شفق نيوز/ في ظاهرة دخيلة على مجتمع كركوك، استيقظ أهالي المحافظة على انتشار صورة لأحد منازل الناشطين وسط المدينة، مكتوب على بابه عبارة "مطلوب دم"، وذلك رغم قرار وزارة الداخلية العراقية قبل 6 سنوات، يقضي بتجريم كلّ من يكتب تهديدات على الجدران من هذا القبيل، لكن ذلك لم يردع عشائر عدّة ومتستّرين.
وفي فبراير/ شباط من عام 2018، قرّرت وزارة الداخلية العراقية تجريم كلّ من يعمد إلى الكتابة على الجدوان عبارات تحمل تهديداً لشخص أو عائلة أو جهة، وتصنيف تلك الكتابات نوعاً من أنواع الإرهاب، فيمثل المتورّط فيها أمام القضاء المختصّ بقضايا مكافحة الإرهاب في البلاد.
ورأت الوزارة أنّ كل من يكتب عبارة "مطلوب دم" على جدران منازل المواطنين هو إرهابي ويُعامل على هذا الأساس، وذلك بعد اتساع هذه الظاهرة التي ترتبط بشكل رئيس في استفحال النزاعات العشائرية وضعف تطبيق القانون في عدد من مدن العراق، خصوصاً في العاصمة بغداد ومدن جنوبي البلاد.
وعبارة "مطلوب دم" الأكثر شهرة في العراق، تُكتب في العادة على أبواب المنازل والمباني بعد كل حادثة قتل عمداً أو بغير العمد، لكنّها تطوّرت لتصبح إحدى وسائل الابتزاز بهدف الحصول على المال في ما يُعرف بـ"الفصل" أو "الكوامة"، وباتت تُستخدم في مشكلات مختلفة، من قبيل حوادث السير والعراك بالأيدي، عدا عن تلك النزاعات المتعلقة بالأراضي والسقي والأخرى التاريخية التي قد تصل إلى فترة ما قبل احتلال العراق.
ما سبق يؤكد، قوة وسلطة العشائر التي تنافس في كثيرٍ من الأحيان القضاء العراقي في ما يتعلق بحلّ المشكلات والنزاعات وبشكل تصاعدي، خصوصاً في مناطق جنوب العراق ووسطه، بشكل يعمّق من أزمة الهوية المدنية التي يطالب بها الشعب العراقي والناشطون في البلاد.
وعلى الرغم من أنّ القوات الأمنية والقضاء يلاحقان المتورّطين بهذه الجرائم وتراجعها، فإنّ ثمّة حالات تظهر بين فترة وأخرى وتتعاظم في مدن الجنوب وتكاد كركوك شبه خالية من هكذا أمور .
وبالعودة للقضية المثارة اليوم في كركوك، قال الناشط المدني، عمر أحمد، لوكالة شفق نيوز إنه استيقظ صباح اليوم ليتفاجأ بعبارة "مطلوب دم" على جدران البيت، موضحاً أن قبل أشهر من الآن حدثت مشاجرة في منطقة الصيادة (جنوب كركوك)، وتدخل القانون وأخذ مجراه بالحكم على الشخص المدان بالمؤبد".
وتابع بالقول: "لكن ذوو الضحية ما زالوا يمارسون شتى أنواع الأساليب خارج إطار القانون بالتهديد بالقتل والتهجم بالسلاح على منزلي ومحل عملي وكل هذا موثق بالكاميرات".
وطالب أحمد، بتدخل قيادة العمليات وقيادة شرطة كركوك وشؤون العشائر لوقف هذه الممارسات، لأن هذه الظاهرة دخيلة على مجتمع كركوك ولا بد أن يكون القانون والقضاء هو الفيصل لأننا نعيش تحت سقف دولة وقانون وأجهزة أمنية ولن نقبل بتصرفات خرج القانون".
بدوره، رأى الشيخ عبد الله عبد الجبار، أن ظاهرة الدكة العشائرية في كركوك هي ظاهرة دخيلة ولا تتعامل به العشائر كون القانون والقضاء هو الفيصل في هكذا أمور وأي مشكلة عشائرية تحل بجلسة فصل بوجود شيوخ العشائر وأصحاب الكلمة من كبار القوم، وجميع العشائر متفقة على رفض ما يطلق عليه عبارة "مطلوب دم".
وأكد الشيخ عبد الجبار، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الأعراف العشائرية والدينية متطابقة مع القانون والقضاء وترفض أي أمور دخيلة لاستهداف المدنيين في كركوك".
في المقابل، ذكر الخبير القانوني علي البياتي، للوكالة، أن "عبارة مطلوب دم تعامل القضاء معه على أنه عمل إرهابي وهو موافق للدستور والقانون، وإن تطبيق قانون مكافحة الإرهاب على هذا الموضوع تطبيق سليم".
وخلص البياتي، إلى القول إن "الدستور طالب بالالتزام بالقانون وأولويات الناس، كما أن القرار القضائي يوافق القانون لأن التهديد الذي يمس الناس عن طريق (الدكات العشائرية) ليس تهديداً فردياً بل جماعياً"، منوهاً إلى أن "تطبيق قانون مكافحة الإرهاب إجراء سليم".