شفق نيوز/ اعترضت نقابة المحامين العراقيين، اليوم الثلاثاء، على مسودة قانون يجري تداولها في مجلس النواب تحت مسمى (المساعدة القانونية) وعدته مخالفاً لقانون المحاماة والدستور العراقي ويهدف للقضاء على مهنة المحاماة بشكل منظم، داعية المجلس لتشريع "قوانين حقيقية" يتطلع إليها الشعب.
وقالت النقابة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز إن "الشعب العراقي يتطلّع، وفي ظلّ الظروف التي يعيشها إلى دعم شرائح المجتمع كافة والقطاعات المهنيّة، والحفاظ على أموال البلد وتقديم التشريعات الحقيقيّة التي تدعم ذلك، وقد وضع الشعب ثقته بممثليه في مجلس النواب العراقي، لإنصاف المجتمع وتحقيق الأهداف الوطنيّة العليا، لأن قوّة الدول وتقدّمها يُقاس بقوة مجالسه النيابيّة، فنوّاب الشعب هم الذين يصوّبون مسار العمل الحكومي ويوجّهون بوصلة البلد نحو تحقيق شامل وموضوعي للأهداف الوطنية".
وأضافت النقابة "وقد وصل إلى علمنا عمل مجلس النوّاب العراقي على تشريع قانون جديد سُمّيَ بقانون ( المساعدة القانونية ) وحيث أن نقابة المحامين العراقيين قد ٱطّلعت على ما ورد في مسودته، فقد وجدت بأن هذا القانون يُكرّس الإعتياش على آلام الفقراء والمحتاجين، ويؤسس للقضاء على أدوار المحامين وحقوقهم ويسلب أعمالهم التي نصّ عليها الدستور وكفلها القانون، كما أنّه يرمي للقضاء على مهنة المحاماة بشكل منظّم، ومن جانب آخر يُرهق الميزانية الماليّة للدولة باستحداث مراكز ودرجات وظيفيّة عليا، بدل أن تساعد المواطن المحتاج فعليًّا".
وسَجّلت النقابة، وفقا لبيانها، عددًا من النقاط الأساسيّة للاعتراض على تشريع هذا القانون، بعضها من حيث الأصل، والأخرى لما جاء في مسودة المشروع، وهي التالي:
1- إن نقابة المحامين العراقيين هي المؤسسة المهنيّة المعنيّة بالتوكّل عن الغير والوقوف مع المواطن الذي يحتاج للمساعدة القانونيّة، ودعم الفئات التي تحتاج إلى التمثيل القانوني، وقد أنشأت لجان متعددة لتحقيق هذا الغرض، في التوكّل عن المواطنين بشكل (مجاني) دون إرهاق الدولة بميزانيات ماليّة، ودرجات وظيفيّة وأجهزة شكليّة لا تعود بالنفع الحقيقي على المواطن المحتاج، بالإضافة إلى أن القانون يتعارض مع أحكام قانون المحاماة وعلى وجه الخصوص في المادة (۱/۲۲) منه والتي نصت على القول : ( لا يجوز لغير المحامين المسجلين في جدول المحامين ابداء المشورة القانونية او التوكل عن الغير للادعاء بالحقوق والدفاع عنها أمام المحاكم العامة و الخاصة و دوائر التحقيق والشرطة واللجان التي خصها القانون بالتحقيق او الفصل في المنازعات) بل وحتى في الاستثناء الوارد فيها في الفقرة (۲) من نفس المادة اعلاه لم تتضمن تشريع قانون أو قيام أي جهة حكومية أو غير حكومية بالقيام بالأعمال التي يقوم بها المحامي و إنما أعطى الصلاحيّة الحصريّة للمسجلين في جدول المحامين.
2 - الغموض التشريعي بخصوص تبعيّة الجهة التي سينضوي تحتها ( مركز المساعدة القانونية ) فتارة يشير القانون إلى أن المركز يؤسس في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، وتارة أخرى يعطي صلاحيّة بيان إجراءات تقديم المساعدة القانونية وتعليماتها، بالإضافة إلى تحديد النظام الداخلي وتقسيم التشكيلات والمراكز، إلى وزير العدل، فإذا كان المركز المشار له تابع للمفوضيّة العليا لحقوق الإنسان فإن ذلك يخلّ بٱستقلاليّة المفوضيّة، كونها جهة مستقلّة لا ترتبط بالحكومة، وإذا كانت تابعة لوزارة العدل فهذا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، فيما يخصّ العمل القضائي، ولا يدخل ضمن أدوار الوزارة في الإهتمام بتوكيل المحامين فهي صلاحيّة نقابة المحامين العراقيين.
