شفق نيوز/ لم يكن صباحاً عادياً هذا الذي شهدته مدينة الموصل اليوم، فقد استيقظ العاملون في سوق الملابس المستعملة "البالة" على صدمة كلفتهم كل ما يملكون، بضاعتهم البسيطة التي يعيشون من ريعها أصبحت رماداً ولم تنجو قطعة ملابس واحدة منها بسبب حريق اندلع في السوق عند الفجر.
و اندلع حريق كبير، يوم الاثنين، في سوق البالة في مدينة الموصل مخلفاً خسائر مادية فادحة.
تماس كهربائي، هذا ما اعتدنا على سماعه عند اندلاع أي حريق، وبالأخص إذا ما حدث في مؤسسات الدولة وتحديداً الغرف التي تحفظ فيها العقود وغيرها من المستندات المالية، حتى أصبح هذا التماس المتهم الرئيس في جميع الحرائق قبل أن تثبت إدانته.
ديون متراكمة وبضاعة متفحمة
احمد مهنا، صاحب احدى البسطيات في سوق البالة، وقف مصدوماً عند مدخل السوق، فقد كان يمني النفس بربح وفير مع حلول فصل الشتاء فهو الموسم الذي تنتعش فيه تجارتهم المتواضعة.
يقول مهنا لوكالة شفق نيوز: "كنت انتظر هذا الموسم بفارغ الصبر لكي اتمكن من تسديد الديون التي تراكمت عليّ بسبب جائحة كورونا وفترات حظر التجوال، وبعد عودة الحياة الى طبيعتها، استدنت مبلغا من المال ليشتري المزيد من البضاعة على أمل بيعها وتسديد ديوني، لكن تحول هذا الأمل الى رماد الان والدين زاد فكيف سأسدده؟".
مهنا أخرج من جيبه قرارا حكوميا لتعويضه عن منزله الذي تضرر بسبب الحرب على داعش، وقال: "انا انتظر التعويض منذ ثلاث سنوات واعيش اليوم في الجانب الأيسر نازحا متنقلا من دار إلى آخر، واحاول ان اعمل ما بوسعي لتأمين الايجار ولقمة العيش، ما الذي سأفعله الآن وعلى أي تعويض سأحصل؟ الحكومة لا تهتم بمعاناة الناس، ولو كان الأمر بيدي فلن ابقى ساعة واحدة في العراق بعد الان".
400 بسطية أصبحت رماد
يوجد في هذا السوق اكثر من 400 بسطية، اصبحت اثرا بعد عين ولم ينجو منها الا أقل من عشرة فقط نجح الدفاع المدني في سحبها الى خارج السوق اما الباقي فقد أصبحت كومة رماد.
يقول ظافر محمود، وهو أحد موردي الملابس المستعملة الى السوق، انه خسر تعب عمره وكان لديه أكثر من 30 بالة لم يجد منها شيئا، سعر البالة يتراوح ما بين 300 الى 350 دولار.
ومثل ظافر هنالك المئات ممن اشتروا خلال الأيام الماضية كميات كبيرة من البالات بالآجل على أمل بيعها مع بداية الموسم لأن هذا السوق لا ينتعش إلا لاشهر معدودة وبداية الموسم كانت مع السنة اللهب وليس الزبائن.
المتهم الغائب
تباينت شهادات اصحاب البسطيات حول سبب الحريق بعضهم يقول انه تماس كهربائي، فيما يرى آخرون أن التماس الكهربائي لا يمكن أن يشعل حريقا في لحظات، وان هناك من افتعل الحريق متعمداً، أما حراس السوق فلم ينتبهوا للحريق الا بعد ان احترق أكثر من نصف السوق.
مسؤول شعبة الاعلام في مديرية الدفاع المدني، المقدم سعد الجبوري، يقول لوكالة شفق نيوز، ان سبب عدم سيطرتهم على الحريق هو البلاغ المتأخر، فبعد ان وصل البلاغ كانت النار قد التهمت أكثر من نصف السوق ولم يعد من الممكن السيطرة عليها.
واستدرك "لكن ما حققته كوادر الدفاع المدني كان انجازا فقد نجحت في محاصرة السنة النيران ومنعتها من الوصول الى السوق المجاور لسوق البالة"، مشيرا الى فتح تحقيق في الحادث لمعرفة السبب الرئيس وراء هذا الحريق.