شفق نيوز/ توعدت جهات رسمية بملاحقة الحكومة المحلية في محافظة البصرة أقصى جنوبي البلاد بعد اقدامها فجر اليوم الجمعة على هدم منارة جامع السراجي الأثري.
وبهذا الصدد وفي ردود فعل غاضبة قال وزير الثقافة والسياحة الآثار احمد فكّاك البدراني في بيان اليوم، "إننا سنتخذ الإجراءات القانونية لحماية الأرث الحضاري الكبير ضد أي تجاوز إداري أو شخصي يشجّع ويعمل على إلحاق الضرر بشكل مقصود أو عفوي، خصوصاً حادثة هدم منارة جامع السراجي التي وقعت فجر هذا اليوم، رغم تقديم الهيئة العامة للآثار والتراث عدة مقترحات للحفاظ عليها وتجزئتها ونقلها الى داخل باحة المسجد".
كما طالب البدراني، الوقفين السني والشيعي بالتدخّل والوقوف بحزم ومعاقبة منتسبيها في حالة السماح لهم بالتجاوز أو تزوير الحقائق التاريخية".
بدورها أكدت إدارة مفتشية وآثار البصرة، أنها ستتحرك قضائياً ضد الملف.
وقال مدير المفتشية، مصطفى الحصيني، لوكالة شفق نيوز، ان " مئذنة جامع السراجي التاريخية قد بنيت قبل 1727م وتعتبر واحدة من آخر مئذنتين موجودتين في البصرة مع جامع الكواز"، لافتا إلى ان "الاتفاق كان مع السلطات المحلية يقضي بتفكيك المئذنة ونقلها إلى مكان آمن".
وتابع بالقول "تفاجئنا اليوم بخروج جرافات الحكومة المحلية في المحافظة وقيامها بهدم الجامع والمئذنة بالكامل من اجل توسعة احد الطرق في البصرة"، مبينا ان" هذه التصرفات لا تعتبر من سمات الأمم المتحضرة النابضة بالحياة والتطور والتجديد".
واكد الحصيني، ان" إدارته أبلغت الجهات العليا في وزارة الثقافة بهذه التصرفات، وسيتم التحرك قانونياً ضد الجهات المالكة لهذا الجامع والمئذنة وعلى رأسها ديوان الوقف السني".
وشرعت الحكومة المحلية في البصرة فجر اليوم الجمعة بإزالة جامع السراجي بالتنسيق مع الوقف السني.
وقال رئيس الحكومة المحلية اسعد العيداني في تصريح مصور له اثناء عملية ازالة الجامع، انه سيتم بناء جامع جديد محل الجامع الذي تم رفعه بعد ورود شكاوى عديدة من المواطنين حول الجامع الذي يعيق حركة المرور وسبب ضيق في مشروع طريق السراجي.
من جهته ذكر الخبير القانوني المستشار سالم حواس، بأن استنكار مديرية آثار وتراث البصرة هدم منارة جامع السراجي في قضاء ابي الخصيب اليوم الجمعة لا قيمة قانونية له، وبإمكانهم إقامة الدعوى المدنية والجزائية ضد المقصرين والمتجاوزين .
وقال حواس في بيان :" اذا كانت هذه المنارة هي آخر المنارات الاسلامية التاريخية في المدينة و التي يصل عمرها الى 300 عام ، كما يصرح المسؤولون القائمون على هذا الصرح الإسلامي والحضاري والتراثي وتم تهديمها بسبب تجاوزها على الشارع العام المؤدي الى ابي الخصيب و عوملت مثل التجاوزات الاخرى فأن الشارع هو المتجاوز على المنارة لان اعمارها اقدم منه تاريخياً ".
واضاف "كان على دائرة الاثار و التراث في البصرة ان تقيم الدعوى امام القضاء والجهات المسؤولة وتزودهم بمرتسم وخرائط وكشف فني لاجراء تفكيك للمنارة، و نقلها داخل حرم المسجد لغرض فك الاختناقات والازدحامات الحفاظ على هذا التراث ومنع التجاوز عليها او على الاقل ايقاف هدمها بطلب ٍامام القضاء المستعجل لحين حسم الدعوى من القضاء".
وتابع الخبير القانوني بالقول انه " كان يجب ان يكون للهيئة العامة للاثار والتراث و وزير الثقافة و السياحة و الاثار والوقف السني موقف يساند دائرة الاثار في البصرة في اقامة الدعاوى المدنية والجزائية ضد متخذي الاجراءات القانونية بحق المتجاوزين على الارث الثقافي العراقي لا ان يتفق الوقف المحلي مع الحكومة المحلية على هدمها كما تقول وسائل الاعلام".
واوضح ان "مباشرة حكومة البصرة المحلية ، اليوم الجمعة ، بعملية هدم وازالة جامع السراجي لتوسعة طريق ابي الخصيب جنوبي المحافظة ، بالاتفاق مع مدير الوقف السني حسب تصريح الوكالات لا يعفي جميع الاطراف من المسؤولية القانونية اذا ثبت مقصرية التصميم الاساس اللاحق على بناء المنارة".
وجامع السراجي، وهو من مساجد العراق التاريخية القديمة في مدينة البصرة ويتميز بعمارته الأثرية والتراثية، وبني في العام 1140هـ/1727م، ويقال إن الذي شيده عبد الوهاب باشا بن أحمد القرطاس في العام 1320هـ/1902م.
وتبلغ مساحة الجامع حوالي 1900 م2، ولقد كان بناؤه من مادة اللبن والطين، ويقع في محلة السراجي في قضاء أبي الخصيب، وجدد بناؤه من قبل مجموعة من المتبرعين في عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وكان آخر تعمير وتجديد لهُ في عام 1421هـ/2002م، وتم ذلك على نفقة المحسنة (أم حميد التويجري)، وتقام في الجامع حالياً صلاة الجمعة وصلاة العيدين والصلوات الخمسة.
وفي الجامع منارة أثرية فخمة البناء لها حوض واحد، مبنية بالآجر القديم ونقشت بعض اجزائها العلوية بالكاشي الملون الكربلائي، وفيهِ مصلى واسع يبلغ عرضه 18 متراً وبطول 11 متراً، وللحرم محراب مبني من الطابوق والأسمنت وعن يمينه منبراً محاط بسياج من خشب الصاج، وتحيط بالمصلى النوافذ من كل جانب.
ويعتبر الجامع من أوسع مساجد البصرة مساحة قديما حيث كان يسمى بالمسجد الكبير في البصرة قبل بناء المساجد الحديثة وجامع البصرة الكبير، وأيضاً كان من مسمياته القديمة اسم جامع مناوي لجم الكبير، لأن المنطقة كان أسمها قرية مناوي لجم ثم توسعت وتمييزاً لهُ عن جامع مناوي لجم الصغير.