شفق نيوز/ يقف محمود عباس أمام مجموعة من الكتب يتصفح عناوينها العلمية والأدبية وتلك التي تحمل قصصاً وعناوين الحب والشباب، ويتجول بينها مستذكراً "الأيام السوداء" التي مرت على أهالي قضاء الحويجة (55كم جنوب غربي كركوك).
ويتذكر عباس، وهو أحد سكان قضاء الحويجة ويعمل في مجال التعليم منذ العام 2015، عندما حول تنظيم داعش معهد الحويجة التقني إلى واحد من أكبر سجون التنظيم حيث كان يزج فيه أي شخص مخالف لتعاليم التنظيم وكذلك عناصره.
ويقول عباس في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "مشاهدة معارض الكتب والثقافة تنتشر في الحويجة بعد سنوات من سيطرة تنظيم داعش أمر مفرح واليوم نشاهد أول معرض للكتاب في المعهد التقني في قضاء الحويجة، هذا يعني أن الثقافة تمسح وتمحو ذاكرة أعتى تنظيم حول المعهد إلى سجن ومصنع لإعداد السيارات المفخخة وتصنيع العبوات والأحزمة الناسفة".
ويضيف "اليوم تحول هذا المكان إلى منبر علمي وثقافي، وها نحن نشهد تنظيم أول معرض للكتب فيه آلاف العناوين العلمية والثقافية والتاريخية وغيرها، إلى جانب ما تم تأليفه عما فعله التنظيم من إجرام والتي نراها هنا في أقسى وأعتى سجن للإرهاب العالمي حيث كان يُطلق على المعهد التقني (غوانتانامو داعش) لما حصل فيه من أعمال وحشية".
ويؤكد أن "الثقافة والعلم ينتصران اليوم على التطرف ويتحول سجن كان تحت سيطرة التنظيم إلى مركز لتعليم الطلبة ومعارض للكتب والرسوم وهذه حقيقة رسالة مهمة للعالم مفادها أن الكتاب والكلمة والثقافة تنتصر على التطرف".
وكانت محافظة كركوك قد أعلنت في وقت سابق عن تخصيص 17 مليون دولار لإعادة إعمار المعهد التقني في قضاء الحويجة والذي سينفذه صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية في العراق.
وتعرض المعهد لضربات جوية عديدة إبان سيطرة تنظيم داعش على القضاء في العام 2014، ومنها الضربة الفرنسية التي أعلنت عنها الحكومة الفرنسية عبر رئيسها السابق، بقوله "تمتدمير مقر كبير لداعش في الحويجة".
ويوضح رئيس اتحاد أدباء وكتاب كركوك محمد خضر الحمداني، لوكالة شفق نيوز، إن "هذا أول معرض للكتاب أقيم في قضاء الحويجة وبرعاية رئاسة الجامعة التقنية الشمالية وبمشاركة اتحاد الأدباء والكتاب في كركوك، ويستمر إلى نهاية الأسبوع وتم عرض إصدارات أدباء وكتاب كركوك وأدباء العراق، وشاركت في المعرض عدة دور نشر عراقية، واليوم وغداً الأربعاء يتم توقيع ثلاثة لأدباء كركوك في بناية الكلية".
ويشير إلى أن "المعرض من حيث المعاني يعتبر خطوة مهمة لدعم ونشر ثقافة القراءة والمطالعة وتعزيز دور الشباب في أهمية الكتاب والثقافة لبناء ودعم المجتمعات التي عانت من سيطرة التطرف للفترة الماضية ونشر ثقافة".
من جهته، يرى عدنان الجبوري، أحد مثقفيّ قضاء الحويجة، لوكالة شفق نيوز، أن "إقامة أول معرض في قلب قضاء الحويجة يعتبر رسالة مهمة بأن الثقافة والكتاب والوعي هو ما يبقى ويعزز التعايش السلمي وينبذ أفكار التطرف ويقضي عليها وهي دعوة للحكومة إلى الاهتمام بالثقافة والكتاب".
ويلفت إلى أن "المعهد التقني في الحويجة كان قد شهد تعرض لأكثر من ضربة جوية من قبل التحالف الدولي وكانت أشدها التي نفذها الطيران الفرنسي والذي دمر أحد أكبر سجون التنظيم الذي أقامه في المعهد في العام 2015 وقتل فيها قادة بارزون في التنظيم ومحتجزين في سجون التنظيم الإرهابي".
ويقع قضاء الحويجة جنوب غربي كركوك، وتعرض لسيطرة تنظيم داعش في حزيران/ يونيو من العام 2014، وتمكنت القوات العراقية الاتحادية من استعادة السيطرة عليه في تشرين الأول/ نوفمبر عام 2017.