شفق نيوز/ كشف ناشط كوردي فيلي عن تفاصيل تنشر لاول مرة عن دوره خلال الانتفاضة التي عمت ارجاء العراق من كوردستان الى البصرة ضد نظام الرئيس السابق صدام حسين.
واكد الناشط الاكاديمي الدكتور كمال قيتولي في حديث خص به شفق نيوز، انه ومن خلال منظمة مجتمع مدني اسسها في اسكتلندا عام 1983 قام بتنظيم نشاطات واتصالات مع جهات متنفذة في الحكومة البريطانية لبلورة موقف من الاعمال القمعية التي قام بها نظام صدام ضد المنتفضين والهجرة المليونية لشعب كوردستان من خلال قيامه بدور مؤثر على قرار اصدار منطقة الحظر الجوي وتحديد المنطقة الامنة في كوردستان.
وفي التفاصيل اكد قيتولي انه بعد اخراج وتدمير قوات نظام صدام من الكويت في الاسبوع الاخير من شهر شباط، 1991 وبدء الانتفاضة الشعبانية، انتفض الشعب العراقي من البصرة الى زاخو وسقطت معظم محافظات العراق ومن ضمنها مناطق كوردستان العراق وصارت المناطق تحت سيطرة الشعب المنتفض.
واضاف انه بعد حوالي 2-3 أسابيع من بدء الانتفاضة اعطي الضوء الاخضر لصدام لضرب الانتفاضة ومحاولة افشالها في كافة انحاء العراق من قبل ما كان يسمى بالحرس الجمهوري، من دون ان يشير الى الجهة التي اعطت الضوء الاخضر.
واشار الى انه بعد هروب الاف العراقيين المدنيين والعسكريين الى ايران والسعودية وتركيا وسوريا وحوالي ثلاثة ملايين كوردي من المناطق الكوردية اغلبهم الى ايران وقسم قليل نسبيا الى تركيا وسوريا، انتفض العراقيون في الخارج وخاصة في اوربا وامريكا وتفاعلوا مع الانتفاضة في داخل العراق، وكانت الانتفاضة متفاعلة خصوصا في اوربا واميركا وبالاخص في اسكوتلندا – بريطانيا.
وتابع قيتولي انه كان من ضمن النشطاء والفاعلين في نشاطات المعارضة، من خلال جمعية اصدقاء كوردستان في اسكتلندا التي اسسها في عام 1983، موضحا ان الجمعية كانت تعمل بشكل دؤوب لكسب عطف وثقة المجتمع الاسكتلندي البريطاني والحصول على الدعم الكامل من كافة الاحزاب البريطانية في اسكتلندا واتحاد النقابات واتحادات الطلبة وروساء الشعب والجالية العراقية والكوردية.
واضاف انه تم اجراء مقابلات صحفية والتجمع امام المقرات الحكومية والقنصلية الاميركية في ادنبرة والحكومة الاسكتلندية المحلية ومقرات البلديات، لافتا الى ان المطالب كانت ايقاف الابادة الجماعية للشعب العراقي وماكنة الموت لصدام ولحرسه الجمهوري واخراج صدام وقواته من مناطق كوردستان، واقامة المنطقة الآمنة والمحمية من قبل الحلفاء على ان تكون هذه المنطقة الامنة صادرة بقرار من هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي.
واوضح ان المتظاهرين طالبوا بارسال المساعدات المالية والانسانية العاجلة والفورية لحمايتهم من البرد والجوع، ولمساعدة وانقاذ حياة الالاف اللاجئين الهاربين من الارهاب او القتل الذي كان يمارسه صدام واعوانه.
ومن الجدير ذكره ان القرار رقم 688 قد تقدمت به الحكومة البريطانية الى مجلس الامن الدولي وساندته فرنسا، وان القرارين 687 و 688 لم يبحث او يشير في نصوصه الى تحديد منطقة آمنة وحظر الطيران وخطوط 34 و36 لحماية هذه المناطق في الاجزاء الشمالية من العراق – كوردستان وفي مناطق جنوب العراق من بطش وارهاب صدام.
وتابع ان المهم في ذلك ان الخطاب كان موجها الى رئيس الوزراء جون ميجر. وتم كذلك إلقاء خطاب مباشر ومنقول من خلال محطة الـ( بي بي سي) في مؤتمر الحزب الاسكتلندي الوطني في مدينة انفيرنس في اسكتلندا.
