علي حسين فيلي/ الغربة والتشريد وسعت افقنا ونظرتنا صوب الاخرين، وابعدتنا عن جعل العرق معيارا لعلية القوم او اتخاذ اللون مقصدا للتفكيك، بل تعلمنا به ان نخاطب الملل ببعد انساني، ولعديد من السنين التعصب داخل الفيليين لم يبق له موطء قدم وحل محله الشعور الانساني، وفي ارض اليأس زرعوا بذرة الامل.
بهذا الصدد استذكر في أواسط الثمانينيات من القرن المنصرم ذهبت الى مخيم "جهرم" جنوب ايران لزيارة اقربائي، واستوقفني قول احدهم "بعد سنين في هذا المخيم كل ما اتمناه هو الحصول على إجازة سوق غير ان القانون لا يسمح لأننا لاجئون" المتحدث كان من المهجرين قسراً من العراق اذ قامت حكومة البعث بسحب أوراقه الثبوتية، وبعد ما يقارب 25 سنة بعدها شاهدتُ أبناء ذلك المتحدث في احدى الدول الغربية، وهم يحملون شهادات عليا، ويشغلون احسن المناصب بمجالاتهم غير انهم كانوا حزينين بأن اباهم فارق الحياة، ولم يتحصل على الجنسية واجازة السوق في بلاد الشرق.
وقت رحُلنا مُنحنا الغربة واليأس بالمقابل اعطيناهم الامل بعودتنا، وجعلنا كل امكاناتنا وقابلياتنا العملية والعلمية بخدمتهم، فالانسان الفيلي ليس خاملاً ولا يريد ان يكون عالة على أي مجتمع يتواجد فيه، ولم يتحالف في أي يوم من الأيام مع أعداء هذا البلد وهذا الشعب لكنه لا يريد مكافأته والثناء عليه بعد موته.
اليوم نؤمن ان شعوب العالم تجمعهم عدة روابط لكن احتياجاتهم مختلفة بطبيعة الحال، واهما السعي للتقدم والتطوير، وبالاستناد على ذلك يستطيع المرء خلق حالة من الاستقرار المعيشي والحياتي، وهذه العلاقة بين الشعوب والافراد تعطي اجازة للتقارب وبلورة روابط من التعاطف.
يريد الفرد الفيلي ان يوقظ الضمائر الراقدة غير انه يعلم جيدا انه ليس بإمكانه ان يفيق أولئك الذين يتظاهرون بالغفلة عنه، رافقتنا احداث مؤلمة،ورهيبة، وظلمتنا الأحقاد والكراهية السياسية مضاف عليها الجهل والتعصبات العرقية، وصعوبات الاستقرار والمعيشة الغربة، ومن المفترض ان يكون المتسببون بهذا كله قد اصبحوا عبرة ووضعوا في خانة الخيانة العظمة للبلد، وهل هذا متحقق؟
مفهوم الشعوب هو التساوي والعدالة بين افرادها جميعا، أهل تنطبق تلك المعادلة على مكونات العراق وهل جميعهم متساوون؟ في وقت تُشرد شخصا وتعيده مشردا؟