شفق نيوز / كشف المرصد العراقي لحقوق الانسان، يوم الثلاثاء، عن تدني حرية الصحافة في العراق مع "اعتقال وقتل وتغييب" المئات منهم ومداهمة واغلاق مقرات إعلامية، وفيما بيّن أن احزاباً وسلطات وجماعات متشددة تضيق على الحريات الصحفية وتعمل على "اسكات الصحفيين"، انتقد الصحفيون ما يصفوه بـ"اهمال" السلطات للقيام بواجباتها تجاههم، فيما جدد المرصد مطالبته بتشريع (قانوني حرية التعبير وحق الحصول على المعلومة)، بـ"أسرع وقت ممكن"
وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان في تقرير أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة واطلعت عليه شفق نيوز، إن "حرية الصحافة في العراق أدنى بكثير مما يجب أن تكون عليه في بلد رفع شعار الديمقراطية منذ نحو 20 عاماً، ويكفل دستوره حق التعبير عن الرأي ويلزم السلطات بحمايته".
وأضاف المرصد أن "منذ 2003 وصولاً إلى اليوم، سُجلت المئات من حالات قتل الصحفيين والإعلاميين وملاحقتهم واعتقالهم وحتى تغييبهم، وكذلك مداهمة مقرات وسائل إعلام وإغلاق بعضها لأسباب تتعلق بنوع تغطياتها وخطها التحريري.
ووفقا للمرصد فقد "تم تأشير منذ الثالث من آيار/مايو 2021 إلى الثاني من آيار/مايو 2022 تنامياً في نفوذ الأطراف التي لديها مصلحة في معاداة حرية التعبير وتقويض مساحة العمل الصحفي في العراق.
ونقل المرصد عن صحفيين وبينهم ضحايا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 أيار/مايو)، إن "السلطات والأحزاب النافذة وجماعات متشددة تضيق على الحريات الصحفية والتعبير عن الرأي ولم تتوّرع عن فعل أي شيء لإسكات الصحفيين وردعهم عن البحث في قضايا عديدة مثل الفساد وإساءة استخدام موارد الدولة واستغلالها لمصالح ضيّقة وكذلك تغييب المعارضين وتغطية الاحتجاجات الشعبية وغيرها من المسائل".
وبيّن المرصد ان "السلطات أساءت استخدام القانون سواءً عند اعتقالها للصحفيين خلال العام الماضي في الشوارع أثناء عملهم الميداني أو في أماكن سكنهم، ولم تلتزم بإبلاغهم لاستدعاء أعضائها المشكو منهم إلى المحاكم كمسار أول قبل إحضارهم بالقوّة".
كما انتقد الصحفيون ما يصفونه بـ"إهمال السلطات التام وتراخيها في القيام بواجباتها إزاء حوادث إطلاق النار على الصحفيين ومضايقتهم وملاحقتهم وتهديدهم من قبل مسلحين يعتقد أنهم تابعون لجهات متنفذة وأحزاب سياسية حاكمة وفصائل مسلحة، رغم وجود ما يمكن اعتباره أدلة تقود إلى الفاعلين".
واضطر عشرات الصحفيين إلى الهجرة من جنوب ووسط العراق إلى إقليم كوردستان أو إلى بلدان أخرى إثر تهديدهم وملاحقتهم وما تعرض له زملاؤهم، فيما يشكو هؤلاء الصحفيون خلال إفاداتهم للمرصد العراقي لحقوق الإنسان، من "كثرة وتشابك الخطوط الحمراء التي إن تجاوزوها، إما سيُقتلوا أو يُهددوا".
وطالب المرصد البرلمان في دورته الخامسة الجديدة بـ"تحرير قانوني حرية التعبير وحق الحصول على المعلومة من أدراجه وتشريعه لتأسيس أجواء مناسبة للصحافة في العراق، لكن دون جدوى حتى الآن"، مؤكدا ان "من دون هذين القانونين وكذلك من دون التزام السلطات بواجباتها القانونية والدستورية فإن العراق سيبقى قابعاً في ذيل التقارير الدولية التي تحترم الحريات الصحفية وحق الرأي".
وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، جدد المرصد مطالبته بتشريعهما (قانون حرية التعبير وحق الحصول على المعلومة)، بـ"أسرع وقت ممكن"، كما دعا السلطات المعنية إلى "ضمان أمن الصحفيين ووسائل الإعلام واتباع السبل القانونية في استدعائهم لمراكز الشرطة أو المحاكم في حال ارتكابهم مخالفات مرتبطة بعملهم من خلال إبلاغهم بضرورة الحضور إلى هذه المرافق وعدم اعتقالهم من منازلهم أو من الشوارع".
وشدد المرصد كذلك على" ضرورة تعديل فقرات في قانون العقوبات العراقي النافذ والتي تضيّق على حريات الصحافة وتمكّن المتنفذين من استغلالها ضدّ الصحفيين"، مبينا أن "فقرات في قانون العقوبات العراقي لسنة 1969، تتيح تغريم وسجن وحتى إعدام من يدان بجملة قضايا كـ(إهانة) رئيس الجمهورية أو البرلمان أو الحكومة، كما يفرض هذا القانون عقوبة السجن 7 سنوات على من "يهين" المحاكم أو القوات المسلحة أو السلطات العامة أو الوكالات والهيئات الحكومية. وهذه مصطلحات مطاطية تسمح لتكون مقيداً لحرية التعبير.
وبحسب المرصد، فإن خبراء القانون الذين تحدثوا إلى المرصد العراقي لحقوق الإنسان يؤشرون ، "وجود تعارض بين تلك الفقرات من قانون العقوبات الذي وضعته قبل عقود، حكومات ميّالة لتقييد حرية التعبير والتنكيل بمعارضيها وأي شخص يتعرض لها بالنقد وحتى إعدامهم بعد محاكمات صورية، وبين الدستور النافذ الذي يكفل حرية التعبير".
وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان، "أهمية عدم تقييد حرية الصحافة في العراق، واحترام العاملين في القطاع الصحفي واحترام حرية الرأي والتعبير عنه، فالأنظمة الديموقراطية لا تُبنى من دون حرية صحافة".