عبد الخالق ياره الفلاح/ لقد كان للكورد الفيليين أثرا في الثقافة العراقية المعاصرة وخاصة في جانبها الادبي و هناك اساتذة كان لهم الدور المسبق في سبر غور اللغة العربية سواء في جوانب الأدب والبلاغة او النقد وتقديم خدم اللغة العربية ايما خدمة ومن هؤلاء الاستاذ البروفسور كامل حسن البصير وكان من عائلة بسيطة ويقول في مقتطفات من "مذكرات طالب من كردستان الذي طبع في عام 1961" أن الحياة في نظرنا نحن البسطاء، تعني أمورا أربعة :-الليل ،النهار، الشبع والتوالد.
وهذه الأمور بعمقها ضحالتها تحدد الأطار الفكري لكل واحد منها . فأن نشر الليل حباله السوداء كان علينا أن نتقوقع في بيوتنا ملتمسين الراحة. وأن صرخ النهار في آذاننا وثبنا كالعفاريت نكدح هنا وهناك لننتزع لقمة الخبز تلبية لبطوننا التي يحرقها الشوق الى الشبع.وآباؤنا وأمهاتنا يتخذون ذلك الليل وهذا النهار وبينهما الشبع أثافي يتوالدون في نطاقه ، وينتجون مولوداً يزيد عددهم فرداً.أنها أموراً أربعه هذه الحياة في نظرنا نحن البسطاء ، رسخت في أذهاننا سنة لا يغيرها تطور ولا يعوق سيرها حدث.
ومن هنا فأية صورة أسجلها عن نفسي مذكرات إنما هي صورة عن حياة غيري من امثالي أيضا مع فارق بسيط :هو أنتي تمكنت أن أحس بهذه الحياة وإدراك آلامها نظر اًلظروف أحاطت بي."وهو الذي أشرف على عقد أول مؤتمر تأسيسي لاتحاد معلمي كردستان - العراق وعقده في بيته بتأريخ 1962-5-15 في ثاني أيام عيد الفطر في مدينة السليمانية وقد اختير في الوقت نفسه كأول مؤسس لهذه النقابة.
وكانت من قرارت هذا المؤتمر إصدار مجلة (ئامانج) واستمر بالعمل رئيسا لهذه النقابة حتى تم ألقاء القبض عليه وأودع في السجن في 8- شباط- 1962 بسبب نشاطاته السياسية وبذلك حل الاستاذ المرحوم الشهيد (أنور دارتاش) محله حتى يوم استشهاده وبعدها حل محله الأستاذ ( محمد باقي سعيد) الى تأريخ خروج الدكتور البصير من السجن.
وعين رئيسا لقسم اللغة الكردية وعميدا لكلية الاداب –جامعة السليمانية سنة 1973 التي تولى رئاستها بعد تأسيسها من قبل الاستاذ الكبير الدكتور محمد محمد صالح ثم لم يمكث حيث نقل بناء على رغبته سنة 1980 الى قسم اللغة العربية بكلية الآداب –جامعة المستنصرية وأشرف على المئات من الدراسات والأطروحات خلال وجوده في هذه الجامعة .ومن اهم المواضيع التي تطرق إليها وتناولها في كتبه و مؤلفاته،
1-((المجازات القرانية ومناهج بحثها دراسة بلاغية نقدية ))
2- (القراَن الكريم ومنهج البحث في التراث العربي )
3-( القراَن الكريم ونظرية الأدب بين الاغريق والعرب )
حيث يقول في احدى كتبه :نحن نرى أن لغة القرآن الكريم في موضوع الجريمة والعقاب تؤهل هذا الكتاب العزيز وأحاديث الرسول الكريم الصحيحة القائمة بين يديه مصدرين لشريعة الله تعالى تمتاز بدقة فائقة فيما وضعت من قواعد محكمة الصنع قامت عليها نظرية العقوبة في الفقه الإسلامي .
كما رأينا في ضوء هذه اللغه : أن الحقيقتين اللتين في البحث عنها والوصول اليهما ينبغي أن تنقشع عنهما ظلال الشك القاتمة ، وينتهي الباحثون المثبتون عن التمارى فيهما ، فأذا أولاهما تقرر : أن سلامة مسألة درء الحدود بالشبهات مبدأ فقهيا لا تستند كل الاستناد الى ظاهر منطق لغة القرآن الكريم في موضوع الجريمة والعقاب .
