عامر داود الشوهاني الفيلي/ حينما تصدر المحكمة الاتحادية العليا قرارا مغايرا لقرارها السابق، وحينما تخالف ما ورد في المادة (14) من الدستور التي تشير إلى عدم جواز التمييز بين العراقيين امام القانون بسبب الدين او المذهب، و حين تسبب لقرارها سببين ليس لهما أثر لا في قرارها في الدعوى المرقمة 7 / اتحادية / 2010 الخاصة بالدائرة الانتخابية لكوتا الصابئة المندائيين، والمشابه لكل ظروف الدعوى المرقمة 45/ اتحادية / 2021 الخاصة بالدائرة الانتخابية لكوتا الكُرد الفيليين، كما لم أجد أثراً لهذا التسبيب في نص المادة الانتخابية المشرعة من قبل البرلمان، وحتى حين راجعت الدستور ايضاً لم أجد أثراً لهذا التسبيب، حين نراجع ما تقدم بإنصاف، سندرك فوراً إننا نتحدث عن الكُرد الفيليين.
عام 2010 أقام الصابئة المندائيون الدعوى لدى المحكمة الاتحادية العليا ضد المدعى عليه السيد رئيس مجلس النواب إضافة لوظيفته، وبينوا في دعواهم بأن قانون إنتخابات مجلس النواب رقم (26) لسنة 2009 قد منحهم حصة كوتا مقعداً واحداً وجعل حق التصويت عليه فقط في بغداد لا ضمن دائرة انتخابية واحدة على مستوى العراق، وعليه فإن هذا القانون يضر بالمرشح كما يضر بأبناء المكون الصابئي المنتشرون في عموم العراق وبالتالي سيحرم أغلبهم من المساهمة في اختيار ممثلهم الذي يرونه مناسبا ويثقون فيه، وعليه طالبوا بأن يكون التصويت كدائرة انتخابية واحدة على مستوى العراق.
قرار الاتحادية في دعوى الصابئة أشار الى:
ان مجلس النواب عبر هذا القانون الذي يجعل التصويت لكوتا الصابئة المندائيين فقط في بغداد قد أخل بمبدأ المساواة بين العراقيين المنصوص عليه في المادة ( 14) من الدستور، وذلك لأن اختصار واقتصار وحصر حق التصويت للمكون الصابئي على محافظة بغداد فقط يضر بالمرشح كما يضر بالمكون الصابئي في التمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت و الانتخاب و الترشيح وهي الحقوق المنصوص عليها في المادة (20) من الدستور، و عليه قررت المحكمة في تلك الدعوى والمرقمة 7 / اتحادية / 2010 أن تكون الكوتا المخصصة ضمن دائرة انتخابية واحدة. كما أقرت الاتحادية بوجوب قيام مجلس النواب بتشريع نص قانوني يعالج ما تقدم وثبتت هذا في قرارها غير القابل للطعن والملزم للسلطات كافة.
عام 2018 و في ضوء مناقشة مجلس النواب لقانون الانتخابات كان للمحكمة الاتحادية بيان بخصوص الدائرة الخاصة بالصابئة لتؤكد قرارها السابق وتذكر مجلس النواب به في اهتمام واضح، وفي عام 2019 أصدرت المحكمة الاتحادية كتاب تفتخر فيها بقراراتها وتبين المبادئ الدستورية التي استندت اليها فيها ومنها القرار 7 / اتحادية / 2010 الخاص بالصابئة .
و مع كل هذه المعطيات و في ظل ذات الظروف الانتخابية التي يعيشها الفيليون مع الصابئة بخصوص الكوتا، تشجعنا و تحمسنا ان نرفع ذات القضية أمام المحكمة الاتحادية العليا فكانت الدعوى المرقمة 45 / اتحادية / 2021 التي طالبنا فيها بعد شرح كافٍ بجعل التصويت العراق دائرة انتخابية واحدة للكوتا الفيلية ، الا إن العجيب والغريب إن قرار المحكمة الاتحادية العليا جاء برد الدعوى وسط ذهول كل المهتمين بالشأن القانوني على وجه العموم والفيلي بوجه خاص، وقد سببت الإتحادية قرارها بسببين:
الأول: إن هذا القانون (قانون الانتخابات) هو خيار تشريعي يعود تقديره لمجلس النواب وقد مارسه فيما يتعلق بالطوائف الدينية المعترف بها رسميا في العراق بموجب نظام رعاية الطوائف الدينية رقم (32) لسنة 1981 المعدل .
