شفق نيوز/ يتزامن "اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب" مع ذكرى أليمة لا تندمل جراحها الغائرة في نفوس الكورد الفيليين وما تعرضوا له من تعذيب جسدي ونفسي وجغرافي على يد النظام السابق، وما تزال قصصهم دليلاً دامغاً على الممارسات اللا إنسانية التي ارتُكبت بحقهم بطريقة لا يمكن أن يتصوّرها إنسان عاقل.
ويعد يوم مناهضة التعذيب الذي يصادف السادس والعشرين من حزيران/ يونيو، فرصة للمدافعين عن حقوق الإنسان والناجين من التعذيب في كل مكان من العالم، للحديث بشكل علني وفضح هذه الممارسات التي تحط من كرامة الإنسان وللتذكير بضرورة دعم ضحايا هذه "الجرائم ضد الإنسانية".
معاناة مستمرة
وفي هذا السياق، يقول مدير المركز الثقافي الفيلي في محافظة واسط، علي الأسد، إن "المكون الفيلي تعرض للظلم بسبب قضيتين، مذهبية وقومية، الأولى لأنهم شيعة، والثانية لأنهم كورد، ورغم مرور سنوات على سقوط النظام السابق إلا أن حقوقهم ومطالبهم لم تتحقق لغاية الآن".
ويضيف الأسد لوكالة شفق نيوز، أن "الكورد الفيليين على قسمين، قسم هُجّر إلى الخارج، وآخر بقي في العراق، وكلاهما عانى من الظلم والاضطهاد".
ويوضح "هناك المئات من عوائل الكورد الفيليين منسيون ويعيشون حتى الآن في مخيمات داخل إيران، ويعانون الأمرّين، فلا هم إيرانيون ولا هم عراقيون، لعدم امتلاكهم جنسية البلدين".
الحقوق المسلوبة
ويشير الأسد، إلى أن "المئات من العوائل الفيلية هُجّرت قبل أن تتمكن من بيع أملاكها، وبقيت أملاكها مصادرة لحين سقوط النظام السابق، وبعد السقوط تفاجأوا بأنها بيعت لأشخاص آخرين، ولم تُعاد معظم ممتلكاتهم المُغتصبة حتى الآن".
ويتابع "كما أن هناك الآلاف من الكورد الفيليين بينهم أطفال ما يزالون مجهولي المصير في المقابر الجماعية، فضلاً عن حرمان أهاليهم من حقوقهم"، مبيناً أن "المئات من الفيليين لم يستطيعوا الحصول على الوثائق العراقية رغم التوجيهات الحكومية بهذا الخصوص، وهناك من يُطلق عليهم حتى الآن (التبعية الإيرانية)".
يذكر أن النظام السابق الذي رأسه صدام حسين ولنحو ثلاثة عقود ساق آلاف الشبان من الكورد الفيليين إلى أماكن غير معلومة وما يزال مصيرهم مجهولاً ويرجح بأنهم قضوا في المعتقلات أو دفنوا أحياء في مقابر جماعية.
كما تعرض الكورد الفيليون للتهجير والاعتقال والقتل إبان حكم الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر بين الأعوام 1970 و1975، ومن بعده صدام حسين في 1980 بذريعة "التبعية الإيرانية"، لكن مؤرخين يرون أن التهجير جاء بسبب انتماءاتهم المذهبية والقومية.
ويقطن الكورد الفيلية وغالبيتهم مسلمون شيعة في المناطق الحدودية الشرقية الوسطى من العراق والجنوبية الغربية من إيران.
وأصدرت الحكومة العراقية في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر من عام 2010 قراراً تعهدت بموجبه بإزالة الآثار السيئة لاستهداف الكورد الفيليين، وأعقبه قرار من مجلس النواب في الأول من آب/ أغسطس من عام 2010 عد بموجبه عملية التهجير والتغييب القسري للفيليين جريمة إبادة جماعية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت في 12 كانون الأول/ ديسمبر، الـ26 من حزيران/ يونيو من كل عام، يوماً دولياً للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، وذلك بهدف القضاء التام على التعذيب وللتنفيذ الفعّال لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية أو المعاملة المهينة.
ودأبت الأمم المتحدة على إدانة التعذيب باعتباره أحد أسوأ الأعمال التي يرتكبها البشر ضد بنيّ جنسهم، وأكدت مراراً على أنه "يجب ألا يسمح أبداً لمرتكبي التعذيب بالإفلات من عواقب جرائمهم ويجب تفكيك الأنظمة التي تسمح بالتعذيب الذي يعد جريمة بموجب القانون الدولي ويخضع لحظر مطلق لا يمكن تبريره تحت أي ظرف من الظروف".
وينطبق حظر التعذيب، وفق الأمم المتحدة، على جميع أعضاء المجتمع الدولي، سواء صادقت الدولة أم لا على المعاهدات الدولية التي يحظر فيها التعذيب صراحة.
وتحقيقا لهذه الغاية، تم إنشاء صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب.
تجدر الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة في عام 1984، والتي دخلت حيز التنفيذ في 26 حزيران/ يونيو 1987، ويتم تنفيذها من قبل لجنة من الخبراء المستقلين، وهي لجنة مناهضة التعذيب.
وعلى الرغم من أن القانون الدولي يحظر التعذيب بجميع أشكاله، حتى في حالات النزاع المسلح أو حالات الطوارئ، إلا أن هذه الممارسات ما تزال منتشرة في أجزاء كثيرة من العالم، مع الإفلات التام من العقاب.