وذكر انهم استطاعوا احتلال مقر حزب العمال في غلاسكو مع مساندة وتأييد من بقية الاحزاب والمنظمات لهم واجبار قيادة حزب العمال البريطاني بدعم والموافقة على خمس نقاط قدمت لهم وتفهم مطالبهم من قبل مندوبهم وممثلهم للعلاقات الخارجية اللورد جورج فولكس.
واوضح انه تم التحضير والعمل على اعداد مظاهرة من قبل جمعية اصدقاء كوردستان والمعارضة العراقية والتنظيمات البريطانية بتاريخ 5/5/1991، مضيفا انه خلال اليوم نفسه والفترة التي تقام فيها مراسم الثناء والشكر لللانتصار والانتهاء من حرب الكويت في كاثدرائية كلاسكو من قبل الحلفاء والمشتركين في حرب الكويت والتي حضرها ملكة بريطانيا بالاضافة الى رئيس وزراء بريطانيا جون ميجر واعضاء الحكومة البريطانية وشخصيات بريطانية والرئيس الاميركي جورج بوش ورؤساء الدول و ممثليهم في بريطانيا والقياديين العسكريين ايضا.
وذكر ان اكثر من الف شخص اشتركوا في المظاهرة وممثلين عن الاحزاب المختلفة في بريطانيا وخصوصا المنظمات والاحزاب العمالية والطلابية والدينية ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة العراقية والكوردية وجابت الشوارع الرئيسة في وسط مدينة غلاسكو وتم إلقاء الخطب والهتافات من قبل رؤساء الاحزاب والكنائس واتحاد النقابات العمالية والطلابية للمطالبة بحماية الشعب العراقي واللاجئين وتاسيس منطقة آمنة للشعب الكوردي في العراق وبقرار من هيئة الامم ودعم من الحلفاء، مبينا ان هذه المظاهرات والمطالبات قد تم نقلها وبثها مباشرة من العديد من محطات التلفزة ونشرت في الصحافة بشكل واسع ومستمر.
وبين ان عضو بلدية جنوب ادنبرة – عاصمة اسكتلندا سترون ستيفنسن، وهو من حزب المحافظين، اتصل به (الدكتور كمال قيتولي) بتاريخ 8/5/1991 في مدينة بيرث واخبره عن بدء انعقاد مؤتمر حزب المحافظين البريطانية الذي سيستمر حتى تاريخ 10/5/1991واكد له ان رئيس حزب المحافظين ورئيس وزراء بريطانيا جون ميجر سيحضر في اليوم الاخير من المؤتمر.
وكان سترون قد طلب إلقاء كلمة في المؤتمر وسمح له بان يكون خطابه لمدة سبع دقائق ونصف وقد خصص اربع دقائق منها للتكلم عن الاوضاع الراهنة في العراق وكوردستان ومصير آلاف اللاجئين والطلب من جون ميجر لايجاد حل.
واكد قيتولي ان سترون سلمه نسخة من مسودة خطابه وطلب منه ان يراجع ما كتبه في خطابه واضافة او تعديل او حذف العبارات غير المناسبة وطلب منه تدقيق مسودة خطابه بحيث يكون ملائما وارجاع مسودة الخطاب له في اليوم التالي وكذلك ان يرتب له دعوة الحضور للمؤتمر مع ثلاث دعوات اخرى لزملاء له يحضرون الى المؤتمر بتاريخ 10/5/1991.
وحسب رغبة سترون قام قيتولي يتنقيح الخطاب المزمع القاؤه حيث اضاف لها الفقرة التالية "إقامة المنطقة الآمنة لكافة اجزاء كوردستان العراق وسحب كافة قوات صدام منها والتحضير لاقامة أقليم فدرالي كوردي ضمن العراق وبقرار رسمي وحماية دولية من قبل هيئة الامم المتحدة".
في اليوم التالي ارجع قيتولي مسودة الخطاب بعد تعديلها الى سترون وعندما قرأها، قال بانه لم يكتب هذا. فرد عليه "وهل اعجبتك هذه الفقرة المضافة، قال نعم وسأقراها غدا في المؤتمر امام السيد جون ميجر وحكومته ليطلع عليها كل العالم".
