شفق نيوز/ يشكل فقدان الأرقام والبيانات الرسمية، في العراق، بيئة منعشة لتفاقم الفساد، والتلكؤ في توزيع الثروات بصورة عادلة، وهو ما يزيد من مطالبات إجراء التعداد السكاني المعطل منذ عقود.
وكان العراق أجرى آخر تعداد سكاني رسمي في العام 1997، في حين يعتمد الآن على أرقام تقريبية لعدد سكانه.
ويقول الباحث والسياسي الكوردي برهان شيخ رؤوف في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن "غياب الإحصاء يعني غياب الشفافية وغياب الاستحقاقات الشرعية لكل مواطن عراقي في شمال وجنوب وشرق وغرب البلاد".
ويضيف أن، "إجراء الإحصاء سيسهم في حل الخلافات العالقة بين المركز والاقليم بخصوص الموازنة، والمادة 140 ، وتمثيل الكورد في العملية السياسية، وكذلك في التشكيلة الحكومية، لهذا فنحن نجد ان إجراء الإحصاء ضرورة ملحة لإحقاق حق الجميع".
وبين شيخ رؤوف ان "تقديم الخدمات وتشغيل العاطلين وافتتاح الجامعات والمدارس والمراكز الصحية وغيرها كلها مرتبطة باجراء إحصاء سكاني دقيق".
ولم يخفِ شيخ رؤوف مخاوفه من إجراء الإحصاء بصورة غير شفافة وهو ما سينعكس على الواقع من تغيير ديموغرافي خصوصا في المناطق المتنازع عليها لهذا هو يجد انه من الضروري الاتفاق على المبدأ الاساسية والعلمية لإجراء عملية الإحصاء بطريقة مقبولة لدى الجميع.
وعن إمكانية إجراء إحصاء سكاني من قبل حكومة السوداني أكد برهان شيخ رؤوف ان "حكومة السوداني تحتاج لدعم سياسي لإجراء هذه العملية لأننا نتوقع ان تأخير إجراء الإحصاء مرتبط بأهداف سياسية"، مشيرا الى ان "السوداني أعلن عن وعود كثيرة لكنه لم ينفذ منها شيئا لغاية الآن".
فيما يؤكد العضو في الحزب الديمقراطي الكوردستاني رزكار محمود، مخاوفه من إجراء إحصاء ينتهي بتغيير ديموغرافي يجعل سيناريوهات "التعريب" في زمن النظام السابق تعود إلى الواجه من "جديد".
ويوضح ان "المخاوف من عدم دقة الإحصاء يأتي نتيجة المخاوف من ضغوط القوى السياسية على الإحصائيين أثناء تأدية عملهم"، لكن رزكار يطالب بأن تقوم الأمم المتحدة بالإشراف المباشر على هذا الإحصاء لضمان إجرائه بصورة عادلة. ويردف قائلا، إن "ما جرى في العديد من مناطق النزاع من تغيير ديموغرافي هو تمهيد لإجراء تعداد سكاني غير دقيق وغير منصف على الاقل للمكون الكوردي، وهذه المخاوف تجعلنا نؤكد على ضرورة وجود الأمم المتحدة كجهة محايدة للإشراف على هذا الإحصاء اذا ما قررت الحكومة ذلك".
ويبين المحلل السياسي عبد الغفار عبد الرحمن، ان من أبرز المشكلات التي تعيق إجراء هذا التعداد هو الخلاف القائم بين حكومتي بغداد وأربيل بشأن السيطرة على المناطق الخاضعة للمادة 140 من الدستور العراقي، أو ما تعرف بالمناطق المتنازع عليها، ولعل أبرزها محافظة كركوك الغنية بالنفط، لهذا فإن عملية الإحصاء تحتاج لتوافق سياسي على مستوى عالٍ ووفقا لمعايير علمية دقيقة حتى يأخذ كل ذي حق حقه".
ويشير غفار إلى "أسباب خفية تقف وراء عدم إجراء الإحصاء السكاني"، مؤكدا وجود أعداد كبيرة من الأجانب غير العراقيين يأخذون الرواتب ويستنزفون الموازنة العراقية، وكم هنالك أشخاص لايمتلكون الجنسية العراقية ويقومون بتحويل الدولار لدول الجوار عن طريق غسيل الأموال وغيرها من الآثار السلبية"، حسب زعمه.