شفق نيوز/ "ابتلينا على جلودنا".. بهذه العبارة يبدأ أبو ماهر الحربي حديثه لوكالة شفق نيوز" عن "إهمال 7 قرى شرقي صلاح الدين تابعة لقضاء طوز خورماتو لازالت مدمرة وبدون سكان على الرغم من انطواء صفحة داعش منذ 8 سنوات".. جملة الحربي توجز "البراءة "من تهم تمس بعض الأشخاص وهم ليسوا طرفاً فيها من قريب أو بعيد.
ويقطن الحربي (48 عاماً) في قرية "حليوة الصغيرة" شرقي طوز خرماتو الزراعية الواقعة على بعد 180 كيلومترا شمال العاصمة بغداد، حيث يعيش مع وزوجته وأولاده الأربعة في بيت عبارة عن هيكل من الإسمنت، انهار قسم منه خلال احتلال تنظيم داعش للقرية منذ عام 2014.
منزل الحربي "دمر بالكامل" من قبل (داعش) لكنه يقطن منزلاً داخل القرية ذاتها بسبب دمار منزله القديم، مبيناً أن "بعض السكان عادوا مضطرين الى قريتهم السابقة لأجل تامين قوتهم المعيشي عن طريق الزراعة في أماكن بعيدة عن القرية رغم الخطورة الأمنية وقرب المزارع من تحركات وتواجد عناصر داعش".
ويجمل الحربي معاناة سكان القرى المدمرة بـ"انعدام جميع الخدمات الأساسية وعدم وجود أي بوادر حكومية للاعمار او إعادة السكان النازحين من قراهم منذ سنوات عدة".
عوائل القرى بين التبرئة والاتهامات بدعم داعش
قصة القرى المهملة والمتشردة يرويها قائممقام قضاء طوز خرماتو حسن زين العابدين لوكالة شفق نيوز موضحاً أن " هناك 7 قرى شرقي الطوز أبرزها حليوة الكبيرة والصغيرة مدمرة بالكامل ابان الحرب مع داعش واحتلاله للقرى عام 2014 ولازالت مهملة وخالية من السكان باستثناء 10 – 12 عائلة تتواجد معتمدة على الزراعة البسيطة وتربية الأغنام".
ويضيف زين العابدين أن "8000 اسرة تقريبا نزحت من هذه القرى المدمرة شرقي الطوز الى كركوك بنسبة 95% والبقية توزعت في مناطق أخرى من ديالى وبغداد وإقليم كوردستان".
ويشير زين العابدين الى أن "غالبية القرى المدمرة (5 منها) مؤمنة بالكامل لكنها تنتظر اطلاق خطط الاعمار والخدمات لاعادة السكان الراغبين بالعودة على الرغم من تكيف الكثير من الأسر النازحة معيشياً في مناطق أخرى رافضين العودة الى قراهم في ظروفها ووضعها الحالي".
وعن تهم الإرهاب الموجهة لسكان القرى ينفي قائممقام الطوز "تعميم الاتهامات" ويؤكد ان" 98% من سكان القرى بعيدون عن أي صلة بالتنظيمات الإرهابية سواء التعاون او العمل معها".
من جهته يتهم مصدر مسؤول في طوز خرماتو طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة شفق نيوز "70% من سكان القرى المدمرة بالتعاون مع داعش وتأييده رغم الواقع المعاكس لرؤيته بتدمير جميع القرى بالكامل".
ويعزو المصدر رفض السكان العودة الى "تهديدات تنظيم داعش بتصفية او اختطاف الاسر العائدة خاصة القريبة من خطوط الصد والتماس التي تتواجد بها عناصر داعش"، لافتا الى "تلقي عدد من المختارين تهديدات بالقتل حال الشروع باي خطوات لاعادة الاسر النازحة".
ويوضح المصدر أن "على الرغم من الموانع الأمنية للعودة فان الظروف الخدمية غير مهيئة أيضا لاعادة النازحين وتطبيع الحياة عما كانت عليه قبيل غزو داعش عام 2014"، متهما بعض الاسر العائدة بـ"دفع اتاوات لعناصر داعش مقابل السماح لهم بممارسة النشاط الزراعي وتربية الحيوانات".
الحشد الشعبي يوضح موقفه
بدوره يوضح الحشد الشعبي، وبحسب الناطق الرسمي عن قيادة محور الشمال للحشد الشعبي علي هاشم الحسيني إن "القرى المدمرة بحاجة إلى خطط حكومية ومليارات الدنانير لإعادة إعمارها وإعادة سكانها النازحين"، مبينا ان "واجب الحشد حماية وتأمين المناطق والقرى بعد الإعمار وعودة النازحين".
ويكشف الحسيني وهو نائب رئيس مجلس طوزخرماتو السابق في حديث لوكالة شفق نيوز عن "تقديم طلبات كثيرة من ممثلي القرى المدمرة وهم أعضاء في المجلس المحلي الى الحكومة المحلية والاتحادية عام 2019 لإعادة إعمار القرى وتسريع إعادة سكانها".
ويبين المسؤول في الحشد قائلاً إن "ملف القرى المدمرة في ملعب الحكومة العراقية لحسمه بخطط إعمار ممولة من الموازنة الاتحادية مع إشراك صندوق الاعمار والمنظمات الدولية المعنية بهذا الملف"
تخوف النازحين
أحد النازحين من هذه القرى يبدي في حديث لوكالة شفق نيوز عن "مخاوفه من الانتقام الطائفي من جهات لم يسمها ترتاب الكثير من الأسر النازحة من العودة حتى لو هيئت الظروف الخدمية".
ويقول النازح الذي ارتأى تسميته بالحروف الأولى من إسمه ( م . ع) لدواعٍ أمنية "نخشى من العودة الى الدعاوى الكيدية والمداهمات وفرض إتاوات من جهات أمنية حكومية عن واردات الزراعة وتربية الحيوانات"، مبيناً أن "الكثير من سكان القرى النازحة ليس لديهم أوراقاً ثبوتية لتبييض صفحتهم من أي شبهات أمنية بسبب شكوك بانتمائهم لتنظيم داعش ما يجعلهم عرضة للاعتقال والابتزاز المستمر".
واحتل تنظيم داعش مناطق واسعة من أطراف قضاء طوزخورماتو وشرقي صلاح الدين الا ان القوات العراقية والحشد نجحوا بتحرير تلك المناطق دون إعادة الكثير من النازحين لأسباب متعددة.