3- إن تحقيق غرض دعم الفئات المحتاجة، أو التي لا تملك الملاءة الماليّة لتوكيل المحامين، أو الفقراء، ليس نظامًا جديدًا، ولا يوجد فراغ تشريعي في هذا الجانب، فنظام "المعونة القضائية" ، نظام أصيل نصّت عليه القوانين العراقيّة، ونظّمت أحكامه، وقد وردت تلك النصوص في قانون المرافعات المدنيّة رقم 83 لسنة 1969 النفاذ، بشكل واضح، بالإضافة إلى قانون الرسوم العدلية رقم 114 لسنة 1981 المعدل، هذا فضلاً عن قانون المحاماة العراقي رقم 173 لسنة 1965 النافذ والذي ٱحتوى في الباب السادس منه، تنظيمًا خاصًّا ومفصّلاً، فكان الأجدر بمجلس النواب تفعيل هذه النصوص، ودعم صندوق المعونة القضائية في نقابة المحامين، لتحقيق الغرض المرجوّ، بدل ٱستنزاف أموال الدولة في تشكيلات قد لا تحقق الغرض الفعلي من إنشائها.
4 - إن حق ٱنتداب المحامي لمن ليس له محام يدافع عنه، وعلى نفقة الدولة، هو حقٌ دستوريّ، نصت عليه المادة 19 /حادي عشر، من الدستور العراقي، فإذا كان القانون المذكور يُراد منه ذلك، فقد كان من الأوْلى على مجلس النواب، العمل على دعم الميزانية الماليّة لمجلس القضاء الأعلى، لأجل الإسهام في صرف أجور الإنتداب، والمساهمة في إعادة تقييم مبالغها المتدنية، فإذا كانت المبادئ الدستوريّة، لا تحظى بالدعم الحقيقي، فكيف سيحقق القانون الذي هو بطبيعة الحال أقل مرتبة من القوة الدستوريّة، ذلك الهدف المنشود.
5- ان هذا القانون يخالف أحكام المادة (4) من قانون المحاماة و مكملاتها المواد ( 14 و 15 ) كون المحامي الذي سيتمّ التعاقد معه، على وفق أحكام القانون المذكور، يصبح ممن يجمع بين المحاماة و العمل بأجر أو الاستخدام مطلقا في الدوائر الرسمية، مما يجعل المحامي مستبعدًا حكمًا من جدول المحامين، وهذا يعني استحالة ممارسته لمهنة المحاماة، والتوكّل عن الغير، بل يُعد منتحلًا لصفة المحامي و بذلك يتعرّض للمساءلة الجزائية.
6- مخالفة أحكام القانون للمواد ( 51 - 52 - 53 ) من قانون المرافعات، فلا يحقّ للمحامي الحضور عن الغير، إلا بوكالة رسميّة مصدّقة من الكاتب العدل، أو المحكمة التي تنظر الدعوى، وإن انتداب المحامي بناءً على التعاقد معه، لا يحل محلّ الوكالة الرسميّة.
7 - تضمّن القانون صلاحيّة فرض العقوبات التأديبيّة على المحامين، وهذا ما يخالف بشكل صريح، قانون المحاماة، فلا تملك أي جهة كانت فرض العقوبات التأديبيّة المنصوص عليها في قانون المحاماة، على المحامين، والصلاحيّة محصورة بمجلس النقابة ولجان السلوك المهني.
8 - إعطاء الصلاحية لمكتب المساعدة القانونيّة، بالتحقيق مع المحامي في المخالفة المرتكبة عن تقديم الخدمات القانونية، وهذا مخالف لقانون المحاماة، حيث أن الصلاحيّة منوطة بلجان الشكاوى في نقابة المحامين العراقيين، ولجان السلوك المهني.
9 - إن إجراءات طلب المساعدة القانونية التي تضمّنها القانون، مطوّلة وغير بسيطة، تؤخر إجراءات العدالة، وتضيّع الفرصة على المتقاضين في استرداد حقوقهم، وتخالف مبادئ سرعة إجراءات التقاضي.
10 - إن تخصيص الموازنة المالية الخاصّة بالخدمات المقدمة وفقًا للقانون المذكور، يتطلّب معرفة الجهة التي ستدرج لها تلك التخصيصات الماليّة في الموازنة الإتحاديّة، وهذا ما لم يُبيّن بشكل دقيق في نصوص القانون المذكور.
11 - عدم موافقة الجهة القطّاعيّة المعنيّة وهي نقابة المحامين العراقيين، فقد أجابت النقابة كتاب مجلس الدولة، برفضها هذا القانون، في كتاب النقابة بالعدد 169 المؤرخ في 19 / 11 / 2017، واستنادًا لقرار مجلس النقابة في الجلسة 19 المؤرخة في 27 / 5 / 2014، بالإضافة إلى بيان رفضها في كتابها المرسل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بالعدد 17 المؤرخ في 18 / 2 / 2018.
12 - نص القانون المذكور في مسودته على أن مركز المساعدة القانونية يحل محل المستفيد عند الحكم له بمصاريف الدعوى، وهذا يُعدّ مخالفًا للدستور الذي تنص مواده على مجانية كافة الخدمات التي تقدم للمواطن، باستثناء الرسوم والضرائب و المصاريف والتي لا تكون إلا بموجب قانون.