتم الحديث عنها كما ينبغي واغلب القراء غافلون عنها! وهنا نشير إلى عدد من النقاط المهمة المتعلقة باتحاد الشبيبة الديمقراطي الكوردستاني وكيفية استقلاله.
النقطة الأولى، ومن اجل التوضيح أكثر، نذكِّر بان اتحاد الشبيبة العالمي الذي انبثق في المحور الشرقي أي أن الاتحاد السوفيتي السابق كان مسيطرا عليه، وجميع المنظمات الجماهيرية الأخرى في العراق كان الحزب الشيوعي العراقي مسيطرا عليها، ولم يكن يسمح للمنظمات المستقلة عنه تمثيل العراق في تلك المنظمات العالمية أو في الدعوة إلى المناسبات العالمية وكانت هذه النقطة جلية للعيان، ومع مجيء حزب البعث وسيطرته على الوضع، أيضا لم يتم السماح للكورد بالمشاركة بشكل مستقل.
النقطة الثانية، نحن وفي ظل اتفاقية آذار جزمنا بان اتحاد الشبيبة الديمقراطي الكوردستاني وان كانت مكانته المحلية مستقرة، إلا أننا كنا نريد أن يكون معترفا به من جهة شؤونه الحكومية؛ لان المنظمة العالمية لاتحاد الشبيبة ومن اجل أي نوع من التعامل مباشر، كانت تشترط أن نكون منظمة رسمية ومعترف بها.
وكانت مشكلتنا نحن الكورد أن الفرصة للنشاط السياسي أتيحت أمامنا إلا أن الموانع القانونية للعمل ألمنظماتي بقيت كما هي. ومن الواضح أن القانون المعمول به لا يسمح بوجود منظمتين مهنيتين متشابهتين في مجال واحد، لتمثيل بلد واحد في الوقت نفسه، ونحن ومن اجل المشاركة في أي نشاط خارجي كان لزاما علينا أن نرافق المنظمات العراقية كجزء منها!
وفي نهاية عام 1970، وفيما يخص باتحاد الشبيبة قدمنا طلبا بهذا الصدد إلى وزارة الداخلية عندما كان سعدون غيدان وزيرا لها، إلا أن الأخير رفض الطلب بداعي أن العراق يملك اتحاد شبيبة والكورد جزء من العراق. وعلى الرغم من إصرارنا على انه، بعد الاعتراف بحقوق الكورد وحسب اتفاقية آذار، لنا الحق أن تكون لنا منظماتنا المستقلة والمشاركة في النشاطات الدولية بشكل منفصل، إلا أن هذا لم يجد نفعا أيضا، وأخيرا ومن دون العودة إلى مرؤوسينا في الحزب الديمقراطي وإبلاغهم، لجأنا إلى مجلس الشورى العراقي كأعلى جهة قانونية. وهكذا اصدر المجلس عام 1971 قرارا حاسما اجبر وزارة الداخلية على منحنا الإجازة.
اذكر عندما انتهى الملف بنجاحنا وخسارة الحكومة، وحسب الأعراف البروتوكولية المعمول بها قمنا بزيارة سعدون غيدان ليقوم بتقديم الإجازة لنا بنفسه، كان يظهر عليه عدم الرضا بشكل جلي!! وعلمنا فيما بعد انه عاتب مسؤولي الحزب بان هذا مخالف لمبادئ التفاهم والاتفاقية المبرمة بين البعث والديمقراطي.
وكان الشهيد سامي عبد الرحمن حينها وزيرا في بغداد، وابلغني باسم المكتب السياسي انه نظرا لحساسية الأوضاع، يجب ألا نتسبب بـ(زعل) بغداد والشكوى من وزير فيها. وهو كان غير راض عما قمنا به!! لكن حدث ما حدث وتم الاعتراف الرسمي بالاتحاد، حتى أن الحكومة وكحق قانوني صرفت مبلغ 500 دينار سنويا لصرفيات الاتحاد على الرغم من الفرق الشاسع مع ما كان يقوم به اتحاد الشبيبة العراقي.
نرى من الواجب الإشارة هنا إلى أن اتحادي الطلبة والنساء الكوردستانيان وعلى الرغم من استقلاليتهما في العمل الداخلي إلا أنهما في المؤتمرات والمهرجانات الدولية والخارجية كان عليهما الاشتراك تحت راية الحكومة العراقية المتمثلة بحزب البعث العراقي آنذاك او الشيوعي العراقي، ليتمكنا من المشاركة فيها، وهذه كملاحظة وشرط من الجهات الداعية، لان الاتحادين لم يحصلا على الاجازة الرسمية والاستقلالية كاتحاد الشبيبة.
النقطة الثالثة والاخيرة وللتاريخ نقولها، ان الاشخاص الخمسة الذين قدمنا الطلب كهيئة مؤسسة كنا جميعا من الكورد الفيليين!! والاسماء تضمنت قاسم ملك علي داد وضياء حسين علي وعبد الرزاق عزيز وشوكت حسن واخير انا عبد الكريم مراد المعروف باسم (يد الله كريم) حيث كنت صاحب مشروع الطلب وتم تسجيله باسمي واستمر الاتحاد بالعمل والنشاط المستقل لغاية انتهاء اتفاقية الحادي عشر من آذار، وبعد انتكاسة ثورة ايلول تم ايقافه عن العمل من قبل حكومة بغداد.