شفق نيوز/ يعد القطاع الزراعي في العراق من القطاعات المهمة لتنمية اقتصاد البلاد والحفاظ على الأمن الغذائي ومصدراً معيشياً للكثير من المواطنين.
ورغم أهمية هذا القطاع لكنه يواجه الكثير من التحديات أبرزها التطرف المناخي وأزمة المياه وتكلفة الإنتاج، ما يستدعي وضع خطط لملف المياه لاستخدامها بالشكل الأمثل، ودعم المنتج المحلي ليستطيع منافسة المستورد، وكذلك التعاون ما بين الوزارات المعنية للمحافظة على هذا القطاع المهم.
وتعاني المحافظات العراقية في الوسط الجنوب من تدهور في البنية التحتية للقطاع الزراعي وخصوصاً في السنوات الأخيرة، كما هو الحال في محافظة واسط التي تعتبر من المحافظات الزراعية المتقدمة والمهمة في العراق من حيث كمية إنتاجها وخاصة بالنسبة للحنطة.
انخفاض بالخطة
وكان التحدي الأساس في محافظة واسط هو شح الإيرادات المائية المستمرة منذ سنوات سابقة وإلى الآن، ما تسبب بتراجع المساحات الزراعية إلى النصف، فقد وصلت في السنوات الثلاث الأخيرة إلى 700 ألف دونم داخل وخارج الخطة، بعد أن كانت أكثر من مليون دونم في السابق، ما أنعكس على المنتوج الاقتصادي ومصالح الناس"، بحسب مدير زراعة واسط، أركان مريوش.
ويضيف مريوش لوكالة شفق نيوز، أن "محافظة واسط فقدت الكثير من ميزاتها الزراعية بسبب الجفاف وتدهور الأراضي الزراعية وتوقف مشاريع الاستصلاح في المحافظة، فضلاً عن الظروف المناخية المتطرفة التي يمر بها العراق والتي أثرت بشكل كبير على زيادة المساحات المتصحرة في المحافظة التي تعاني من الجفاف، وأيضاً من ارتفاع الأملاح نتيجة عمليات التبخر الناتجة من الحرارة العالية التي تتعرض لها المنطقة، لذلك تفقد المحافظة سنوياً الكثير من الأراضي الزراعية المنتجة سواء في المساحات التي خارج المدن أو التي على تخومها، بسبب زيادة السكان ومتطلبات البلدية والتوسعات على حساب الأراضي الزراعية".
ويوضح، أن "جهود الحكومات السابقة للقطاع الزراعي لم تكن بالمستوى المطلوب، لذلك يعاني هذا القطاع حالياً من مشاكل أساسية في البنى التحتية والجانب الفني، أما على مستوى البنى التحتية، فإن صلاحية التربة والمياه في تدهور مستمر، ولم يتم إيجاد البيئة المناسبة لخلق قطاع زراعي ناتج سواء على مستوى الإمكانيات أو على مستوى إعداد المزارعين لغاية الآن، أما الجانب الفني، فإن وزارة الزراعة تراجعت في عمليات تزويد المكننة الزراعية والآليات والتقنيات الحديثة للمزارعين".
ويؤكد مريوش على أهمية "جعل القطاع الزراعي من أولويات الحكومات وزيادة تخصيصات وزارة الزراعة ومديريات الزراعة في المحافظات وتوفير بنية تحتية على مستوى المباني والعجلات الزراعية والأثاث، حيث إن الأموال المخصصة لا تكفي لحجم الحاجة الموجودة".
ومن المتطلبات الأخرى المهمة يقول مريوش، إن "على الدولة أيضاً التحكم بالسوق لدعم المنتج المحلي، حيث يلاحظ أن المستورد يقوم بأذية المنتج الوطني سواء على مستوى المنتجات الحيوانية أو المحاصيل الزراعية، لذلك يجب أن يكون هناك اهتمام كبير للقطاع الزراعي الذي يؤمن الغذاء وفرص العمل والاستقرار الاجتماعي في الريف".
بدوره، ينوّه الخبير الزراعي، عادل المختار، إلى أن "محافظة واسط من المحافظات الزراعية المتقدمة والمهمة في العراق من حيث كمية إنتاجها وخاصة بالنسبة للحنطة، كما أن الوضع المائي لا بأس به".
ويبيّن المختار لوكالة شفق نيوز، أن "الخزين المائي حسب تصريحات وزارة الموارد المائية هو ضعف الصيف الماضي الذي كان 11 مليار، أي حالياً هناك بحدود 20 مليار متر مكعب، وهذا يعتبر رقماً ضخماً، لذلك لا توجد مشكلة مياه لوجود هذا الخزين المرتفع وخاصة في نهر دجلة، لأن سد الموصل ارتفع منسوبه إلى 323 متر، وهذا خزين جيد جداً، وكذلك الموقف في سدود دوكان ودربندخان وحتى حمرين، أما مسألة عدم اطلاقها فإن ذلك يعود إلى الإدارة المائية لوزارة الزراعة".
من جهتها، تلفت نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، سوزان كوجر، إلى أن "الواقع الزراعي في العراق يواجه الكثير من التحديات رغم أن القطاع الزراعي مهم لتنمية اقتصاد البلاد والحفاظ على الأمن الغذائي وأيضاً مصدر معيشي للكثير من المواطنين، ومن التحديات التي تواجه هذا القطاع هو التطرف المناخي الذي أدى إلى حصول تراجع في إنتاج الثروة الحيوانية أو الزراعية".
وتضيف كوجر لوكالة شفق نيوز، "أما التحدي الثاني فهو يتمثل بأزمة المياه، وهذه الأزمة تعود إلى قلة الواردات المائية، وكان الخزين المائي دون 5 مليارات متر مكعب في الماضي، لكن وصل حالياً إلى 20 مليار متر مكعب بسبب الهطول الجيد للأمطار وذوبان الثلوج وغيرها".
ومن التحديات التي تواجه القطاع الزراعي أيضاً - وفق كوجر - هي "تكلفة الإنتاج على الفلاح سواء كان ثروة حيوانية أو ثروة زراعية، ما يؤكد الحاجة إلى الدعم الحكومي من خلال توفير المستلزمات الزراعية من الأسمدة والعلف وغيرها من المستلزمات الضرورية لانجاح الإنتاج في هذا القطاع المهم، ووضع خطة مدروسة لتسويق المنتج المحلي ودعمه ليستطيع منافسة المستورد".
وتتابع: "وكذلك وضع خطة استراتيجية وسياسة مدروسة لملف المياه التي لها ارتباطاً مباشراً مع هذا القطاع، من خلال خزن المياه والاستفادة منها في المستقبل مع استخدامها بشكل علمي وعدم هدرها، كما يجب وضع برنامج لمعالجة مياه الصرف الصحي والاستفادة من المياه الثقيلة لاستخدامها في الصناعة والقطاع الزراعي، وأيضاً وضع برنامج للحفاظ على ثروة المياه الجوفية".
وتؤكد كوجر في ختام حديثها على ضرورة "التعاون ما بين الوزارات المعنية منها وزارات الزراعة والمواد المائية والبيئة للمحافظة على هذا القطاع المهم، كما يجب التنسيق ما بين وزارتي التجارة والزراعة لإيجاد الآليات الناجحة لتسويق المنتج المحلي".