عبد الخالق الفلاح/ لقد تحدثنا عن سمات الناس الذين سكنوا منطقة باب الشيخ وحول الطبقات التي عاشت وتداخلت بالوضع المعيشة وكانت البيوت اغلبها شرقية وتدخل لها عن طريق  المجاز (الممر الذي يدخلك إلى البيت) يأتي صحن البيت او الحياة او (الحوش) وتتناثر حوله الغرف ومنها غرفة الاستقبال التي هي غالباً ما تكون قريبة من باب الخروج او ممر الخروج ( المجاز) ثم ألسرداب العمق تحت الأرض وبه ( ألبادكير) وهو للتهوية بدل الوسائل الموجودة والحديثة التي يستفاد منها عالم اليوم مثل البنگة والبرادات واجهزت التكيف الاخرى المختلفة الغازية والكهربائية والمائية و تأتي من السطح عن طريق ثقوب مبنية لهذا الغرض ثم هناك الأحواض من الماء فيترطب الهواء الجاف ويبرد الحوش في وقت العصر حيث تجتمع العائلة ويكون بحضور كبير العائلة على الارجح وتتوسطهم المنقلة او الجولة والطباخ او السماور او البريمز النفطي وعليه قارورة ( القوري ) الشاي السيلاني او الهنديوالجورك او البقصم او الكعك البغدادي ، السادة وابو السمسم وابو الدهن "،وقد تكون عندهم حديقة صغيرة جميلة تتوسط الحوش  متنوعة الاشجار والاوراد ويطل على هذا الصحن طرار وفيه الدلكات (طارمة فيها أعمدة ) من الخشب او الحديد او من الطابوق وعدد من الغرف التي تطل شبابيكها على الحوش والارضية غالباً ما كانت مفروش بالطابوق الفرشي (الاجور) المربع او المستطيل  والسقوق علىالاكثر من الخشب المردي  ويستفاد من انواعمن الحصران مثل 1- الباري في السطوح للنوم و هو نوع من الحصير الذي يصنع من القصببعد شرخه طولياً على شكل أشرطة وحياكته وهذا الحصير يستخدم سابقاً في تسقيف البيوت وكذلك يستخدم لعرض الخضروات عليه وكذلك الرقي لدى باعة المخضر لمتانتها وقد يستخدم أسفل الفراش في السطح لمنع الفراش من التلوث بتراب اللبن أو قد تصنع منه السلال لنقل الفاكهة والخضر أو ببناء الجراديغ لخزن التمور والحبوب أو جراديغ السياحة على نهر دجلة للاستجمام أيام زمان ودخل الحديد بعد الحرب العالمية الاولى في الثلث الاول منالقرن الماضي في البناء بشكل مكثف الى العراق .2.حصير البردي :- وهو الحصير الذي يصنع من حياكة البردي ويكون نوعاً ما سميك وناعم تستخدم لفرشه على القنفات في المقاهي لكن عند يباسه يبدأ بالتفتيت.3.حصير القنب :- هو الحصير الذي يستخدم من أعواد القنب بعد سلخها وحياكتها يصنع منها حصير ناعم وذو مقاومة جيدة ولاتتأثر كثيراً بالماء وكانت  تستخدم في المساجد للصلاة قبل ان تفرش بالفرش الحديثة ( الزوالي ) المتنوعة التي غزت و كل المساجد والحسينيات والأضرحة  وكذلك كانت تستخدم في البيوت لنومه القيلولة بعد رشه بالماء أو لجلسة العصرية في البيت عند شرب الشاي وقد تستخدم بفرشها على مصاطب الجلوس ( كنبات) المقاهي وتوضع أسفل السجاد والبسط  في الشتاء لحمايتها من  من رطوبة الأرض.4.  حصير خوص سعف النخيل :- ويصنع بحياكة خوص السعف لعمل حصران تستخدم للجلوس أو للصلاة أو سفرة طعام وقد يصنع بنفس الطريقة خصافة التمر أو الكواشر ( زنبيل ) كانت أمهاتنا يحملون للتسويق على رؤوسهن والطبگ الخاص للتنور لفرش الخبز ويوضع العجين عليه بعد فرشه بالطحين كي لا يلتصق العجين بالطبگ وأكثر البيوت كانوا يخبزون الخبز في البيوت اما للكل او للارتزاق في بيعه ليكون عونا اقتصادية للعائلة  .

