شفق نيوز/ حذّر الخبير في مجال المياه جاسم الأسدي، اليوم الأحد، من "فقر مائي" متوقع في العراق خلال فصل الصيف المقبل، داعيا الحكومة إلى ضرورة التصرف بحكمة من الآن والحد من التفاؤل، كون السدود الرئيسية في البلاد ما تزال تعاني من الجفاف.
وأعلنت وزارة الموارد المائية العراقية، في وقت سابق، عن عودة تدريجية للحياة في أهوار جنوبي البلاد، جراء إجراءات تحويل جزء من مياه الأمطار، التي هطلت بغزارة خلال الأسبوع الماضي.
وقال الأسدي لوكالة شفق نيوز، إن "الجفاف الذي ضرب أهوار بلاد الرافدين تظافرت عليه ثلاثة جهود، الأولى: دول الجوار الإقليمية (تركيا وايران)، من خلال تقليل الاطلاقات وحجز الكثير من المياه، وثانيا: التغير المناخي في العام الماضي وقلّة الأمطار، وثالثا: سوء إدارة الموارد المائية في ظل الوزارة السابقة".
وكشف المختص، أن "مناسيب العراق انخفضت ولم يتبق في الخزانات الرئيسية الثلاثة التي هي سدود (الموصل، دوكان، حديثة)، زائدا الاطلاق الحر أو الخزين الحر من بحيرة الثرثار سوى 9.5 مليار متر مكعب".
وتابع، "نتيجة لذلك، انخفضت مناسيب نهري دجلة والفرات وخاصة في مناطق الأهوار في الفرات، حيث انخفض إلى أقل من 58 سنتيم عن مستوى سطح البحر، ما تسبب بحدوث جفاف هائل للاهوار الرئيسية الثلاثة (الحويزة، الحمّار الغربي، الوسطى)".
وأوضح الأسدي، أن "نسبة الأضرار وصلت إلى حدود منخفضة جدا حوالي 8% ليس إلا، مقارنة بحوالي 98% في عام 2019 و 2020، حيث كانت هناك مياه كثيرة آتية عبر الرافدين والهضاب الإيرانية من الجانب الإيراني".
وعن الموسم الحالي بيّن الخبير، أن "الأمطار بدأت في كانون الأول، وارتفعت المناسيب رويدا رويدا، واكتفى الفلاحون وخاصة في منطقة وسط العراق بالأمطار، ونتيجة لذلك ذهبت المياه المطلقة من سدة الهندية على الفرات وسدة الكوت على دجلة نحو المنطقة الجنوبية، حيث غذّت الأهوار العراقية فضلا عن المياه القادمة من الهضب الإيرانية التي ذهبت إلى هور الحويزة وخاصة لأم النعاج".
وأشار إلى أن "منسوب الأغمار بلغ أقل من 18% وهذه نسبة صغيرة، لكن سكان الأهوار فرحوا بارتفاع المناسيب وعودة المياه والطيور ومربي الجاموس من كربلاء وبابل والكوت بعد أن هاجروا إليها سابقا، وكذلك ظهرت النباتات".
وأضاف الأسدي، "ما زال الخزن في السدود العراقية بائسا، فلا يوجد في سد حديثة سوى مليار ونصف متر مكعب، وسد دوكان ليس فيه سوى مليارين متر مكعب، وسد الموصل فيه أكثر من 3 مليارات و700 مليون متر مكعب".
وأكد، أن "هذا بحد ذاته فقر مائي وسيظهر جليا في الصيف المقبل، إن لم تكن هناك أمطار غزيرة ليس في ذنائب النهرين وإنما في أعاليهما، وذوبان الثلوج في الربيع المقبل لتغذي السدود والنهرين بالمياه".
ودعا المختص، الحكومة إلى "التصرف بحكمة في ملف المياه، ولا تطلق المزيد منها، على سبيل المثال من ناظم قلعة صالح في العمارة باتجاه شط العرب الذي يكفيه 70 متر مكعب في الثانية، وما زاد عن هذا المعدل يذهب إلى هور الحويزة عبر ناظم الكحلاء".
وأوضح، أنه "بالنتيجة تُعزّز مناسيب هور الحويزة لحين فصل الشتاء، وتُعزّز مناسيب هور الحمّار الغربي والأهوار الوسطى، على أقل تقدير يصل منسوب الفرات من 150 إلى 160 سنتيم، وبالتالي يتم تغذية الأهوار".
ولفت الخبير، إلى أن "التبخر العالي الذي سيحدث بالأهوار سينعكس بالنتيجة على وضع الأهوار المقبل، فإن رفع منسوب النهر أو الهور الآن سينخفض في الصيف، وعليه يجب رفع ما نقدر عليه لتفادي الانخفاض الحاد في مناسيب الأهوار ومناسيب نهر الفرات في منطقة الجبايش حيث مغذيات هور الحمّار الغربي والأهوار الوسطى".
وأعرب الأسدي في الختام عن أمله بـ"تحسن الاهوار والوضع البيئي لها، الذي هو رهن ليس فقط بالأمطار في منطقة الأهوار والمنطقة الجنوبية، بل رهن أيضا بإدارة المياه في أعالي النهر، وكذلك في السدود والخزانات الرئيسية، والحد من الإفراط في المياه ومن التفاؤل، وتنشيط إدارة الجفاف، لأن البلاد لا تزال تعاني منه في السدود الرئيسية".
وتقول وزارة الموارد المائية، إن الإطلاقات الناتجة عن سقوط الأمطار أثرت إيجاباً على الواقع البيئي والاحيائي للاهوار، وإن مياه الأمطار ساهمت بتحسين الواقع الاقتصادي لسكانها.