شفق نيوز/ على "طريق الموت" سريع بغداد كركوك، وتحديداً العظيم - أعتى معاقل تنظيم داعش سابقاً - لا يسمح عبق القهوة بمرور المسافرين إلا بالتوقف بين عشرات باعة القهوة الذين صفوا بضاعتهم بأنواعها، وعلى مدار 24 ساعة بلا كلل أو ملل.
حرارة الشمس تلقح تقاسيم وجوه الباعة الذين ارتسمت بوجههم تقاسيم الأرض التي يقفون عليها، والتي ارتبط اسمها في الكثير من حوادث السير اليومية التي بات طريقها ينعت بـ"طريق الموت".
وبعيداً عن عنوان الموت وحوادث السير، شهد العظيم (ناحية تابعة لمحافظة ديالى) أعتى تنظيماً إرهابياً عرفه العصر الحديث "داعش" والذي تسبب بقتل وجرح العشرات من أهالي المنطقة وغيرها.
وكالة شفق نيوز، التقت كيلان جمعة البياتي، الذي أشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة وتجاوزها الخمسين درجة لا يعني إيقاف العمل، مردفاً: "زبائننا هم سالكي طريق بغداد كركوك من مختلف القوميات والأديان وحتى جنسيات أجنبية يقفون لشراء القهوة التي تمتاز بها منطقة العظيم في محافظة ديالى".
وأضاف البياتي، أن "عملهم مستمر على مدار 24 ساعة ويتم إعداد القهوة التي تتألف من قهوة أمريكية وبرازيلية ومن أنواع أخرى ذات مناشئ عالمية، بالإضافة إلى خلطة من أجود الأنواع تتميز بها المنطقة وهي رقم واحد على مستوى العراق".
ولفت إلى أن "أنواعها تبدأ من القهوة المرة وتندرج بعدها القهوة المتوسطة والحلوة ومن ثم القهوة التي تحوي قطعة حلوى (الچكليتية)، وهذه الأنواع تباع على شكل أقداح صغيرة أو على شكل عبوه متوسطة الحجم، وبأسعار ألف دينار والمتوسط بخمسة آلاف دينار، والكبيرة بعشرة آلاف دينار".
بدوره، قال سعد ملا علي، إن "من عادات وتقاليد السفر من بغداد الى كركوك وبالعكس هو التوقف عند باعة القهوة حيث رائحتها لا تقاوم".
قهوة مميزة
من جانبه، ذكر البائع علي العزاوي، للوكالة، أن "العمل في بيع وتصنيع القهوة يحتاج إلى مهارة وليس كل من يقف على طريق بغداد كركوك يقوم بإعداد القهوة"، مستدركاً: "نحن نتعامل مع نوعيات محددة وذات جودة عالية من النقاوة حيث نقوم بشراء البن ومن ثم خلط أنواع محدده منه وهذه الخلطة ننفرد بها ونقوم بعد شرائها بوضعها على النار لغرض اكتساب حبة البن اللون الجوزي وتليها رفع حبات البن من وسط المقلاة ونضعها جانبا وبعد اعداد وتجاوز مرحلة تحميص حبات البن نقوم بطحنها لتكون جاهزة ونضع معها (مطيبات) تساعد على ان تكون الخلطة مميزة".
وتابع: "مردود عملنا جيد، ويتراوح بين (100-150) ألف دينار"، مردفاً: "هي أرزاق قسمها الله لنا ولزبائننا من جميع المحافظات العراقية وحتى الجنسيات الأجنبية مثل الصين ودول جنوب آسيا فضلاً عن البلدان العربية".
ونوه العزاوي، إلى أن "الدلة (قطعة مصنوعة من النحاس تتكون من فوهة وغطاء وتكون في الغالب ذات ارتفاعات مختلفة) وفيها تغلى القهوة، وعادة ما يكون غطاؤها مسطحاً، والمصفاة التي تكون لأكبر دلة، وفيها تجمع بقايا القهوة، كما تصفى بها القهوة، وأخيراً، المبهارة أو المزل، وهي الدلة التي تقدم بها القهوة للشرب".
وأشار إلى أن "عادات تقديم القهوة العربية أحد العناصر الحاضرة بقوة في جميع المناسبات الاجتماعية، مثل: خطبة العروس وجلسات الصلح والأفراح، إذ يتم تناول القهوة في طقوس معينة تشكل كل حركة فيها رمزًا له معنى".
وقد تحولت طريقة صب القهوة العربية وطقوسها إلى عادات شكلت تراثًا يمثل ثقافة العرب، كما تضمنت تلك الطقوس العديد من الأسرار، بالإضافة إلى قواعد تقديم القهوة العربية، والتي تعد من الأمور الحساسة بالنسبة للضيوف، الذين قد يغادرون مجلسك سريعًا في حال عدم التزامك بها.