باب الشيخ هي في الحقيقة كانت قلب بغداد ومركز مهماً فيها بيوتات الشخصيات الحكومية  وبالتالي فإنها قلب العراق النابض في الزمن الماضي وغابات آثاره وكانت مجمعاً السفارات القبائل العربية والتركمانية  والكوردية  والسكن فيها وخاصة من مختلف عشائر الكورد الفيلية ( الماليمان . ملك شاهي . قيتولي ، لر، علي شيروان ، موسي ،زنگنة. شوهان .والباوى  ...الخ ) وعشائر من خانقين ومندلي مثل الكاكائية والقرلوس والزنگنة والمحافظات الشمالية( الإقليم حالياً )حيث كانت المنطقة مركز لهم و تضم الالاف منهم وكذلك عشائر من التركمانية واعداد من الصبة المندائيين والمسيح لقربهم من محلة ( كمب الارمن ) التي تقع بين مقبرة الغزالي ومحطة وقود الكيلاني على شارع الشيخ ع وكذلك سكنها عدد من أمراء القبائل الذين كان لهم الشرف في حماية بغداد والعراق من أي عدوان وكذلك سكنها عمالقة العلم والتجارة والاقتصاد ليكونوا قريبين من منطقة القرار وبهم كانت ترسم سياسة العراق الدفاعية الأمنية والاقتصادية والعلمية وتحيط بالمحلة الشوارع التالي:الكفاح والشيخ عمر وشارع الكيلاني وشارع العوينة الذي يذهب باتجاه رأس الساقية ومن ثم شارع الجمهورية ( الملكة عالية )الذي أصبح فيما بعد بشارع الجمهورية  . ومن حاراتها : عقد الاكراد .رأس الساقية . سراج الدين .. حجي فتحي . الدوگجية."  . فضوة عرب . فضوه مرجان .التسابيل . قهوة شكر . و راس الجول.العوينة . الصدرية التي كانت تحتوي على أهم المحلات التجارية لبيع الحنطة والشعير والتمر والتمن والخضروات واللحوم بأنواعها والاسماك والدجاج  ومحلات بيع التوابل والأقمشة وكل ما تحتاجه العائلة   "ويحكى  حول طيبة أهالي المنطقة في الرحمة والشفقة فيما بينهم أن رجل حمال كان جالساً في السوق ينتظر من يؤجره لحمل بضاعته وهو يشاهد الناس يتحضرون لايام شهر رمضان فقال (خي عونه العنده ويتحضر لرمضان ) فسمعه قصاب قريب منه فصاح عليه وقال فلان أحضر لي عربه (وكان يقصد عربة ربل ) واحضر هذا الحمال العربة وقال له خذ هذا اللحم وضعه في العربة وتعال معنا ففرح الحمال لأنه حصل على عمل وأخبر العربنجي بأن يذهب بنا إلى الشورجة وهناك وقف قرب محل صديقه وبدأ يتسوق منه مايتطلبه رمضان ثم صعدنا بالعربة وقال لي ولدي وين بيتكم فقلت ليش عمي قال اخبرني فقلت في المكان الفلاني فقال العربنجي اذهب فوصل فلان مع العربة الى المكان الفلاني  وبالفعل وصلني وقال خذ كل ما بالعربة فهو مسواق رمضان لعائلتك،والصدرية من الأسواق القديمة وفيها مسجد سراج الدين فيها مقهى عباس الديك المصارع العراقي المعروف في الزورخانة الذي غلب المصارع الألماني گريمر ومصارعين من إيران. 

