شفق نيوز/ تناولت شبكة "بي. بي. سي" البريطانية، يوم الخميس، حملة إلكترونية أطلقها ناشطون عراقيون مناهضة لفرض الحجاب القسري على الفتيات في المدارس.
وذكرت الشبكة ان هاشتاك "#لاللتحجيبالقسري" تصدر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بعد تنامي الحديث عن فرض الحجاب على تلميذات المدارس.
الحجاب حرية شخصية
وأطلقت ناشطات نسويّات حملة احتجاج تطالب بإصدار قرار رسمي من وزارة التربية يمنع "فرض الحجاب كشرط للقبول الدراسي" ومعاقبة كل من يفرضه.
وقد تحدثت مدونة "بي بي سي ترند" مع الإعلامية العراقية والكاتبة النسوية هبة النائب، التي قالت إن الهدف من الحملة "مراعاة آراء وقناعات الناس وتقبل الفئات المختلفة في المجتمع العراقي".
وأضافت أن "الحجاب حرية شخصية ومن المفترض أن المدارس تعلم وتربي على الأخلاق واحترام حقوق الآخرين بمختلف توجهاتهم الدينية والثقافية لا العكس".
واعتبرت النائب أن "تزايد عدد حالات فرض الحجاب على طالبات المدرس، وعدم تدخل وزارة التربية والتعليم لمنع فرض الحجاب القسري عليهن دفع كثيرين إلى رفع الصوت عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وتقول هبة النائب إن المرأة العراقية أكدت من خلال هذه الحملة "رفضها التدخل القسري الذي يمارس على الفتيات وإجبارهن على اتباع سياسات ورموز ذكورية تهدف إلى إلغاء شخصيتها وقرارها في ارتداء ما يليق بها".
وتابعت بالقول: "إن هذه السياسة جاءت من اجتهاد شخصي لبعض المدرسين أو المديرين لأنهم يتبعون أحزابا إسلامية تعمل على قولبة النساء تحت إطار محدد كي تتم السيطرة عليهن وتمرير ذكوريتهم عن طريق فرض هذه الأفعال".
ورفضت النائب ما وصفتها بـ"الممارسات الممنهجة على المرأة العراقية واستخدامها كأداة لتحقيق مصالح ذكورية شخصية"، مؤكدة على "نضالها في هذا المجال لنصرة النساء العراقيات".
فريق "النساء للنساء"
وفي حديثنا إلى فريق "النساء للنساء" مطلق حملة "#لاللتحجيبالقسري" متمثلا في مديرته دينا الأيوبي، فقد أكدت الناشطة النسوية بحقوق المرأة والطفل، أن "الحملة بدأت بعد تلقي ناشطات نسويات في حقوق المرأة، عددا كبيرا من الشكاوى بخصوص فرض الحجاب القسري من قبل إدارة المدارس والتهديد والوعيد في حال عدم الالتزام بإرتدائه".
وأضافت أن ذلك يتم "إما بالنقل إلى مدرسة أخرى أو بالتعدي على الطالبات بالعنف اللفظي والنفسي والجسدي أو بإجبارهن على ممارسة أعمال تنظيف أو فصل بالغياب أو خصم درجات من تقديرهن الدراسي".
وبحسب الأيوبي، فقد أنشأ الفريق استبيانا بخصوص "تحجيب الفتيات القسري في المدارس" بغرض إجراء تعداد لهذه المدارس المخالفة للقانون، وإنشاء حملة ضد فرض الحجاب القسري في المدارس على الأطفال من الإناث".
وعندما سألنا دينا الأيوبي عن أهداف الحملة، قالت إنها "تطالب بإصدار قرار رسمي من وزارة التربية العراقية بمنع فرض الحجاب القسري كشرط للقبول الدراسي ومعاقبة كل من يفرضه، محاسبة كل من عنف لفظياً أو جسديا أو أساء بحق الطالبات أو الطلاب، عمل استبيانات واقعية على المؤسسات التعليمية والجامعات بشكل دوري، وضرورة مشاركة لجنة حقوق الإنسان في وزارة التربية والتعليم والمنظمات الحقوقية، والعمل على إيجاد حلول جذرية، وليست ترقيعية، للنهوض بالواقع التربوي والتعليمي".
كما نوهت الأيوبي إلى أنه "لا يوجد أي نص قانوني، يعطي الحق للمؤسسات التعليمية في فرض الحجاب"، وأنه في حال تم فرضه من قبل إدارة المدرسة "يجب القيام بشكوى ضد هذه المدرسة إلى وزارة التربية أو رفع دعوى قضائية لكون هذا التصرف مخالفا للدستور".
وأشارت الأيوبي إلى أن وزارة التربية قد أوضحت في وقت سابق "أنه لا يوجد أي تعميم منها بفرض الحجاب كشرط للقبول الدراسي".
كما أوضحت أن الحملة كان لها حساب على موقع إنستاغرام، لكنه أغلق بعد أن سجل عدد كبير من معارضي الحملة شكاوى ضده لدى إدارة الموقع.
"تمييز جندري"
وقد أعربت ناشطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رأيهن في أن "فرض الحجاب هو من مظاهر التمييز الجندري وفرض السلطة الأبوية" على حد وصفهن.
كما نشرت مغردات نماذج من تجاربهن الشخصية في المدارس.
لكن لم تكن كل ردود الفعل عبر مواقع التواصل مؤيدة للحملة، فقد دافع كثيرون في الجهة الأخرى عن ارتداء الحجاب وفرضه في المدارس العراقية.
