شفق نيوز/ شهد العراق دورات متكررة من الصراع والنزوح الجماعي والدمار على مدى العقود الثلاثة الماضية، آخرها الحرب مع "داعش" التي أحدثت تغيرا غير مسبوق لجغرافية بعض المناطق والبنية التحتية في شمال ووسط العراق.

فقد تضرر أو دٌمر ما لا يقل عن 138 ألف منزل، وأٌجبر أكثر من ستة ملايين عراقي على الفرار، ولا يزال العديد من الذين لم يتمكنوا من العودة إلى قراهم وبلداتهم الأصلية يكافحون من أجل تأمين منزل وإعادة بناء حياتهم.

ووجد بحث جديد أجراه مجلس اللاجئين النرويجي (NRC)، أن المرأة العراقية هي التي دفعت الثمن الأكبر جراء ما حصل، وهي الأكثر تضرراً، وحتى أن النساء يبدين خوفا كبيرا من  العودة إلى ديارهن.

وأفادت واحدة من كل 10 نساء نازحات بأن ممتلكاتهن محتلة من قبل "المليشيات" أو أفراد الأمن أو زعماء القبائل.

وقالت ريم التي تعيش في مخيم للنزوح منذ عام 2017: "أتمنى لو كان لدي منزل أعود إليه، لكن ليس لدي شيء".

فقد طلقها زوجها ليتزوج بأخرى، ولأنه كان مالك المنزل فقد تركها في مخيم النازحين دون أي شيء، وعملت لفترة من الوقت كعاملة نظافة في مكتب إدارة معسكر المجلس النرويجي للاجئين، ومن خلال المال الذي كسبته، اشترت قطعة من الأرض المملوكة للحكومة في منطقة زراعية، ولكن يمكن استعادة هذه الأرض من قبل الحكومة في أي وقت.

وأضافت ريم: "على الحكومة أن تساعدنا في إيجاد مكان للعيش أو على الأقل تعطينا تعويضات، لا يمكننا العودة إلى مناطقنا الأصلية لأنه لم يبق شيء، لم يعد لدي منزل أو عائلة تعيش في تلك المنطقة".

نفوذ زعماء العشائر

أما كتيبة، 39 عاماً، وتعيش في مخيم منذ 2018، فقد قالت: "كان زوجي قد سجل ممتلكاتنا باسمه، لكنه قتل أثناء استعادة الموصل عام 2018، اشترى المنزل من والده بدون عقد، ولا أستطيع الآن إثبات أنه ملك لنا".

وأشارت "حتى لو تم تسجيل المنزل باسمي، فلن يتغير وضعي، لأن زعماء القبائل لديهم القوة المطلقة في منطقتنا".

وأوضحت أنها تخشى على أبنائها الصغار بعد أن فقدت ثلاثة أطفال بالفعل، مضيفة: "لا يوجد شيء نعود إليه. لن تسمح لي قبيلتي بالعودة أبداً".

ووجدت أبحاث المجلس النرويجي للاجئين أنه على الرغم من أن الحكومة العراقية لديها قوانين لحماية حقوق المرأة، فإن العادات غالبا ما تقيد حق المرأة في التملك بشكل مستقل.

تجديد الهوية

أما السيدة أم إبراهيم، فقالت: "مشكلتي الرئيسية الآن هي أن بطاقات هويتي وأولادي قديمة ولا يمكنني عبور نقاط التفتيش ما لم أجددها.

وأوضحت أم إبراهيم، 44 سنة، من منطقة الحويجة في محافظة كركوك، أنها هربت مع أطفالها الستة إلى مخيم للنزوح خلال القتال ضد تنظيم داعش، إلى أنها لا يمكنها تجديد هوايتها دون حضور زوجها وهو مفقود، أو الحصول على النسخة الأصلية لبطاقة الهوية.

ووفقاً لأم إبراهيم، كان زوجها مزارعًا وامتلك منزلا وأرضا، وخلال القتال، قرر البقاء في المزرعة لحماية الأرض والماشية، وفي وقت لاحق، تلقت أم إبراهيم معلومات من أهالي القرية تفيد بأن "الميليشيات" أخذت زوجها، وتخشى إذا عادت إلى المنزل أن تأخذ "الميليشيات" أولادها كما فعلوا مع والدهم.

وقالت: "عائلتي لا تستطيع أن تفعل أي شيء لمساعدتي، إنهم في المخيم مثلي، كلنا من نفس القرية ولا يمكن لأي منا العودة إلى دياره، الشيء الوحيد الذي قد يساعدنا على بدء حياتنا مرة أخرى هو تجديد بطاقات الهوية والحصول على بعض التعويض. وهذا سيمكننا من بدء مشروع صغير والحصول على دخل".

الانضمام إلى داعش

أما السيدة رابية، 47 سنة، أم نازحة لسبعة أطفال من الحويجة، تعيش في مخيم منذ 2017، ذكرت أن لديها الأوراق التي تثبت أن المنزل ملك لها، ولكن عندما فروا، تركوا كل شيء في المنزل، ولم يفكروا في أخذ الوثائق معهم.

وتدّعي أن زوجها وابنها متهمان "زورًا" بالانتماء لتنظيم داعش، وأن زوجها صاحب متجر، يبيع المنتجات للجميع، بما في ذلك الأشخاص الذين ينتمون إلى جماعة داعش، قائلة: "اتهمهم أقاربنا بدعم داعش وجلبوا بعض الشهود المزيفين لاتهامهم زوراً".

وأشارت إلى أن لديها ثلاثة أطفال ليس لديهم بطاقات هوية وآخرون لديهم نسخ قديمة، ولا يستطيعون الحصول على بطاقات جديدة بسبب وضع والدهم، ومن أجل الحصول على بطاقات جديدة، كان عليها أن تندد علانية بزوجها والجرائم التي اتهم بها.

وتشرح قائلة: "لقد حُكم عليه بالسجن 15 عامًا"، وتابعت: "لقد تعبت من العيش في المخيمات والانتقال من معسكر إلى آخر. أفتقد منزلي".

والمجلس النرويجي للاجئين (The Norwegian Refugee Council (NRC, هو منظمة إنسانية غير حكومية نرويجية تختص بحقوق الإنسان في الدول التي تستضيف اللاجئين أو التي يكون فيها النزوح الداخلي.