كما طلب منه سترون ان يجلب له علم كوردستان بحجم صغير يستطيع حمله في جيبه.
وقال قيتولي "سلمته الهويات الشخصية للاشخاص الذين سيتم دعوتهم للمؤتمر لعمل باجات الدخول للمؤتمر وطلب مني سترون ان نحضر قبل ساعتين من انعقاد المؤتمر للتداول في امور تخص المؤتمر".
في يوم المؤتمر بتاريخ 10/5/1991 في مدينة بيرث وفي تمام الساعة الثانية عشر ظهرا التقى الوفد بسترون حيث كان بانتظارهم امام قاعة المؤتمر وسلموه علم كوردستان حيث وضعه بجيبه وشاهدوا علما كبيرا لكوردستان واخذوا صورة تذكارية معه واخبروه بانهم جلبوا معهم لافته كبيرة لعرضها في المؤتمر طولها ثلاثة امتار وعرضها متر واحد مكتوب عليها باللغة الانكليزية وبحروف كبيرة "اوقفوا الابادة الجماعية في كوردستان STOP GENOCIDE IN KURDISTAN "
وتايع "كما اعددنا حوالي الفي منشور وملصقات صغيرة سيتم توزيعها في المؤتمر، فرح بذلك وقال هذا شيء عظيم وطلب منا التنسيق بان يتم عرض اللافته الكبيرة عندما يخرج علم كوردستان من جيبه ويعرضه امام المؤتمرين عندها سنفتح نحن اللافتة الكبيرة المهمة امام السيد جون ميجر واعضاء حكومته الحاضرين للمؤتمر".
"دخلنا قاعة المؤتمر بعد ان تم تفتيشنا وكان بصحبتنا السيد سترون ، وكنا اول الحاضرين الى قاعة المؤتمر، تصدرنا موقعا مهما في القاعة حيث جلسنا امام كابينة المصورين في الطابق الاول والتي كانت مخصصة لوسائل الاعلام والصحافة والمراسلين ومن ضمنهم المؤسسة العالمية للاعلام بي بي سي، كان مكان جلوسنا يتصدر القاعة التي كانت تشرف على معظم الجالسين في القاعة".
"بدأت وقائع المؤتمر وكنا ننتظر دور السيد سترون لالقاء خطابه، وفي هذه الاثناء جاء اثنان من رجال الامن المشرفين على حماية المؤتمر وسألوني عن اللفة الكبيرة التي كنت احملها في يدي وقلت لهم انها لافتة كبيرة، قالا من سمح لكم بدخولها فأشرت لهم على الجالسين في منصة السيد جون ميجر رئيس الوزراء وحكومته، فأمر زميله بالذهاب بسرعة والتحقيق من الموضوع، وعندما انتهى السيد سترون من خطابه اخرج من جيبه علم كورستان وقال مخاطبا جون ميجر وحكومته هذا هو علم الشعب الكوردي، نطالب بان يرفع هذا العلم على كوردستان حرة ومستقلة، وفي هذه اللحظة، فتحت اللافتة الكبيرة وبمساعدة زملائي الثلاثة معي نشرنا اللافتة ورفعناها امام رئيس واعضاء حكومة جون ميجر وتم وضعها امام المقصورة التي كنا نجلس فيها، حيث تم تصويرها من قبل وسائل الاعلام كافة وعرضت امام انظار الحاضرين جميعا، بعد ذلك بفترة وجيزة رفعنا اللافتة، وبعدها غادر رجل الامن الذي كان جالسا خلفنا يراقبنا".
"عندما جاء دور خطاب السيد جون ميجر وكان اخر المتحدثين، اخرجنا اللافتة ووضعناها امام المقصورة التي نجلس فيها مرة اخرة وكانت مقابل المنصة التي يتحدث منها السيد جون ميجر، نظر اليها اكثر من مرة ويتحقق منها وكان الخط واضحا وبارزا ومكتوبا فيها عبارة اوقفوا الابادة الجماعية في كوردستان".