وثانيهما: تنص على أنه ليس فيما تعلم من لغة القرآن الكريم أي مبدأ التوسل بالشبهة في إسقاط الحدود التى سنها الله تعالى في محكم كتابه عقوبة المجرمين من عباده والله أعلم وهو نعم المولى ونعم الوكيل .
ولهم نهجه التحليلي الموازن في تتبع جذور دعوة الالتزام في شعرنا المعاصر بين آراء أفلاطون ومقاييس قرأنيه وما يتصل بهذه المقاييس من ثقافتنا النقديه وما يرتبط بتلك الأراء من المدارس النقدية الاورپيه - إلى ست نتائج رئيسه :-
أولاها: أن اراء افلاطون في تقويم الشعر وتحديد منزلة الشعراء قد جارت على دعوة الالتزام في الشعر وحولتها الى إدانة أخلاقية لهذا الفن الرفيع ، كما صاغتها حلقة ضيقة من التعاليم الدينية والخواطر الفلسفة المثالية : تضيف من استيعاب حركة الشعر الدينامية وهي تتصدى للقضايا الاجتماعية والفكرية والسياسية التي يلتزم تجاهلها الشاعر في كل زمان ومكان .
وثانيهما : أن القرآن الكريم قد أرسى مقاييس اتسمت لدعوة الالتزام في الشعر فتناولته فكرة يؤمن بها الشعراء الملتزمون ، و رسختها نهجا في العمل يسلكه الشعراء العاملون ، وبسطها مصادر ينتهل منها الشعراء المبدعون وأرخ لها مجدا ينتمي إليه الشعراء المظلومون المنتصرون وسنتها ثوابا وعقابا يكافأ بها الشعراء إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
وثالثها : أن المدارس النقدية الأورپيه لم تكن بدعوة الالتزام في الشعر عناية ملموسه ، وأن تبشير بعضها بالواقعية يستوي خطوه تقليديه الاعتبار أفلاطون الشعر محاكاة للطبيعة.
ورابعها: أن المقاييس القرآنية في الدعوة الى الشعر الملتزم لم يتهيأ لها النقاد الذين يفصلونها تراثا تليدا وينظرونها تنظيرا معاصرا ، مما خلق فراغا في نقدنا الأدبي ملأه معظم نقادنا بالاقتباس من النقد الأورپي المعاصر بلا تثبت وبلا تدقيق فلم تثمر الدعوة الى الالتزام في شعرنا على أيديهم ثمرتها المرجوة .
وخامسها : أننا لا نرى من الأصالة أن نقتفي مدارس نقدية أورپيه في اصطلاحات وأحكامها واتجاهاتها ، لأن هذه المدارس تصدر عن ظروف اجتماعيه سياسيه وفكريه هي غير ظروفنا ، وتنهل من مناهل ثقافية هي غير مناهلنا الثقافيه وتعالج ألوانا من الأدب هي غير ألواننا الأدبيه .
وسادسها: أن الدعوة الى الالتزام في شعرنا المعاصر ينبغي أن تبدأ من المقاييس القرآنية تاريخا وتطورا في ميدان النقد الأدبي اصطلاحات وأساسا مضمونه وشكله متحدة :
فترى الشاعر الملتزم هو الشاعر المؤمن بما يلتزم به وهو العامل في سبيل ما يلتزم به فعلا وهو المنتمي الى تراث أمته لغة وذوقا متجددا وهو الخائض تجربة خاصة بما يلتزم تجاهه .
وتتجنب المصطلحات الأورپيه المترجمة معتمدة في هذا الميدان اصطلاح المدرسة الثورية في الشعر بدلا عن المدرسة الواقعية ، لأن الثورية اصطلاح يستلهم مفاهيم عديدة من مقاييس القرآن الكريم ويجمع الشعراء الملتزمين بمواصفات هذه المقاييس فنانيين ينتجون الشعر الذي يخلق حياة جديدة في ضوء المبادئ التي تلائم طبيعة مجتمعهم وأهدافه.
وتستقبل الشعر الملتزم وحده ملتحمه في مضمونه وشكله بدءا بالتجربه العاطفية الصادقه التي تدفع الشاعر نحو الالتزام بأفكار معينة والتعبير عن هذه الأفكار بخيال فني له لغته القومية السليمة ، وانتهاء بالبناء الشكلي الذي يقوم على هذا المضمون ويحتويه كائنا حيا.