شفق نيوز/ تحدث نائب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق، غلام إسحق زي، عن أكبر التحديات التي تواجه البلد بسبب تغير المناخ.
وكتب غلام إسحق زي في مقال له: "عندما سافرت إلى بغداد منذ شهر لتولي مهمتي في العراق للمساعدة في تنسيق دعمنا للحكومة والشعب المحتاجين الدعم، كانت بلاد ما بين النهرين مختلفة تماما عما رأيته منذ عقدين عندما عملت في العراق لأول مرة، فالغبار يملأ الجو وتثيره الرياح الساخنة، وهناك مساحات شاسعة من الأراضي القاحلة تنتشر فيها أشجار النخيل العنيدة التي تكافح بصبر للصمود أمام عوامل الطبيعة..لم تكن تلك بلاد الرافدين التي وصفتها كتب التاريخ، أرض الحضارات. وعندما سألت العراقيين وغيرهم ممن أمضوا عدة سنوات هنا، قيل لي أن الأمر لم يكن هكذا من قبل. من..الواضح أن تغير المناخ قد أثر سلباً على هذا البلد".
وأضاف: "في سياق حياتي المهنية، زرت العديد من البلدان ورأيت العديد من المشاكل، لكن آثار تغير المناخ هنا هائلة، فهذه الأرض الجميلة والخصبة، المعروفة عبر التاريخ بالحضارات التي تنبت حول نهري دجلة والفرات العظيمين، تقف الآن على خط المواجهة أمام أزمة المناخ العالمية باعتبارها خامس أكثر البلدان ضعفا في العالم".
وأردف: "كنت أود أن أكون أكثر إيجابية في أول كلمة لي للجمهور العراقي، ولكن من الصعب إخفاء الواقع، ويجب أن أقول أننا لم نخسر كل شيء بعد، فهناك أمل في تغيير مجرى الأمور وعلى العراقيين أخذ زمام المبادرة".
واستطرد غلام إسحق زي في مقاله: "مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ "COP27" على قدم وساق في شرم الشيخ بمصر، من المهم النظر في القضايا والتحديات البيئية في العراق وما يجب القيام به حيالها. وسيستند مؤتمر "COP 27" على نتائج مؤتمر "COP26" ويستجيب لحالة الطوارئ المناخية العالمية الحادة، من جهود التخفيف التي تمس الحاجة إليها من أجل خفض انبعاثات غازات الدفيئة، إلى بناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، ويحتاج مؤتمر "COP27" إلى الوفاء بالتزاماته بتمويل العمل المناخي في البلدان النامية، بما في ذلك العراق، ويعتبر مؤتمر "COP27" فرصة مهمة لحكومات العالم للتمسك بالتزاماتها المناخية ومواصلة تطويرها (المساهمات المحددة وطنيا) مع نقل روح تغير المناخ والوعي به مرة أخرى إلى العراق".
وتابع: "نحن جميعا ندرك المشكلات هنا: الظواهر الجوية المتطرفة والتغيرات في أنماط المناخ مثل موجات الحر، والأمطار الغزيرة، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تقلب هطول الأمطار وعدم إمكانية التنبؤ به، والعواصف الرملية والترابية، وموجات الجفاف الطويلة، وتدهور الأراضي، والفيضانات، وندرة المياه".
وقال غلام إسحق زي: "في عام 2021 ، شهد العراق ثاني أكثر مواسمه جفافا منذ 40 عاما بسبب الانخفاض القياسي في هطول الأمطار، وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، انخفضت تدفقات المياه من نهري الفرات ودجلة، التي توفر ما يصل إلى 98% من المياه السطحية في العراق، بنسبة 30-40%، كما تجف الأهوار التاريخية في الجنوب، وهي إحدى عجائب التراث الطبيعي. وتتصاعد درجات الحرارة في العراق، حيث سجلت أعلى درجة حرارة بلغت حوالي 54 درجة مئوية في البصرة، ويعني انخفاض منسوب مياه الأنهار أن مياه البحر تندفع داخل الأراضي الجنوبية، مع تهديد الملوحة للزراعة. إن سبل عيش مجتمعات بأكملها وحتى وجودها على المحك، ولا يؤثر تغير المناخ في العراق على القطاع الزراعي فحسب، بل يمثل تهديدا خطيرا لحقوق الإنسان الأساسية ويضع عوائق أمام التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد".
وأوضح قائلا: "إن البيانات والعلم واضح، فبينما يؤثر تغير المناخ على العديد من البلدان، تبدأ بعض تدابير التخفيف من آثاره في الداخل. ويجب علينا أن نعمل الآن وأن نبدأ في التحرك نحو اقتصاد قادر على الصمود أمام تغير المناخ، مع معالجة التكيف والتخفيف على قدم المساواة. وتقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية حماية مستقبلنا المشترك والعمل معاً من أجل الصالح العام، ويمكننا أن نبدأ بخطوات ملموسة في منازلنا، فعلى كل فرد اتخاذ خيارات أفضل وأكثر مسؤولية حول ما يأكله وطريقة سفره وكيفية الحفاظ على المياه والكهرباء وما يقوم بشرائه".
وكتب غلام إسحق زي: "لا يزال هناك وقت لتغيير مجرى الأمور، ومع مساندة قادة العراق وشعبه للعمل المناخي، لدينا فرصة حقيقية لنترك عراقا أفضل للجيل القادم، ومن الأمور المشجعة أن العراق، إضافة إلى انضمامه لاتفاق بـريس، يقوم بدور رائد في ورقته الخضراء لتكريس التكيف مع المناخ في السياسة العامة، ونحن في الأمم المتحدة مستعدون لمساعدة حكومة العراق الجديدة على الوفاء بالتزاماتها المناخية من خلال الخطوات الملموسة والتنفيذ والحلول المنسقة والتواصل على كافة المستويات".