ويعود ذلك لحساسية قضية ارتداء الحجاب أو خلعه لدى المجتمع العراقي بحكم عاداته وتقاليده، إضافة إلى الموروثات الدينية.
مقطع فيديو مضلل
وفي إطار سعي مؤيدي الحملة للترويج لها، وقع بعضهم في خطأ نشر مقطع فيديو مضلل، قالوا إنه يظهر "أستاذا في إحدى المدارس وهو يضرب الطالبات اللواتي لا يضعن الحجاب، وأن سنهنّ لم يتجاوز العاشرة".
وقد انتشر هذا الزعم بشكل واسع، وتناقلته كثير من وسائل الإعلام المحلية دون تدقيق، وقالت إنه من أسباب شن الحملة.
وقد أكدت دينا رعد الأيوبي، وهي إحدى المشرفات على الحملة، أنه لا علاقة لذلك الفيديو بالحملة وأنه لم يصور في العراق.
وحقيقة الأمر أن هذا الفيديو قد صور في الهند ونشر عبر موقع تويتر في 28 نيسان/ أبريل 2019.
وكانت وزارة التربية العراقية، قد نفت في الثاني من شباط/ فبراير الماضي إصدار أي تعميم رسمي يشدد على ارتداء الطالبات للحجاب في المدارس، وأكدت أن ذلك ليس من اختصاصها.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة حيدر فاروق السعدون في تصريح صحفي، إن "الوزارة لم توجه أي إعمام أو كتاب رسمي إلى الإدارات المدرسية يتعلق بإجبار الطالبات على ارتداء الحجاب، "هذا الأمر يندرج ضمن الحرية الشخصية للطالبات وأهاليهن، إدارات المدارس تأخذ على عاتقها تحديد الزي المدرسي فقط، بشرط أن يكون مناسبا لذوق الطلبة وليس فرضه بالإكراه".
وتابع "أما فرض ارتداء الحجاب فليس من اختصاص وزارة التربية، ولا تملك الحق بإجبار الطالبات على ارتدائه أو خلعه، وفي حال وجهت إحدى المدارس بذلك فلا يعدو كونه توجيها داخليا".
الطفلة "سما الموصلية"
وقد استذكر كثير من مستخدمي مواقع التواصل في العراق قضية الطفلة سماء، التي أثارت وفاتها جدلا كبيرا في العراق في الثاني من شباط/ فبراير الماضي، وكانت ذلك سببا في إصدار بيان وزارة التعليم.
وكانت وسائل إعلام محلية قد أشارت إلى أن الطالبة ماتت أثناء تأدية امتحانات نصف السنة، نتيجة تعرضها لنزيف إثر "طردها من المدرسة لعدم ارتدائها الحجاب".
وكانت شرطة محافظة نينوى قد أعلنت وقتها نتائج التحقيق الأولية بحادثة وفاة الطفلة "سما"، مشيرة إلى أنها "لم تُطرد من داخل قاعة الامتحان"، كما عزت سبب الوفاة إلى "مرض في القلب".
كما نقلت وكالة الأنباء العراقية في وقتها عن مدير عام صحة نينوى فلاح الطائي، أنه "حسب التعليمات الخاصة في الامتحانات يتوجب على التلاميذ ارتداء الكمامة"، لافتا الى أن "المديرة طلبت من التلميذة التي توفت أن ترتدي كمامة، وعند عودتها إلى المنزل قام عمها باصطحابها إلى المدرسة وأثناء الطريق قد توفيت".
وفي وقت سابق، وجه وزير التربية علي حميد الدليمي، بالمتابعة العاجلة لحادثة وفاة الطفلة الموصلية والوقوف على حيثيات الموضوع. ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن بيان الوزارة أن "الدليمي أجرى اتصالاً هاتفيا مع عائلة الفقيدة التلميذة "سما الموصلية" إحدى تلميذات مدرسة أغادير للبنات التابعة لتربية نينوى، ووجه بالمتابعة العاجلة لحادثة وفاتها والوقوف على حيثيات الموضوع".
وكان مدير عام تربية نينوى، عبد الرحمن هاني الدباغ، قد أشار في تصريح تلفزيوني أنه "اتخذ الإجراءات اللازمة فورا للوقوف على تفاصيل الحادث".
لكن البعض شكك في أن تكون وفاة الطفلة ناتجة عن مرض في القلب.
واستند البعض في تسريبات، لم تتضح مصادرها، إلى أن سبب الوفاة في التقرير الطبي الأولي "توسع كبير في الشرايين نتيجة نوبة من الهلع تعرضت لها سما".
وفي وقت لاحق، ألقي القبض على مديرة المدرسة، قبل أن يفرج عنها بكفالة بعد تنازل والد الطفلة سما.
فقد قرر ولي أمر التلميذة المتوفية "سما محمد راغب" التنازل عن الشكوى القضائية المسجلة ضد مدرسة "الأغادير" في مدينة الموصل بمركز محافظة نينوى، وقال إنه "ليس من شيمنا إقامة الدعاوى ضد النساء".
ونقلت وسائل إعلام محلية أن "قاضي تحقيق محكمة الموصل/ الجانب الأيمن (أشرف العبادي) أخلى سبيل مديرة مدرسة الأغادير بكفالة مالية قدرها 10 ملايين دينار عراقي وفق المادة 411 ق. ع بعد تنازل المدعي بالحق الشخصي والد الضحية".
وقد أطلقت وزارة التعليم اسم التلميذة الراحلة "سما محمد" على أحد مدارس الموصل، وشهد الإعلان الأستاذ عبدالرحمن هاني الدباغ، مدير عام تربية نينوى، ومحمد راغب والد الطفلة.