"عند انتهاء المؤتمر توجه عدد كبير من المؤتمرين نحو منصتنا واعلنوا مساندتهم لنا ولحقوق الشعب الكوردي والعراقي ولمطالبنا والاستمرار بالضغط على جون ميجر وحكومته لتحقيق كافة مطالبنا والتي ذكرها السيد سترون في خطابه، وقد عقدنا عدة لقاءات مع مراسلي الاعلام والصحافة الذين كانوا حاضرين للمؤتمر".
استمر الضغط الشعبي والاعلامي على حكومة جون ميجر من التنظيمات البريطانية، واستمرت الحملة باسناد من المنظمات الشعبية في اوربا الغربية وخصوصا فرنسا وهولندا والمانيا والسويد واسبانيا وايطاليا وكذلك مطالبات الشعب الاميركي والضغط على حكومة جورج بوش، وايضا الضغط على حكومة استراليا للمباشرة بعمل منطقة آمنة في كوردستان العراق وسحب قوات صدام العسكرية منها بالكامل، وفعلا تمت المباشرة بعمل مناطق آمنة لللاجئين الكورد داخل حدود كوردستان العراق ومساعدتهم وحمايتهم وبعدها تم تحديد خطوط العرض 34 و36 والتي تمنع الطيران العسكري ضمن تلك الحدود وانشاء منطقة آمنة في حدود كوردستان وتم سحب قوات صدام منها بالكامل بتاريخ 23/10/1991 وبعدها جاءت الاحزاب الكوردية وقامت باجراء انتخابات البرلمان وتأسيس حكومة اقليم كوردستان، كما تم تأسيس مراكز للمؤتمر الوطني العراقي بقيادة أحمد الجلبي في لندن وفرع في اربيل للمعارضة العراقية.
واشار قيتولي الى حادثة غريبة اذا انه "بعد حوالي عشرين عاما اتصلت بالسيد سترون والتقيت به في الربع الاخير من عام 2012 في ادنبرة وكان في تلك الفترة عضوا في برلمان الاتحاد الاوربي حيث اصبح عضوا في البرلمان الاوربي منذ عام 1999، وكان رئيس البعثة الاوربية للعراق، طلبت منه ان يعمل على تقوية العلاقات بين حكومة الاقليم في المنطقة الكوردية والبرلمان الاوربي وبعدها قدمته الى ممثل اقليم كوردستان فرع اوربا، العلاقات الخارجية وتم التنسيق واللقاء بينهم في بروكسل عاصمة بلجيكا.
وافاد بانه تم توجيه الدعوة لسترون ستيفنسن من قبل رئيس حكومة اقليم كوردستان نيچيرفان بارزاني لزيارة اربيل بتاريخ 25/11/2013 - 22 ولفترة اربعة ايام لحضور مؤتمر وبعدها اجتمع سترون مع رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني وبعدها تم اللقاء مع رئيس حكومة الاقليم نيچيرفان بارزاني.
واوضح انه "أثناء لقاء السيد سترون مع السيد نيچيرفان بارزاني اخبره عن الاجتماع الذي جرى بتاريخ 10/5/1991 وحدثه عن مؤتمر المحافظين وقال له انه والدكتور كمال قيتولي طلبوا في خطابه في مؤتمر المحافظين من جون ميجر وحكومته بانشاء منطقة آمنة للشعب الكوردي وتأسيس اقليم فيدرالي في كوردستان العراق.لكن السيد نيچيرفان قال له اننا كنا نعتقد دائما ان السيد آلان كوشنر، وزير خارجية فرنسا آنذاك هو الذي قدم هذه التوصيات الى الحكومة الفرنسية برئاسة فرانسوا ميتران، ولكن السيد سترون قال له لا، ان بريطانيا هي التي قدمت المشروع وهي التي عملت بهذه القرارات وتنفيذها وبعدها عملت فرنسا واميركا وايطاليا والمانيا واسبانيا واستراليا مع بريطانيا بارسال جيوشها والطائرات لتنفيذ حماية المنطقة الأمنة واستمرت الحماية والدعم والاسناد لحد الان.
واختتم قيتولي الحديث بالقول ان سترون ستيفنسن قام بتقديم طلب رفعه الى برلمان الاتحاد الاوربي لاقامة قنصلية لها في العاصمة اقليم كوردستان، مبينا انه في عام 2015 تم افتتاح قنصلية الاتحاد الاوربي بشكل عملي في مدينة اربيل.