اشتهرت منطقة باب الشيخ ببيع نوع من السمك يسمى ( الجري) حيث يباع  في مطاعم خاصة وعلى الرصيف ويقلي قطع السمك في آنية كبيرة تسمى (طشت) كبير الحجم فيه زيت مغلي ويقدم للزبائن وينشط  سوقه في يوم الجمعة  حيث يكون الإقبال عليها كبيراً اكثر من الأيام العادية . العوائل البغدادية او الافراد تحضر لتأخذ السمك الجري من المطاعم الذين لديهم عمالا يقومون بتلبية طلبات الزبائن، سواء داخل المطعم او البيوت او على الأرصفة القريبة للمطاعم،وهناك اماكن  في أيام الأعياد كانت  تقام فيها أماكن للتسلية مثل المراجيح  ودواليب الهوى ( وهي حبال تعلق على الأشجار ذات الاغصان القوية  او تربط على النخيل ويجلس عليها المشاركون ثم يتم دفعهم ذهابا واياب في الهواء بفرح وركوب بعض الدواب مثل الخيل و الحمير والعربات التي تدفعها او تجرها الحيوانات  في رأس الجول قرب سكلات الخشب و فضوة عرب أو بين الخلاني والمربعه ويذهب القسم الاخر الى البارك السعدون وهي حدائق كبيرة يجتمع فيها الناس من اكثر محلات المناطق القريبة ومع الاسف بعد ان كانت هذه الحديقة غناء بانواع الاشجار والورود المختلفة سابقاً ملجأً ومتنفساً تريح فيها النفوس وغالباً ما كان يحضر فيه الملك فيصل الثاني والعائلة المالكة  لمشاركة مع العوائل افراحهم وهي مهملة في الوقت الحاضر  وكانت تباع هناك الأكلات السريعة والمشهورة مثل أبيض وبيض العمبة والصمون ، والفلافل والطرشي وبعض المرطبات والشرابت مثل السيفون ابو البوزة والشاي والجكليت والحامض حلو وما إلى غير ذلك.

 

ح6  

اهالي باب الشيخ هم أمة مختلطة الاصول و توالوا على السكن في هذه المنطقة ولكنهم تعلقوا ببعض وحتى في ذروة فترة التجانس سعى اليها الناس من بقاع متنوعة للدراسة ، التجارة ، والسكن ،لقربها من مركز القرار ولا يمكن التمييز بين مختلف افرادها ، رغم أنهم كانوا يتحدثون لغات عديدة ...لكنهم اكثر حباً بمنطقتهم ، وعدم الاكتراث بأن طار وازدادو تعلقاً بالجيران والاعتزاز بهم ، وكانوا ينتفضون معاً اذا شعروا بالظلم  او مع اول انتقاص لكرامتهم ويستعدون بكل قادم اليهم و يكلفون أنفسهم باستضافة الجار الجديد على أساس الواجب والكرم الذي يتميز به الإنسان العراقي لمدة ثلاثة أيام اكراماً،

ومن  أهم العوائل المعروفة والأسر التي سكنت المنطقة هي: بيت البطارية . الكيلاني . الجلبي .الحيالي . الغرابي . النعيم. المشاهدة . بيت ياره. إل التكرلي . الدركزلي . ألونه . إل الشيخ قادر .إل الجادر . الكيارة . ال يعقوب .النقشلي . إل السكوتي . إل ملوكي . إل الوطني . إل وريد . إل شنشل . الرحبي . الجاووش . إل دله . الخطيب . القيسي . السويدي . الطبقجلي . الوتار . الآلوسي . بيت أبو الهوى . الهاشمي . ألدروبي . بيت أبو الأزر .بيت ابو خمرة. بيت مصطفى سليم . الجاف . النقشبندي . بيت الدوحي .قرة علي . الجنابي .العزة . طبانة . البياتي . البو باز . البو نيسان . الشمري . الربيعي . البستاني . الجبوري . علو . الزيدي . إل عوينه . الجميلي . الكبيسي . الطرفة . بيت باكو . بيت ريشان . وعائلة الشاعرة نازك الملائكة في الصدرية . وبيت فرمان . بيت ساعد .بيت فرزلي . بيت ملا نزر . بيت المعدان . بيت الحاج احمد الأحمدي .بيت أبو اللبة.  إل وادي . البرزنجية . الصميدعي . إل واوي . العساكره الرفاعية . الادهمي . الواعظ . إل غلام . العبوسي . الخضيري . إل الطيار . القبطان . البكري

