شفق نيوز/ من بين المخلفات الحربية والنفسية التي تركها تنظيم داعش، ومن تحت أنقاض المنازل والمباني المهدمة في مدينة الموصل، ينبعث أمل بحياة جديدة على يد فريق تطوعي من الشباب الموصليين وبإمكانيات بسيطة لإعادة إحياء المحال والأسواق التي دمرتها التفجيرات والمعارك.
بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات ما زالت مدينة الموصل القديمة وكأنها خرجت لتوها من حرب التحرير، فالكثير من الأزقة والمحال التجارية والأسواق ما زالت متداعية أو مهدمة بالكامل، ولم يثمر انتظار الحلول الحكومية عن شيء، مما دفع بمجموعة من الشباب إلى إطلاق مبادرة "خلوها أجمل" لمساعدة ذوي المهن على العودة إلى محالهم، والعاطلين عن العمل إلى فتح مشاريع تؤمن لهم لقمة العيش.
العودة إلى الحياة
حسين السراج رجل أربعيني، من ذوي الاحتياجات الخاصة، يسكن محلة جامع النوري الكبير، يقول لمراسل وكالة شفق نيوز، إن الحياة عادت إليه مجدداً بفضل الفريق التطوعي بعد أن حصل على منحة مالية ساهمت في شراء محل له وتجهيزه بالمواد الغذائية ليبدأ حياة جديدة بعيداً عن ذكريات المعارك التي عاشها وهو حبيس المنزل طوال فترة تحرير المدينة من تنظيم داعش.
ويؤكد السراج "لقد قدم ليّ الشباب جرعة أمل بعد أن سيطرت عليّ الكآبة، أما اليوم فأنا في حال مختلف، أخرج من المنزل صباح كل يوم مثل أي رجل يذهب إلى عمله وقد نسيت كلمة معاق واليوم أنا أعيل أسرتي من تعبي ومجهودي بسبب ما قدمه الشباب لي من مساعدة حققت فرقاً كبيراً في حياتي".
سنوات من البطالة
أما حازم محمود، وهو خياط من المستفيدين من هذه الحملة، يقول لوكالة شفق نيوز، إنه لم يزاول مهنته مع احتلال تنظيم داعش للمدينة.
ويضيف "أنتظر بفارغ الصبر عودة باقي رفاقي وجيراني من الخياطين والنقاشين وأصحاب محال بيع الأقمشة. اليوم بدأت حياتي تستقر مع عودتي لمهنتي التي خسرتها لأربع سنوات متتالية".
وتابع محمود "ما من كلمات تعبر عن امتناني لشباب المدينة ولا يسعني إلا أن أشكرهم على ما قاموا به لمساعدتي في إعادة تأهيل المحل ودفع الإيجار بالإضافة إلى شراء ماكنة خياطة واقمشة أيضاً واليوم أنا أعمل بفضلهم".
فريق "خلوها أجمل"
يقول محمد مسعود، وهو مسؤول فريق "خلوها أجمل التطوعي"، في حديثه لوكالة شفق نيوز، إنهم انطلقوا بهذه الحملة لإعادة إعمار المحال التجارية في الشوارع المهمة من المدينة القديمة بهدف نفض غبار الحرب عنها، ومساعدة سكان هذه المناطق على العودة إلى حياتهم الطبيعية.
ويرى مسعود أهمية كبيرة لهذا المشروع خصوصاً بعد أن نجحت تجربتهم الأولى عندما قاموا بإعمار أكثر من 20 محلا بتبرعات من سكان المدينة، مضيفاً "في حينها كان اسم الحملة (أبواب رزق) وتهدف لإعادة إعمار المحال وتجهيزها بالمواد من أجل عودة أصحابها إليها".
ومن الأمور المهمة التي يراها مسعود في هذا المشروع واختلافه عن باقي المشاريع، فهو يوفر مصدر رزق دائم حيث يستغل التمويل بطريقة صحيحة بدلاً من إنفاق الأموال على المساعدات الوقتية التي تنفذ بعد شهر أو شهرين ويبقى الشخص عاطلاً عن العمل وأسرته تعيش العوز.
وكشف مسعود أنهم يستعدون لحملة أخرى لإعمار وجبة جديدة من المحال والأسواق بعد أن اقتربوا من إعمار نحو 70 محلاً في الوجبة الأولى، مرجحاً أن تتضمن الوجبة الثانية إعمار 100 محل تجاري.
وختم بالقول "لقد بدأنا نقطف ثمار النجاح في هذه الحملة فقد عاد الخياط والنجار وأصحاب محال الأقمشة ونسعى إلى إعادة جميع أصحاب المحال لكي تعود أسواق في الموصل القديمة مجدداً إلى ما كانت عليه قبل عام 2014 والحفاظ على هويتها وطبيعة الحياة فيها".
أزمة التخصيصات
يقول محافظ نينوى نجم الجبوري، لمراسل وكالة شفق نيوز، إنهم نجحوا بتخصيص 27 مليار دينار فقط لتعويض المتضررين من العمليات العسكرية في موازنة عام 2021، مبيناً أن هذا المبلغ يكفي لقرابة 7000 معاملة.
فيما يقول مدير سكرتارية اللجنة الفرعية للتعويضات، محمد عكلة، ، إن عدد المعاملات المنجزة للمتضررين تجاوز 50 ألف معاملة ينتظر اصحابها التخصيص المالي، فيما لا يزال هنالك آلاف المعاملات يتم العمل على إنجازها، وهذه المعاملات تخص الأملاك والعقارات والعجلات.
وفي آخر إحصائية نشرتها الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب في الموصل، قالت إن ما يقارب 11 ألف وحدة سكنية تضررت أبان الحرب على داعش.