شفق نيوز/ يقول المؤرخون والمراقبون ان الفيليين عموماً والعراقيين منهم بخاصة لم يحظَوا من الدراسات الاستشراقية إلا بالقليل، فأكثر دراسات المستشرقين عن (الكرد) تتجاهل الفيليين أو تذكرهم باختصار شديد، على حد وصفهم، مشيرين الى ان الدراسات التي تتناول كورد العراق إذا أوردت لفظة (الكرد) قصدت (كرد كردستان) ولا تنصرف اللفظة إلى الفيليين إلا إذا أضيفت إلى (الفيليين)، وكأنهم لا يعترفون بوجود فرعين كورديين في العراق، الكوردستانيين والفيليين، بحسب قولهم.
ويضيفون، ان الفيليين انكر "كورديتهم" مستشرقون مثل سي. جي أدمونز فعدّهم مجرد حمالين في بغداد يشبهون ما ورد في ألف ليلة وليلة، ولم يجعل اللر واللك من الكورد. واعترف أرشاك بولاديان الباحث العلمي في معهد الاستشراق لدى أكاديمية علوم أرمينيا وأستاذ المواد العربية بجامعة يريفان الحكومية وغيرها بكوردية الفيليين إلا انه أسماهم تبعاً لدراسته في المصادر العربية (لريين) ولم يذكر الفيلية قط.
وزعم توماس بوا مؤلف "تاريخ الاكراد" بأن اللريين والبختياريين لا يعدُّون كورداً أصليين. ويردد بعض الباحثين في كوردستان أن الفيليين لا ينتمون الى الكورد!؛ ويذكر المراقبون انه يكفي انصافاً لهم أن الأستاذ الدكتور كمال مظهر يعدهم مع الايزيديين كورداً ظلمتهم الجغرافيا.
ويزعم آخرون انه يجب عدم النظر الى الفيليين باستقلال؛ اذ هم جزء بسيط من "شغلة" منطقة (گرميان) أسفل كوردستان. ويرى المراقبون ان هذا إجحاف وخلط واضح فليس من شك أن الفيليين مكون مستقل عن مكون إقليم كوردستان الحالي ولا ينتمون لهم البتة.
وبحسب المتابعين فان تلك المزاعم تأتي برغم امتلاك الفيليين لتاريخ حافل وواسع ويثبت ذلك ما تطرق أليه الباحثون والمؤرخون في شؤون القوميات والأديان ومنهم المؤرخ جورج-ن-كرزن الذي كتب ان كلمة فيلي تعني الثورة او التمرد وكذلك ذكرها العالم الامريكي هنري فيلد بمعنى المتمرد، وكما ورد في المصادر الأخرى يعني الشجاع والفدائي والثائر اما اصل "الكرد الفيلي" فقد نسبه هوكو كروته آلى الأيلاميين القدماء.
كما ذكر بعض المؤرخين ان اصل تسميتهم بالفيلي مشتق من اسم الملك peli الذي أسس سلالة باسمه في أيلام ولما كان حرف الباء يكتب قديما عوضا عن حرف الفاء كما كان يلفظ في كلمة بارس بالاسم الجديد فارس وبولي يكتب بالاسم الجديد فيلي وذكر المستشرق الروسي جريكوف بان الفيلية قبائل متعددة من اللر تقيم في النواحي الجبلية بين إيران والعراق ويطلق على قبائل بشتكوه كما عرضه شوبرل.
اما الاثاري المؤرخ الانجليزي الشهير لابارد يقول؛ كان اسم "الفيلية" يطلق على جميع سكان لورستان ثم انحصر في منطقة بشتكوه، وعلى العموم مرت التسمية الفيلية في المراحل التاريخية المتعاقبة بين الظهور والخفاء تبعا لعوامل سياسية وجغرافية.
وقد تجزأ وطن الكورد الفيلية بين دولتي العراق وإيران من دون ان يؤخذ رأيهم بحسب بعض المؤرخين، بل تم ممارسة سياسة التعريب الإجباري بحق المقيمين في هذه المناطق؛ وفي عهد رضا خان البهلوي الإيراني تم تجزئة المنطقة السكنية للفيليين آلى ثلاث مقاطعات وأقاليم (منها إقليم بشتكوه وإقليم أيلام وإقليم لورستان) وتتالف من طوائف وعشائر كثيرة أهمها لك ولر وكروالي وملكشاهي وعلي شيروان واركواز وباوي وكلاواي وشوهان وزنكنة و كلهر وبختياري وسوره ميري وجزل وقرولس زركوش وغيرها.
وفي العهد الاسلامي أصبحت المنطقة الكوردية الفيلية ضمن الإمبراطورية الإسلامية وسميت بالجبال وكانت مدن ميمرة وشيرون جزءا من حكومة بغداد ومدينة درة شهر ضمن ولاية البصرة في زمن الخليفة العباسي ابي العباس السفاح.
ومن أمراء الكورد الفيلية، الأمير ذو الفقار نخود وهو من عشيرة كلهر الفيلية الذي احتل بغداد فأصبحت تحت حكمه لمدة ستة اعوام أي من عام 930 هجرية لغاية 936 وفي مدة حكمه كان حسن السيرة والتدبير خدم اهل بغداد ويعد المؤرخون ان تلك السنوات ساد فيها الامن والازدهار.
ويقول المتخصصون، ان الباحث لتاريخ الكرد الفيلية ومناطق تواجدهم يكتشف حقيقة أصولهم العرقية العراقية لان منطقة الفيلية ظلت جزء من جغرافية العراق ومن حضارته وتمازجه السكاني.
ويعبر كتاب ومؤرخون كورد عن رفضهم لنظريات كثير من المستشرقين، ويقول احدهم "كما يرفض أي كردي يعتز بأصله، نظرية المستشرق الروسي (فلاديمير مينورسكي) التي تقول: إن الكرد اختلطوا مع أقوام أقدم منهم سكنوا المنطقة فكوَّنوا من هذا الخليط الشعب الكردي الحالي، اني بذلك أرفض الغسيل العرقي بهذه الطريقة الذي لا يقل سفاحاً عن غسيل الأموال غير الشرعي، بل أرى أن الكرد حلوا بالتدريج محل هذه الأقوام، وبعد ان امتلكوا الصبغة الكردية استمروا بها إلى الآن. أما التحاق أقوام بهم فهو أمر نعيشه الى اليوم فهناك أعراب وأتراك تزيوا بزي الكرد وحسبوا عليهم كجماعات طي التي ذكرها راضي الطباطبائي، وهؤلاء الملتحقون بالكرد لا يشوهون نقاء الكرد"، بحسب تعبيره.