مشتاق رمضان/ تكاد تكون حالة التشتت وضبابية الاتفاق على تحديد منهج ثابت لتأمين توجه الكورد الفيليين وحسم قضاياهم هي أبرز سمات المرحلة التي تلت التغيير عام 2003، والتي لم تنفع معها محاولات العديد من مثقفي ومحبي هذه الشريحة داخل العراق وخارجه. هناك ثوابت مهمة ينبغي على أبناء هذه الشريحة الانتباه لها هذه المرة بجدية، ولا بأس ان تكون بصرامة، ولاسيما ان تجربة السنوات التي تلت سقوط نظام البعث في العراق قد أفرزت منغصات عديدة أثمرت عن نتائج سلبية على أبناء هذا المكون الموغل بعراقته في المجتمع العراقي، ولعلنا لا نغالي ان قلنا أن هذه الثوابت باتت مصيرية وحاسمة لهوية الكورد الفيليين في المرحلة المقبلة. أبناء هذه الشريحة تلقوا وعودا كثيرة من الأحزاب المتنفذة في البلاد، ولاسيما ممن لعبوا على الوتر المذهبي، لكن الواقع اشار الى أن المذهب لا خوف عليه في ظل كثرة شعبية الاحزاب الدينية وتوسع قاعدتها عموديا وأفقيا في عراق مع بعد 2003، مع الاشارة الى ان المكتسبات التي تحققت على أرض الواقع عادت بالمنفعة على هذه الاحزاب وادارت ظهرها لأبناء شريحتنا المغلوبة على أمرها، فلم نجد وزيرا فيليا أو مسؤولا كبيرا يشارك باتخاذ قرارات مهمة في رسم سياسة واقتصاد وتخطيط البلد. وواحدة من هذه الثوابت هي ضرورة أن يتجرأ أبناء هذه الشريحة على التلاحم فيما بينهم في الانتخابات المقبلة، ولابأس من تشكيل كتلة موحدة للكورد الفيليين تأخذ على عاتقها النهوض بواقع هذا المكون المظلوم، على أن لا تنخدع بالتطمينات او الوعود التي سيمهد لها رؤساء الكتل الكبيرة قبل الانتخابات، بل ينبغي ان يدخلوا بقائمة خاصة بهم، لاثبات ثقلهم على الاقل في المرحلة الاولى بوضع أسس مستقبلهم داخل الخارطة السياسية العراقية وترسيخ مبدأ حصول الكورد الفيليين على المكتسبات من الحكومة الاتحادية، مثلما نجحت القيادة الكوردستانية في تثبيت ذلك، بعد ان أثبت الاقليم انه يضم ساسة محنكين يعرفون كيف يسخرون المكاسب لشعبهم. نحن ككورد فيليين لن نتعارض مع سياسة قوميتنا وحقوقها، كما اننا موالون للمذهب الشيعي، لكن التجارب السابقة أحرقت أصابعنا حينما جعلونا نلمس قدور السياسة في العراق من جانبها الساخن، اما الان فنحن ملزمون على معرفة من أين نمسك بالقدر، والذي يبدو انه سيكون ساخنا جدا في الانتخابات المقبلة، لاعتبارات التجارب التي مر بها الشعب العراقي عموما، ما يجعل الأرض مهيأة أمام أبناء هذه الشريحة في استغلال العزوف المتوقع لنسبة ليست قليلة من أبناء الوطن في الادلاء بأصواتهم، في سبيل تثبيت مطالبنا عبر الدخول بقوة في الانتخابات المقبلة.