شفق نيوز/ استغرق الأمر من أبي حيدر وأقربائه عدة ساعات لنبش قبر ابن أخيه واستخراج رفاته من مقبرة أُقيمت خصيصا لضحايا مرض كوفيد-19 في مدينة النجف بجنوب العراق.
وعندما انتهوا كفنوا الرفات في رداء أبيض ووضعوه في الصندوق الخلفي لشاحنة صغيرة وانطلقوا به ليواروه الثرى مجددا في مقبرة (وادي السلام) القديمة بمدينة النجف أيضا، وهي المدفن التقليدي للشيعة في العراق.
وبفعله هذا لم يخفف أبو حيدر فقط من إحساسه بالألم لفقد أحد أفراد أسرته بسبب جائحة فيروس كورونا الذي أصاب ما يقرب من 300 ألف عراقي وأودى بحياة أكثر من 8000. فقد تحدى فتوى لزعماء دينيين يعتبرون المقبرة الجديدة مكان دفن شرعي.
وينتقد رشيد الحسيني، وكيل المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني، من ينبشون القبور وينقلون الرفات.
وقال إن موقف الفقه هو لا يجوز نبش قبر المسلم وهذه مسألة واضحة “في مواقعهم وفي كتبهم”.
وأوضح أبو حيدر أنه لم يكن أمامه خيار غير مخالفة الفتوى.
وأضاف بعد أن قطع مسافة أكثر من 300 كيلومتر بالسيارة من محافظة ميسان في شرق العراق لنقل رفات ابن أخيه “لا شُفنا موتانا، الضحايا مال كورونا، لا شفناهم، يعني لا خلونا نوصلهم، القبر نفسيته دافنيه يعني عشوائي”، وفق ما نقلت عنه رويترز.
والمقبرة القديمة لهم فيها مكان مخصص يُدفن فيه أفراد من العائلة منذ أجيال.
وبعد تفشي الجائحة في العراق رفضت بعض العشائر والمرجعيات الدينية في مناطق مختلفة بالبلاد دفن ضحايا فيروس كورونا في مقابر محلية خشية أن تكون الجثث ناقلة للعدوى.
وقال عبد الحسن كاظم رئيس فريق الدفن المؤلف من متطوعين من جماعة شبه عسكرية ترعاها الدولة في يونيو حزيران إن ذلك هو السبب الرئيسي وراء إقامة مقبرة خاصة لضحايا كوفيد-19.
ووري الثرى في المقبرة الجديدة بالنجف حتى الآن ما يربو على أربعة آلاف جثمان لأناس من ضحايا مرض كوفيد-19 ينتمون لطوائف دينية مختلفة بالبلاد.
وفي الأشهر الأولى، كانت عمليات الدفن تتم غالبا في منتصف الليل دون أن يُسمح سوى لفرد واحد فقط من عائلة الضحية بالحضور. وشعر كثيرون من أقارب ضحايا كوفيد-19 أنهم لم يتمكنوا من توديع موتاهم بشكل لائق.
وبعد صدور إرشادات من منظمة الصحة العالمية بأن خطر الإصابة بعد الوفاة يبدو منخفضا، أصدرت السلطات الصحية العراقية الأسبوع الماضي بيانا تسمح فيه للعائلات بإعادة دفن جثث المتوفين بشروط معينة.
وعلى الرغم من معارضة المرجع الشيعي الأعلى، نقلت عشرات العائلات رفات أقاربها من المقبرة الجديدة إلى القديمة على أمل ألا تضطر أبدا إلى أن تطأ أقدام أبنائها مجددا ما يسمونها “مقبرة فيروس كورونا”.