ومن الأدباء : الشاعر عبد الوهاب البياتي , الشاعر الشعبي احمد جميل الشيخلي ,الشاعرة نازك الملائكة , القاص غائب طعمة فرمان . السيد إبراهيم الدروبي. الأديب والمناضل حسين الجاف. الشاعر الشعبي حافظ داؤد ألعبوسي ومن الخطاطين الخطاط مامي في فضوة عرب

ومن قراء القرآن والأذكار : عبد الستار الطيار اشتهر في المجالس النبوية، حمزة السعداوي كان يشارك في المناقب النبوية . عبد الرحمن خضر،مطرب المقام يوسف عمر . الحافظ مهدي . الحافظ صلاح الدين . الحاج عبد الرحمن توفيق . ملا علي العامري , سعيد حسين القلقالي وكان يعمل كاتب في المحكمة الشرعية في شارع النهر . الحافظ خليل إسماعيل .الحاج محمد الملقب (ملا مامي الكوردي) من المؤذنين المعروفين في الحضرة القادرية . الحاج ملا أموري ( أبو أحلام).الحاج احمد ملا رحيم ،الحاج شيخ القراء محمود عبد الوهاب . نجم الدين الشيخلي .ملا خالد الشيخلي وعشرات آخرين كانوا اكثرهم من فاقدي البصر ويلتقون في مقهى (مكون من بضع مقاعد  قنفات ومناضد غالباً ما تكون عليها اللعاب مثل الدومينو والطاولي أو يجري سباق الديوكة  في البعض الآخر منها  وفيها النرگيلة ويستفاد فيها من منقلة الفحم او النفط او الأوجاق حيث يوضع  " القوري " الأواني التي يتم فيها تخدير او لعمل الشاي عليها وتصب في الاستكانات ثم توزع على الحاضرين  ) يجلسون فيها أوقات الكسلات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، وتظل المقاهي مفتوحة الى ساعة متاخرة من الليل”، و يشربون الشاي والحامض خاصة بهم يجتمعون فيها ويجيدون لعب (  الدومينو ) والمقاهي التي تحيط أطراف الحضرة الكيلانية كثيرة مثال قهوة صالح وقهوة عمو يحيى وقهوة النبكة وقهوة ابراهيم.

كانت المنطقة تحتوي على التكيات أو الزوايا الصوفية المعروفة حيث كانت تمارس فيها الأذكار المحمدية  والدروشة  : التكية القادرية في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني, تكية أبو خمره (شيدت سنة ( 1112 هجرية – 1700 ميلادي ) التي كان يحضر فيها بشكل دائم المجرم عزت الدوري , تكية إل شيخ الحلقة , تكية الشيخ علي البندنيجي او( المندلاوي ) , التكية البرزنجية , تكية عرب للسادة الغرابية. , تكية الشيخ حسن الطيار.

المختارون :بيت مصطفى سليم مختاروا رأس الساقية ،بيت مصطفى إل غلام مختاروا الصدرية . هاشم مختار باب الشيخ وكانت له غرفة " يبيع فيها مادة السويگة يضعها في صينة والتي تشبة التبغ ويضعها الذين يستفيدون منها في فمهم بين الاسنان والشفة وهي تعتبر من المواد المنعشة البسيطة ". ناجي المختار عن المربعة .حجي علي الدركزلي مختار عقد الأكراد . عبد اللطيف مختار قهوة شكر...

من اشهر المخابز في باب الشيخ مخبز يوسف الذي اشتهر بخبز كما كان يسمى ( الاعاشة) والاعاشة هي دائرة حكومية الغاية من تأسيسها مساعد الفقراء وقليلي الدخل وكانت تجهز بعض المخابز بالطحين من أجل بيعها بأسعار زهيدة نسبتاً مع قيمة الخير الذي كان يباع في المخابز الاخرى ويبدأ العمل فيها بأوقات مبكرة حيث تزدحم بالمشترين  من اجل اقتناء هذه المادة الضرورية  ومن المفارقات هي الزيارات المتتابعة والميدانية المتكررة لرئيس الوزراء للزعيم عبد الكريم قاسم للاطلاع عن كثب لهذا المخبز والمخابز الاخرى لحماية حقوق المواطن ويشارك عامة الناس في اقتناء الخبز من هذه المخبز وبصورة دائمة لنفسه ومن معه .