والذي نرد عليه ب (4) نقاط وكالآتي:
انا مستغرب ومتأكد مجلس النواب أيضا يشاركني الاستغراب من هذا التسبيب الذي ورد في قرار المحكمة الاتحادية بذكره عبارة ان مجلس النواب قد مارس خياره التشريعي في هذا القانون و الحقيقة ان مجلس النواب رفض جعل الكوتا للصابئة العراق دائرة انتخابية وجعل التصويت على مستوى بغداد فقط و على هذا الأساس أقام الصابئة دعوى ضد رئيس مجلس النواب إضافة لوظيفته لدى المحكمة الاتحادية بهذا الخصوص و المحكمة الاتحادية هي التي اصدرت قرارها بجعل الكوتا للصابئة العراق دائرة انتخابية واحدة و قد عدل مجلس النواب بقانون الانتخابات نتيجة قرار المحكمة الاتحادية .
في قرار الإتحادية الخاص بكوتا الصابئة والذي جعل التصويت ضمن دائرة انتخابية واحدة دون حصره ببغداد فقط، نلاحظ ما يأتي:
أ/ في الدعوى المرفوعة من قبل الصابئة لم ترد عبارة الطوائف الدينية بل
تحدثوا بلغة المكونات استنادا لقانون الانتخابات.
ب/ في اللائحة الجوابية لمجلس النواب على دعوى الصابئة لم ترد في لائحتهم مطلقاً عبارة (الطوائف الدينية) لتبرير تشريع القانون مدار البحث.
جـــ/ في النص الوارد في المادة (13) من قانون انتخابات المرقم (26) لسنة 2009 والمطعون به من قبل الصابئة لم ترد ابداً عبارة (الطوائف الدينية) بل تحدث عن المشمولين بالكوتا بوصف المكونات.
د/ نفس قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بالصابئة لم ترد مطلقاً عبارة الطوائف الدينية ولا حتى نظام رعاية الطوائف، فمن أين جاءت به المحكمة الاتحادية!؟
في الدعوى الفيلية الخاصة بالدائرة للكوتا والمقامة من قبلنا نلاحظ ما يأتي:
أ/ إن قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 وفي نص المادة ( 13) منه التي هي موضوع الطعن الخاص بكوتا المكونات لم ترد ابدا (عبارة الطوائف الدينية) بل تحدث بلغة ووصف المكونات .
ب/ حتى في اللائحة الجوابية لوكيل المدعى عليه رئيس مجلس النواب إضافة لوظيفته جوابا على الدعوى المقدمة من قبلنا لم ترد ايضاً في لائحتهم لتبرير تشريع قانونهم عبارة (الطوائف الدينية)، فمن أين جاءت المحكمة الاتحادية العليا بعبارة الطوائف الدينية لرد الدعوى الفيلية ..!!؟؟
لمحكمة الاتحادية العليا قبل غيرها يجب أن تلتزم بالدستور ولا تمارس التمييز بين مكونات الشعب العراقي، امتثالاً لما جاء في نص المادة ( 14 ) من الدستور التي أقرت بأن (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي) .
أما السبب الثاني الذي بنت الإتحادية قرارها المجحف عليه فنلاحظ ما يأتي:
طلبنا في دعوانا من المحكمة الاتحادية العليا وإسوة بالقرار الصادر من قبلها بخصوص الأخوة الصابئة عام 2010 اشعار السلطة التشريعية بضرورة تشريع نص جديد يكون موافقا لأحكام المادتين ( 14 و 20 ) من الدستور ، الا ان العجيب الغريب الآخر الذي يثير الف علامة استفهام هو إن الاتحادية اعتبرت هذا الطلب يخرج عن اختصاصاتها ولا ندري لماذا لم يكن يخرج عن اختصاصاتها حينما أصدرت قرارها الخاص بالأخوة الصابئة !؟.
وموقف الاتحادية هذا نرد عليه بالآتي:
إن ذات المحكمة وهي المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة 7 / اتحادية / 2010 الخاصة بالصابئة قد أشارت في قرارها إن طلبهم بجعل التصويت لكوتا الصابئة ضمن دائرة انتخابية واحدة هو ضمن إختصاصاتها بحسب المادة ( 93 ) من الدستور و المادة ( 4 ) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم ( 30 ) لسنة 2005، و قد نصت المحكمة في قرارها بإشعار السلطة التشريعية ( مجلس النواب ) بتشريع نص جديد يكون موافقا لقرارها ولأحكام المادتين ( 14 و 20 ) من الدستور وجعل المقاعد المخصصة للمكون الصابئي ضمن دائرة إنتخابية واحدة .
ونحن بدورنا وفي دعوانا قد إستعرنا تلك النصوص (طبق الأصل) من قرار المحكمة الاتحادية الخاص بالصابئة وجعلناها في طلبنا في الدعوى الخاصة بالكوتا الفيلية، فما عدا مما بدا!؟ وما هو وجه الإختلاف وقد نقلنا النصوص من الدستور والقوانين وقرارات الإتحادية الخاص بالصابئة طبق الأصل ونسخنا حتى النقطة والفارزة.
فلتسمع جميع الجهات و المنظمات الدولية و المحلية المعنية بالقانون وحقوق الإنسان ورسالتنا للجميع وأولهم السلطات العراقية بأننا كنا وسنبقى كُرداً فيليين .